في وقت ينظر فيه بعض الصحافيين إلى سوريا باعتبارها واحدة من أقل الدول المضيافة في الشرق الأوسط، حيث تعدّ مكاناً يتعرّض فيه المراسلون، حال دخولهم البلاد، لتحرشات وتهديدات، وهم يحاولون الكشف عن القمع الذي يدعم حكومة عائلة الأسد منذ عقود، فإن صحافيين آخرين يرون أن سوريا كانت تُقَاد حتى وقت قريب من جانب الرئيس بشار الأسد المهذب المتمكن من اللغة الإنكليزية، الذي يساعد برفقة زوجته الجميلة بريطانية المولد، أسماء، على فتح عصر جديد من الانفتاح والازدهار.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: لم يأتِ الانطباع الثاني هذا من قبيل الصدفة، حيث ذكرت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن الرئيس السوري وعائلته سعوا على مدار الأعوام الخمسة الماضية إلى تصوير أنفسهم في وسائل الإعلام الغربية باعتبارهم عائلة منفتحة وتقدمية وبراقة، وأنهم استعانوا في سبيل ذلك بجهود مستشارين متخصصين في العلاقات العامة، سبق لهم العمل في إدارات الرئيسين بوش وكلينتون ورئيسة وزراء إنكلترا تاتشر.

وسبق للعديد من المجلات ومنافذ إعلامية أخرى أن نشروا ميزات تحمل بين طياتها مديحاً للعائلة، بتركيزها في كثير من الأحيان على الموضة والشهرة. وفي آذار/ مارس عام 2011، وبالتزامن مع بدء الأسد وقواته الأمنية حملة قمعية ضد خصومه السياسيين، التي أسفرت حتى الآن عن مقتل ما يقرب من 10 آلاف سوري، نشرت مجلة فوغ الأميركية تقريراً مطولاً عن السيدة الأولى، وعن اهتمامها بالموضة.

الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء في باريس في ديسمبر 2010

ثم مضت الصحيفة تتحدث عن حرص عائلة الأسد على تلميع صورتهم، وأنهم قد استعانوا بمجموعة من الخبراء لتحقيق تلك الغاية. وأشارت النيويورك تايمز إلى أن العائلة دفعت لشركة براون ليودز المتخصصة في العلاقات العامة، والتي يوجد مقرها في واشنطن، مبلغاً قدره 5000 دولار شهرياً، لتكون بمثابة حلقة وصل بين مجلة فوغ وبين السيدة الأولى، وذلك على حسب ما ذكرته الشركة نفسها في هذا الخصوص.

أعقبت الصحيفة بلفتها إلى أن شبكة السياسة والعلاقات العامة هذه هي التي ورّطت باربرا والترز أخيرًا. فبعد إجرائها مقابلة قوية مع الأسد على محطة إيه بي سي نيوز في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تم الكشف عن أنها قامت بعرض توصيات لشهرزاد جعفري، المساعدة الإعلامية للرئيس السوري ونجلة السفير السوري لدى الأمم المتحدة، التي كانت تتقدم بطلب للحصول على وظيفة في شبكة السي إن إن الأميركية وطلب التحاق بكلية للشؤون الدولية والعامة التابعة لجامعة كولومبيا.

وهي الواقعة التي أجبرت والترز على إصدار بيان يوم الثلاثاء الماضي، عبّرت فيه عن ندمها على ما قامت به، معتبرةً إياه صورة من صور quot;التناقضquot;. وتابعت الصحيفة بقولها إن عائلة الأسد كانت مهيأة من نواح عدة لأن تُعَامَل معاملة المشاهير من جانب وسائل الإعلام. فالرئيس، الذي سبق أن تدرب للعمل كطبيب عيون، قد تلقى جزءًا من تعليمه في بريطانيا، حيث التقى زوجته، وهي بريطانية من أصل سوري، نشأت في لندن، وعملت كمصرفية استثمارية في نيويورك في الولايات المتحدة.

نقلت الصحيفة في هذا الصدد عن أندرو تابلر، الخبير المتخصص في الشأن السوري لدى معهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، والذي سبق له العمل في جمعية خيرية ترعاها زوجة الأسد، ملخصاً السر وراء اهتمام الإعلام بعائلة الأسد، قوله: quot;هو (بشار) يتحدث الإنكليزية، وزوجته مثيرةquot;.

وأضافت الصحيفة أن الحملة التي أطلقها بشار لجعل الأسرة الحاكمة وجهاً لدولة سورية أكثر تحضراً وانفتاحاً بدأت عام 2006، حين استعانت أسماء الأسد بشركة العلاقات العامة، بيل بوتنغر في لندن.

وقال في هذا السياق تيم بيل، المؤسس الشريك للشركة وأحد المستشارين الإعلاميين السابقين لمارغريت تاتشر، إن أسماء الأسد اتصلت بالشركة بعدما بدأ العديد من السيدات الأوائل، بمن فيهن لورا بوش، في عقد اجتماعات ومؤتمرات سنوية.

وأضاف بيل، في تصريحات أدلى بها للصحيفة عبر الهاتف، قائلاً: quot;كانت أسماء الأسد ترغب في أن تكون جزءًا من هذا الناديquot;. ولم تكن تقوم الشركة بترتيب مقابلات لأسماء بشكل مباشر، بل كانت تقدم لها المشورة بشأن الطريقة التي يمكن أن تنشئ من خلالها مكتب اتصالات في دمشق من أجل المساعدة على تعزيز صورتهاquot;.

بعدها ببضع سنوات، بدأت المقالات الإعلامية ذات الطابع الإيجابي تظهر عن أسماء الأسد. وهو ما اتضح جلياً في التقارير التي خصصتها مجلات، مثل quot;باري ماتشquot; وquot;ايلquot; وquot;هفنغتون بوستquot; وquot;فوغquot;، عند حديثها عن أسماء الأسد. وقال أخيرًا الكاتب الإيطالي، غايا سيرفاديو، الذي سبق له العمل مع أسماء الأسد في دمشق: quot;تتميز بقدرتها على الإجابة بشكل جميل، لأنها جميلة، وتتحدث بشكل جيدquot;.