الرئيس المصري سيواجه تحديات كبيرة

يواجه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي تحديات تمنعه من أن يكون أكثر من مجرد رئيس صوري، حيث سيضطر للتعامل مع العسكر الذين جردوه من غالبية صلاحياته، إضافة الى أنه سيضطر الى كسب ثقة من اختاروا خصمه.


بيروت: في الوقت الذي احتشد فيه الآلاف من المصريين في ميدان التحرير يوم الأحد هاتفين لانهاء الحكم العسكري في مصر، وقف الرئيس المنتخب، محمد مرسي، ليعبر عن محبته للجيش قائلاً: quot;الله يعلم مدى محبتكم في قلبيquot;.
تصريحات مرسي خلال أول خطاب له أمام الامة بعد إعلان فوزه، كانت بمثابة اعتراف بدوره الجديد. فقد تحول من ممثل لجماعة الإخوان المسلمين إلى قائد أمة ومفاوض مع جنرالات الجيش الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك في شباط (فبراير) 2011.

كأول رئيس منتخب في مصر، يواجه مرسي سلسلة من التحديات التي يمكن أن تمنعه من أن يصبح أكثر من مجرد رئيس صوري. فانه سيضطر الى التناطح مع الجنرالات، الذين جرّدوه بعد الانتخابات من الكثير من صلاحيات رئاسة الجمهورية، كما يجب أن يتغلب على شكوك أولئك الذين اختاروا خصمه - ما يقرب من نصف عدد الناخبين - والملايين من الذين لم يصوتوا.

سيكون مرسي مضطراً أيضاً لإقناع المصريين أنه يمثل أكثر من مجرد مصالح جماعة الإخوان المسلمين الضيقة، إضافة إلى تهدئة المخاوف من أن هدفه الحقيقي هو ربط مفهوم المواطنة نفسها على نحو أوثق مع الإسلام.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن محمد حبيب، نائب الرئيس السابق لجماعة الإخوان الذي عمل مع مرسي، قولهquot; التحديات صعبة جداً، والجميع يراقبه بشكل وثيقquot;.

ولدى سؤاله عمّا إذا كان مرسي يتمتع بالصفات التي تجعله قادراً على التغلب على هذه التحديات، أجاب حبيب: quot;لا، انه لا يستطيع التغلب عليهاquot;.
مرسي (60 عاماً) وهو مهندس يحمل شهادة الدكتوراه في علوم المواد من جامعة جنوب كاليفورنيا، كلية الهندسة، وأخرى من جامعة الزقازيق في دلتا النيل. وكان اختياره من قبل الإخوان المسلمين quot;عرضياً وباهتاًquot;، بعد استبعاد مرشحهم الأول خيرت الشاطر.

يتمتع مرسي بسمعة طيبة، وهو متزوج وله خمسة أطفال، ورجل متدين ومحافظ، ورجل أعمال. كما أنه المنفذ للمجموعة التي تحتمل نسبة ضئيلة من المعارضة الداخلية.
quot;مرسي هو مجرد مصادفة تاريخية، إنه رجل غير ملحوظ إلى حد ماquot;، قال شادي حميد، الخبير في مركز بروكنغز في الدوحة، مضيفاً: quot;أعتقد أن السؤال الحقيقي هو: هل باستطاعته التغييرquot;.

الاختبار الأول سيكون لمرسي سيأتي على الفور، فقادة الإخوان أعلنوا أن الآلاف من أنصارهم سيواصلون احتلال ميدان التحرير، حتى إعادة إعلان البرلمان الذي أعلن المجلس العسكري حله الاسبوع الماضي. وقال الحكام العسكريون إن انتخابات لاختيار برلمان جديد ستعقد عمّا قريب على الرغم من أن أعضاء البرلمان الجديد انتخبوا في كانون الثاني (يناير).
يوم الأحد، ألقى مرسي التحدي الأول أمام الجيش عندما قال إنه سيلقي اليمين الدستوري فقط أمام البرلمان الذي تم صرف أعضائه.

وإذا نحينا جانباً كل المشاكل التي تدور في مصر، خصوصاً اقتصادها المتعثر، فإن مرسي سوف يواجه تحديات في الحكم، خصوصاً تجنيد شركاء من الأطراف الأخرى التي توقفت عن العمل مع جماعة الإخوان المسلمين، والتعامل مع بيروقراطية الدولة التي خلفها الرئيس المخلوع حسني مبارك.
quot;إدارة الدولة ليست شبيهة بالعمل الحزبي، إنها أكبر من ذلك بكثيرquot;، قال حبيب، معتبراً أن مرسي سيضطر إلى اللجوء إلى quot;خطاب المصالحةquot;، لإقناع المرشحين الرئاسيين السابقين مثل حمدين صباحي (المرشح اليساري)، أو عبد المنعم أبو الفتوح (أحد قادة الإخوان السابقين) للعمل معه.

وأضاف: quot;يجب تعزيز العلاقة بهم واستعادة الثقة في الأحزاب الوطنية وإلا فإنها ستسبب له المتاعب وتسحب البساط من تحت قدميهquot;.
بدوره، يقول حميد إن الرئيس المنتخب quot;أمامه فرصة ليكون صاحب القرار المستقل، لكن عليه أن ينأى بنفسه عن جماعة الاخوان المسلمينquot;، مضيفاً: quot;سيبدأ باتخاذ القرارات الخاصة به، وعاجلاً أم آجلاً، وستكون هناك توترات بين الشاطر ومرسيquot;.

أما حبيب فكان أكثر صراحة في هذا السياق، إذ قال إن على مرسي quot;أن يكون مستقلاً تماماً، ليس هناك من خيار آخرquot;.
في خطابه يوم الأحد، لم يذكر مرسي جماعة الاخوان المسلمين، على الرغم من أنه لم يمد يده إلى المسيحيين، الذين شكلوا دعامة لمنافسه أحمد شفيق.

يشار إلى أن مرسي قال في السابق إن النساء وغير المسلمين، لا ينبغي أن يكونوا في موقع الرئاسة، لكنه حاول توسيع نطاق جاذبيته عندما قال في خطابه: quot;إننا كمصريين، مسلمين ومسيحيين، سنواجه معاً الفتنة والمؤامرات التي تستهدف وحدتنا الوطنيةquot;.