دعا محللان سياسيان جزائريان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى اتخاذ قرارات سياسية جريئة تمهد للوصول إلى الانتخابات الرئاسية القادمة في العام 2014 بسلام، ويرى المحللان أن عدم اتخاذ مثل تلك القرارات يعني وجود ضبابية في المشهد الجزائري المقبل.



يتساءل مراقبون جزائريون عن قدرة بلادهم على الوصول بسلام إلى استفتاء مراجعة الدستور والانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك بعد ما تمخضت عنه الانتخابية التشريعية في العاشر من آيار/مايو الماضي، وعدم وضوح الرؤية بشأن من سيخلف الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة في كرسي الرئاسة.
ويقدر محللا الشأن السياسي حسين بولحية وأنيس نواري، في تصريحات لـquot;إيلافquot; أنّ السلطة السياسية في الجزائر قد أضحت في وضع حرج لا تحسد عليه، ولا يبدي الاثنان ثقة بقدرة السلطة على إدارة المرحلة القادمة من دون حصول أية اضطرابات أو صدامات بين الأطراف الغاضبة في البلاد وهي كثيرة.

وفي استشرافهما لملامح الشوط السياسي القادم في الجزائر، يسجل حسين بولحية وأنيس نواري، أنّ الشوط القادم قاتم وشائك في ظل إصرار النظام عبر الاقتراع المُقام مؤخرًا على استنساخ نفسه، رغم رفض 67 في المئة من الجزائريين عدم مباركة منهج الجمود والفساد وكل الظواهر التي يعني استمرارها، إعادة بناء الفشل في مستقبل الجزائريين.

يرى بولحية صعوبة الحديث عن ذهاب الجزائر إلى مراجعة عميقة للدستور في ظل حالة الرفض الواسع لنتائج الانتخابات، وهو مشهد مدعوم ndash; بحسبه - بجبهة عريضة ممن قاطعوا الانتخابات الأخيرة أو آثروا المشاركة بأوراق ملغاة.

بدوره، يركّز بولحية على أنّ السؤال الملّح الذي يُطرح اليوم مفاده: هل يمكن الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية المقررة سنة 2014، من دون حصول شيء يمكنه تهديد الأمن والسلم الوطني؟، وإذ يبدي الرجل يقينًا أنّ جزائر اليوم أضحت في مفترق الطرق، فإنّه يجزم أنّ لا حلّ لمشكلات البلد سوى باتخاذ قرارات سياسية جريئة تعيد الاعتبار للدولة وللممارسة السياسية النظيفة، طالما أنّه لا يمكن بمنظوره، الحديث عن السلم الاجتماعي والتنمية الوطنية في ظل الغياب التام للثقة بين السلطة والمواطن.

من جانبه، يعتبر نواري الوضع الراهن قنبلة موقوتة، لاسيما مع عدم تجديد المجتمع أنفاسه، وفي ظلّ مواصلة الوجوه نفسها استنساخ الرداءة لقتل بوادر التغيير الحقيقي، متصورًا أنّ الضبابية الحاصلة متعمدة، بحكم أنّها quot;المناعةquot; التي يتنفس منها النظام ويحاول الاستمرار من خلالها رغم حتمية التغيير.

إذ يلفت بولحية إلى أنّه من حق كل مواطنيه الخوف على بلدهم لاسيما مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، في ظل عدم وجود أي شخصية سياسية قادرة على تحقيق أكبر إجماع بين الجزائريين، فإنّ محدثنا يربط quot;السوداويةquot; التي تغلّف المرحلة المقبلة، بمخلّفات الانتخابات البرلمانية قبل شهر وإفرازها هيئة تشريعية تفتقد إلى الشرعية الشعبية أكثر من الهيئة السابقة التي سبق وأن رفض الرئيس إعطاءها شرف تعديل الدستور.

وإذا كانت الهيئة التشريعية السابقة مطعونًا في شرعيتها من طرف عدد محدود من الأحزاب التي كانت معتمدة سابقًا، فإنّ quot;مصيبةquot; الهيئة الجديدة ndash;بمنظور بولحية- في كونها (مطعونة) في شرعيتها اليوم من طرف كل القوى الحزبية التي كانت معتمدة سابقًا، إضافة إلى الأحزاب الجديدة، بمعنى أنّ دائرة المعارضة والرفض قد اتسعت بشكل أكبر من السابق.

يتقاطع بولحية ونواري عند كون مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، أدت إلى توحيد رؤى مختلف القوى السياسية المعتمدة حول مطلب الذهاب إلى مجلس تأسيسي باستثناء الحزب الحاكم quot;جبهة التحرير الوطنيquot; وحليفه quot;التجمع الوطني الديمقراطيquot;، بعدما ظلّ المطلب إياه محصورًا في تشكيلتين هما الحزب الأمازيغي المعارض quot;جبهة القوى الاشتراكيةquot;، والحزب اليساري quot;العمالquot;، أما اليوم فقد صار هذا المطلب محل إجماع حزبي لاسيما الألوان السياسية التي رفضت نتائج تشريعيات العاشر منآيار/مايو الفائت، ما يعني أنّ quot;الحزب الفائزquot; في الاستحقاق المذكور هو حزب quot;المجلس التأسيسيquot;.