فيما يجتمع التحالف الوطني العراقي quot;الشيعيquot; اليوم الجمعة للاتفاق على موقف موحد من مطالبة كتل سياسية له بترشيح بديل من رئيس الوزراء تمهيدًا لسحب الثقة منه، هددت الحكومات المحلية في محافظات الوسط والجنوب العراقي، والتي ينتمي غالبية اعضائها الى ائتلاف المالكي، بالتحول الىاقاليم في حال تقرر تغييره، بينما دعا الاتحاد الكردستاني بزعامة الرئيس طالباني الى الاستعداد لأي احتمال قد يطغى في النهاية على المشهد السياسي الحالي.


ستعقد قيادات التحالف الشيعي الحاكم اليوم اجتماعًا في منزل رئيسه في بغداد ابراهيم الجعفري لبحث الأزمة السياسية في البلاد واتخاذ موقف من مطالب قوى سياسية له بترشيح بديل من رئيس الوزراء نوري المالكي تمهيدًا لسحب الثقة منه. وسيناقش التحالف آخر التطورات على الساحة السياسية والاجراءات اللازمة لانهاء الأزمة السياسية الراهنة في البلاد.

وقد بحث الجعفري مع المالكي خلال الساعات الاخيرة quot;في أبرز مستجدات المشهد السياسي الراهن والتأكيد على الخروج بحلول ناجعة وحل الخلافات من خلال الحوار الهادف والبناء بين جميع الكتل السياسية الوطنيةquot;، كما قال بيان رسمي تسلمته quot;إيلافquot;.

ومن جهته ،أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن المرشح البديل من المالكي في حال سحب الثقة منه سيكون من التحالف الوطني تحديدًا. وأضاف في رد على سؤال من أحد اتباعه عن امكانية أن يكون البديل من المالكي في حال سحب الثقة عنه من التحالف الوطني أن quot;المرشح من التحالف الوطني أمر تسالم عليه الجميع ويعمل عليه كل الاطرافquot;.

ونفى الصدر ما تردد عن تراجعه عن سحب الثقة من رئيس الوزراء، وشدد على أنه لن يحيد عن مسألة سحب الثقة خصوصًا بعد رفض حزب الدعوة الاسلامية بزعامة المالكي جميع الاصلاحات المطلوبة.

ودعا الصدر اليوم الجمعة إلى إجراء استفتاء شعبي لسحب الثقة من المالكي، وقال ردًا على سؤال لأحد أتباعه بشأن إجراء استفتاء شعبي quot;إذا ضمنا أن يكون بشروط فنعمquot;، موضحًا أن quot;الشروط هي أن يكون هذا الاستفتاءلكل العراقيين لا أن يقتصر على فئة واحدة ويكون بمشاركة جميع الجهات الرسمية والشعبيةquot;.

وأكد الصدر على ضرورة أن quot;تشرف جهة مستقلة نزيهة ولا سيما الحيادي من منظمات المجتمع المدني على الاستفتاء، وبأجواء أمنية تحت رعاية الجيش والشرطةquot;... مشيرًا إلى أهمية quot;التثقيف لذلك الاستفتاء لا ضدهquot;. وكشف عن تقديمه تعهدًا لشركائه السياسيين quot;أن يكون المتمم لـ 164 صوتًاquot; والمطلوبة لسحب الثقة لو تمكنوا من الحصول على 124 صوتًا.

وفي هذا المجال أكدت المتحدثة باسم القائمة العراقية النائبة ميسون الدملوجي إن القائمة حصلت على تأييد أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب لتقديم طلب سحب الثقة ودعت الرئيس جلال طالباني إلى تقديم طلب إلى مجلس النواب لسحب الثقة من المالكي استجابة لطلب النواب الموقعين. وأبدت الدملوجي تفاؤلاً بشأن موقف المجلس الأعلى الإسلامي من القضية.

لكن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي رد بالقول إن الحديث عن جمع تواقيع من النواب وتسليمها الى رئيس الجمهورية لسحب الثقة من الحكومة مخالف للدستور على اعتبار أن عملية سحب الثقة تتم بطلب من رئيس الجمهورية وليس العكس.

وكان طالباني قد اشترط الاربعاء الماضي، عقب اجتماع في منتجع دوكان في محافظة السليمانية الشمالية للقوى السياسية المناهضة للمالكي، لتقديم طلب الى مجلس النواب بسحب الثقة من الحكومة تقديمها قائمة مكتوبة بأسماء 164 نائبًا يلتزمون بالتصويت لصالح هذا الاجراء. وشارك في الاجتماع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم القائمة العراقية اياد علاوي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ورئيس جبهة الحوار الوطني والقيادي في القائمة العراقية صالح المطلك، وكذلك مصطفى اليعقوبي والوفد المرافق له الممثل للصدر، رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي والنائب المستقل صباح الساعدي.

واذا ما نجح خصوم المالكي في جمع الاصوات المطلوبة، فإن طالباني سيدعو الى جلسة برلمانية طارئة تاركًا للنواب تقرير مصير سحب الثقة. ويتمتع البرلمان حاليًا بعطلة تشريعية ولن يعود الى جلساته الاعتيادية الا في الرابع عشر من الشهر المقبل، ولذلك ستكون جلسة التصويت طارئة.

وكان الصدر قد بعث برسالة الى التحالف الوطني باسم القادة الذين اجتمعوا في مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان في 28 نيسان (ابريل) الماضي، وهم الرئيس طالباني ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس القائمة العراقية اياد علاوي، تضمنت تسع نقاط من بينها الزام المالكي بتنفيذ اتفاقات الكتل الموقعة اواخر العام الماضي والا سيتم سحب الثقة منه خلال 15 يومًا لكنه رفضها معتبرًا أنها تشكل تهديدًا غير مقبول.

ثم عقد اجتماع ثانٍ في النجف في 19 من الشهر ايار (مايو) الماضي حيث طالبت القوى المجتمعةخلاله التحالف الوطني quot;الشيعيquot; بترشيح بديل من المالكي خلال اسبوع واحد لكن التحالف لم يرد على ذلك لحد الان، معتبرًا أن الاجتماع الوطني المنتظر لحل الأزمة السياسية الحالية التي تضرب البلاد منذ اواخر العام الماضي هو الحل الامثل لاستئناف الحوار بين القوى السياسية وحل المشاكل بينها.

الجنوب والوسط يهدد بالفيدراليات وحزب طالباني يدعو الى الاستعداد لكل الاحتمالات

إلى ذلك، هددت الحكومات المحلية في محافظات الوسط والجنوب العراقي، التي ينتمي غالبية اعضائها الى ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في اجتماع طارئ في مدينة البصرة الجنوبية، بتحويل محافظاتها الى اقاليم والمطالبة بانتخابات مبكرة إن سحبت الثقة من المالكي.

وقال رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي، القيادي في حزب الدعوة بقيادة المالكي، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقدبعد انتهاءاجتماع طارىء تم عقده في مدينة البصرة الجنوبية إن quot;الحكومات المحلية لمحافظات الجنوب والوسط توصلت خلال اجتماعها الطارئ الى توصيات منها التأكيد على وحدة العراق ودعم الحكومة المركزية وعدم السماح بخلق أزمات سياسيةquot;، مبيناً أنquot;المشاركين من محافظين ورؤساء مجالس اتفقوا على دعم وتأييد مبادرة رئيس الجمهورية جلال طالباني لعقد الاجتماع الوطني لحل الأزمةquot;.

وأضاف الزيدي أنquot;التوصيات شملت دعوة جميع الكتل السياسية في مجلس النواب إلى تغليب لغة الحوار والتخلي عن التصريحات المتشنجة، والإسراع بعقد المؤتمر الوطني ليكون منطلقاً للتخلص من الأزمة السياسيةquot;.

وأشار إلى أنquot;كل الخيارات ستكون متاحة أمام الحكومات المحلية في الوسط والجنوب في حال سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكيquot;، معتبراً أن quot;الاجتماع عقد في البصرة رداً على الاجتماعات السلبية التي عقدتها بعض الجهات السياسية في محافظات أخرىquot;، مشدداً على أن quot;الأزمة السياسية مفتعلة، وتهدف الى تفتيت وحدة العراقquot;.

بدوره، قال رئيس مجلس محافظة البصرة صباح البزوني خلال المؤتمر الصحافي الذي بثت تفاصيله وكالة quot;السومرية نيوزquot;، إن quot;هذه الخيارات التي قد تطرح عند سحب الثقة تشمل تشكيل الأقاليم والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرةquot;، مضيفاً أن quot;الاجتماع كرس لمناقشة الأزمة السياسية لما تشكله من خطورة على مستقبل البلدquot;.

من جانبه، اعتبر رئيس مجلس محافظة الديوانية جبير الجبوري أنquot;استمرار تحركات بعض الكتل السياسية في مجلس النواب باتجاه سحب الثقة من المالكي سيدفعنا إلى الإعلان عن تشكيل اقليم الوسط والجنوبquot;، مضيفاً أنquot;الإقليم سيكون مستقلاً سياسياً وإدارياً واقتصادياً وأمنياً بحيث لا نعطي شيئاً من إيرادات الإقليم إلى المحافظات الأخرىquot;.

اما محافظ البصرة خلف عبد الصمد فقال إنquot;المحافظات من حقها تشكيل اقاليم لأن الدستور ضمن لها ذلك، إلا أن تجربة اقليم كردستان عكست صورة سلبية عن الأقاليمquot;، موضحاً أن quot;اقليم كردستان تحول الى دولة ولم يعد اقليماً؛ لانه يمتلك قوات عسكرية وممثليات دبلوماسية في الخارج، وحكومته لا تسمح للحكومة المركزية بالتدخل في إدارة مواردهquot;.

وأشار عبد الصمد الى أنquot;المؤتمر الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية جلال طلباني يجب أن يكون هو الأساس لحل الأزمة، وتشخيص الجهات المخالفة للدستور بدلاً منتبادل الاتهامات بخرقه عبر وسائل الإعلامquot;، معتبراً أن quot;المالكي اتهم بالدكتاتورية لأنه عارض عمليات تهريب النفط، واعترض على تشكيل فرق عسكرية في إقليم كردستانquot;.

وعلى صعيد الأزمة السياسية نفسها فقد دعا الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس طالباني الى الاستعداد لأي احتمال قد يطغى في النهاية على المشهد السياسي العراقي. وقال المكتب السياسي للاتحاد في بيان لمناسبة الذكرى 37 لتأسيسه إن العراق يمر بأزمة حادة وهناك أزمة ثقة كبيرة بين الأطراف السياسية والكتل البرلمانية، ولحد الآن لم تصل المساعي المبذولة للخروج من الأزمة الى نتائج مرجوة للأسف، بل تعمقت الأزمات ومازال أفق الحل أمامها معقدًا.

وأضاف أن quot;اقليم كردستان قد تورط وشعبنا أيضًا في الأزمة لأن هناك استحقاقات كثيرة مازالت معلّقة بين بغداد واقليم كردستان وبانتظار الحل ولا نخفي أن هناك مخاطر جادة على هذه الاستحقاقاتquot;.

وأشار إلى quot;أن الأزمات المعلنة والمخفية في العراق، التنافس والصراع بين الأطراف، الأجندات الداخلية والخارجية، التعقيد المستمر للأزمات والمشاكل، وقرب العراق من الصراعات البارزة على مستوى المنطقة والعالم الإسلامي، ولّدت قلقًا وأسئلة جادة حول مستقبل العراق كدولة ناجحة، ويقع هذا في صلب الاهتمامات والتفكير والمتابعة الجماعية المشتركة للأطراف السياسية في كردستان، للتهيؤ للدفاع عن المكاسب المتحققة والعمل على تحقيق الاستحقاقات التي لم تتحقق حتى الآن وأمامها عراقيل كثيرة وتتعرض لعداء كبير، وكذلك الاستعداد لأي احتمال قد يطغى في النهاية على المشهد السياسي العراقي.

يذكر أن العراق يشهد أزمة سياسية في تصاعد مستمر في ظل حدة الخلافات بين الكتل السياسية بعد أن تحولت من اختلاف بين القائمة العراقية ودولة القانون إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني والتيار الصدري وغيرها من التيارات والأحزاب.