الأب باولو دالوليو

يستمر الأب الايطالي المولد باولو دالوليو بدعم الانتفاضة السورية، وهذه المرة من خلال التعبير عن غضبه من المخاوف المحيطة بالأقليات الدينية من هيمنة الاسلاميين في حال سقوط الأسد.


القاهرة : عبّر الأب ايطالي المولد، باولو دالوليو، عن غضبه من الفكر المنتشر بين كثير من المسيحيين حول ما يتعلق بأن إزاحة الرئيس السوري، بشار الأسد، من السلطة، سوف تؤدي إلى هيمنة إسلامية وإلى سوء معاملة سوف تلقاها الطوائف ذات الأقلية.

وقد ظهر الأب مؤخراً في مقطع مصور، تم بثه على موقع اليوتيوب وهو يتقاسم الخبز مع نشطاء المعارضة ويتبرع بالدم في عيادة موقتة للثوار، وهي التصرفات التي جاءت في واقع الأمر لتبرز حقيقة تضامنه مع المتظاهرين السوريين المناهضين للأسد.

لكنه سخر من وصفِه بـ quot;القس الجهاديquot;، موضحاً أنه ملتزم بتسوية سلمية للصراع في سوريا، وقال مؤخراً خلال تواجده في مدينة القصير السورية المحتلة: quot;وأقصد هنا جهاد الروح وليس جهاد السلاحquot;، وأضاف محذراً quot;وإن أصبح اللاعنف معنى آخر لنقص المسؤولية، فلن أكون مع اللاعنف بعد ذلك. وأنا مع حق الدفاع عن الناسquot;.

وقد أدت مثل هذه التصريحات إلى طرد دالوليو من سوريا الشهر الماضي بعد 30 عاماً قضاها هناك، حيث زادت شعبيته حول العالم بفضل تفانيه في خدمة التناغم بين المسلمين والمسيحيين، باعتباره يملك رؤية دينية كاريزمية وذات طبيعة مشاكسة.

وقال رجل الدين الصريح إنه quot;طُرِدquot; من قبل السلطات الكنسية التي تحركت بناءً على طلب من جانب الحكومة السورية، التي غضبت من تصريحاته الحادة المؤيدة والداعمة للانتفاضة الشعبية المستمرة منذ ستة عشر شهراً ضد الرئيس بشار الأسد.

كما أبدى دالوليو قدراً ضئيلاً من التعاطف تجاه الرفقاء المسيحيين الذين عبروا عن خشيتهم من أن سقوط الأسد من الممكن أن يسفر عن بدء حقبة من القمع الإسلامي.

ونقلت عنه في هذا الصدد صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية قوله: quot;إنهم يعيشون حالة خوف من الإسلام. ومنذ ثمانينات القرن الماضي وهم يسمعون كلاماً مكرراً، وهو أنه من دون نظام الأسد، سوف تتحول الدولة السورية إلى جحيم إسلاميquot;.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن موقف دالوليو المعقد سلط الضوء على وضعية مسيحيي سوريا المحفوفة بالمخاطر، وهم يشكلون الآن نسبة قدرها 10 % فقط من إجمالي عدد سكان الدولة الذي يقدر بـ 23 مليوناً، أغلبيتهم من المسلمين السنة. بينما ينظر عادةً إلى المسيحيين باعتبارهم ركائز دعم لإدارة الأسد العلمانية.

ومضت الصحيفة تنقل عن أحد الناشطين المسيحيين القريبين من الوضع في سوريا قوله: quot;تضم اللعبة أطرافاً أكبر منه ( دالوليو )quot;. وقد دعا متحدثاً من مقر إقامته اليسوعي الجديد في بيروت بعد طرده من سوريا، إلى ضرورة تدخل أجنبي سلمي في البلاد لتجنب ما وصفه بالكارثة الإنسانية الوشيكة. وأضاف هذا الرجل الذي يبلغ من العمر 57 عاماً: quot;السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل المجتمع الدولي ناضج بما فيه الكفاية لإظهار وتأكيد كامل المسؤولية تجاه وضع مثل الحاصل في سوريا ؟ فبمقدورهم استقباله هو وأسرته في روسيا، فالناس هم الأهم وليس الديكتاتوريونquot;.

ونوه دالوليو كذلك إلى أن اهتمامه بالإسلام بدأ يتكون منذ أن كان شاباً، حيث تخصص في الدراسات الشرقية ووصل إلى سوريا كقس قبل 30 عاماً. وأسس مركزاً للحوار بين الأديان داخل دير بيزنطي مجدد، دير مار موسى الحبشي، الموجود في مكان صحراوي يصله الناس بصعوبة وفيه لوحات جدارية تعود الى القرنين الـ 11 والـ 12.

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن نداءاته التي يطلقها الآن للحوار بين الأديان تبدو أكثر إلحاحاً عن ذي قبل، ولفتت في السياق ذاته كذلك إلى تحذيره من أن التطهير العرقي في سوريا قد بدأ بالفعل. وهي المزاعم التي نفتها بدورها السلطات السورية.

كما تحدث تقرير آخر للصحيفة عن دور الأب دالوليو في تعزيز حوار الأديان داخل سوريا، وكذلك ما يقوم به من جهود على هذا الصعيد في دير مار موسى الحبشي، الذي يقع على بعد 50 ميلاً عن دمشق، وحيث كان يرحب دالوليو، قبيل أن يتم طرده، بكل من يأتي لزيارة المكان، ويتمنى لهم أن يبقوا هناك أطول فترة يريدونها. ومقابل الخدمة والمعاملة التي يلقونها هناك على صعيد الإقامة وتناول الطعام، فكان يُطلَب منهم المساعدة في الطبخ وغسل الأطباق ونشر الغسيل وجمع القمامة من المنحدرات القريبة.

ومضت الصحيفة تقول إن الأب دالوليو هو الروح الدافئة والاجتماعية لدير مار موسى، وسبق له أن أخبر مجموعة من ضيوفه أنه درس العربية بنفسه في دمشق قبل بضع سنوات حين سمع عن الدير المهجور. وقام بأول زيارة له إلى هناك في العام 1982، حيث كان المكان مدمراً، ومعالم اللوحات الجدارية هناك غير واضحة. وقام بعدها بتجديد الدير وأعاد فتحه كملجأ للسلام والحوار لكل الزوار من كافة الأديان. وعقب طرده من هناك، تمنى متحدثاً للصحافة أن يعود الى سوريا والى دير مار موسى.