فتيات مصريات في وقفة احتجاجية ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين

القاهرة: يواجه رئيس الجمهورية المصرية محمد مرسي حزمة من الأزمات والمشاكل التي يبدو أنه يقف مكتوف اليدين أمامها، ومنها تشكيل الحكومة الجديدة، النهوض بالإقتصاد، إستعادة الأمن، البطالة، إضافة إلى أزمة المعتقلين والصادر بحقهم أحكام عسكرية أثناء المرحلة الإنتقالية، ولعل الأزمة الأخيرة صارت الأكثر إلحاحاً في الفترة الأخيرة. وتعتبر اختبارا حقيقيا لقوة مرسي في مواجهة العسكر.

13 ألف معتقل

ووفقاً لتقديرات المنظمات الحقوقية، فإن عدد المعتقلين والصادر بحقهم أحكام عسكرية يصل إلى 13 ألفا، قبض عليهم أثناء الثورة، وفي الفترة التي أعقبت سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، ووجهت إليهم تهم البلطجة أو خرق حظر التجول. واستطاعت المنظمة المصرية لحقوق الانسان توثيق الآلاف من الحالات في تقرير لها صدر منذ يومين، وقالت فيه إن المحاكمات العسكرية شملت عمالاً ونشطاء سياسيين، ومتظاهرين، وأضاف التقرير الذي حمل عنوان quot;معاً لإلغاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية quot; أن المحاكمات العسكرية بدأت بعمال بتروجيت وماسبيرو، ومجلس الوزراء، ومحمد محمود الأولى والثانية، والعباسية، والسفارة الإسرائيلية الأولى، التي تم تحويلهم فيها إلى القضاء العسكري، فضلا عن تحويل مدنيين إلى قضاء استثنائي متمثل في محاكم أمن الدولة طوارئ، ولم يتم الإفراج عنهم جميعا حتى الآن. وأشار التقرير إلى أن المنظمة وثقت 403 قضايا عسكرياً، خلال الفترة من يناير 2011 وحتى أغسطس 2011 شملت 900 متهم، وتنوعت الاتهامات ما بين السرقة أو الشروع في السرقة، خرق حظر التجوال، حمل السلاح والبلطجة والتلويح باستخدام العنف.

إختبار لسلطة مرسي

فيما وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان، قضية المحكوم عليهم عسكرياً بأنها quot;اختبار حقيقي لسلطة أول رئيس مدني منتخب للبلادquot;. ودعت في تقرير لها صدر الأحد الماضي 16 تموز (يوليو) الجاري، الرئيس محمد مرسي إلى العمل للإنهاء الفوري لمثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وضرورة مثولهم أمام المحاكم العادية المدنية.

ولفتت إلى أن اللجنة التي شكلها مرسي لبحث ملفات المحكوم عليهم أمام المحاكم العسكرية، أوصت بإصدار عفو شامل لكافة المعتقلين في السجون العسكرية، مشيرة إلى أن حوالى 2165 مدنياً يقبعون في السجون العسكرية بعد محاكمات أمام محاكم عسكرية منذ 28 كانون الثاني (يناير) 2011. وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش سارة ليا ويتسن إن القانون الدولي واضح في هذا الشأن حيث يجرم مثول أي شخص مدني متهم جنائيا أمام المحاكم العسكرية، مشيرة إلى أنه آن الأوان لرئيس الجمهورية أن ينفذ وعوده من خلال إنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين إلى الأبد.

الإفراج الفوري

ومن جانبه، يقول حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن محاكمة المدنيين عسكرياً مرفوض من كافة مواثيق حقوق الإنسان الدولية، مشيراً إلى أنه من المفترض أن يمثل المدنيون أمام القضاء الطبيعي، وأضاف لـquot;إيلافquot; أنه يجب الإفراج الفوري عن هؤلاء الذين يصل عددهم إلى 13 ألف شخص، داعياً إلى ضرورة مراجعة ملفاتهم، والعفو عمن يستحق أو إحالة أصحاب الجرائم الجنائية على المحاكم العادية.

2165 معتقلاً

وشكل الرئيس محمد مرسي لجنة لدراسة ملفات المعتقلين والمحكوم عليهم عسكرياً، خلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2012، وأعلن رئيس اللجنة المستشار محمد المهدي، أنه سيتم الإفراج عن معتلقين قبل حلول شهر رمضان، وقال في مؤتمر صحافي: quot;أبشركم قبل بداية رمضان، ستسمعون أخبارا تثلج صدر المجتمع المصري، وتهدئ كثيرا مما هو فيه من قلق على أبنائهم وآبائهم الذين قد يكونون رهن احتجازquot;، وقال مصدر عسكري لـquot;إيلافquot; إن اللجنة خاطبت القضاء العسكري، وطلبت إفادات بعدد الصادر بحقهم أحكام عسكرية، لدراسة ملفاتهم، ورفع توصية بشأنهم للرئيس، وأضاف المصدر أن القضاء العسكري أبلغ اللجنة رسمياً بأن كان هناك 11879 شخصا محتجزين في السجون العسكرية، مشيراً إلى صدور أحكام بالبراءة وإيقاف تنفيذ الأحكام والعفو من قبل رئيس المجلس العسكري بحق 9714 شخصاً، وقال المصدر إن الأرقام المتداول بها في وسائل الإعلام أو التي تعلنها منظمات حقوق الإنسان غير دقيقة مطلقاً، مشيراً إلى أن المحتجزين في السجون العسكرية حالياً 2165 شخصاً فقط، ونبه إلى أن اللجنة التي شكلها الرئيس تدرس حالاتهم فرديا، تمهيداً لصدور قرار بالعفو عمن يستحق العفو منهم.

إرهاب الثوار

مدرعة عليها جملة تنادي بعدم محاكمة المدنيين عسكريا

وقال الناشط الحقوقي أحمد راغب مدير مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان، إن المحاكمات العسكرية التي جرت في المرحلة الإنتقالية كان الهدف منها إرهاب النشطاء السياسيين، والثوار، وأضاف لـquot;إيلافquot; إن الدكتور محمد مرسي بوصفه الرئيس المنتخب يجب عليه سرعة إصدار قرار بالعفو عن المحكوم عليهم عسكرياً، وتشكيل لجنة للتحقيق مع المسؤولين عن اعتقالهم وإحالتهم على القضاء العسكري، ومحاسبة كل من أهان أو مارس التعذيب بحق النشطاء أو شباب الثورة.

قبل رمضان

ودعت منال الخطيب عضو حركة quot;لا للمحاكمات العسكرية للمدنيينquot; الرئيس إلى العفو الشامل عن جميع المعتقلين، وقالت لـquot;إيلافquot; إن عددهم يقدر بالآلاف، مشيرة إلى أن الحركة وثقت وتبنت قضايا 2201 معتقل ومحكوم ضده بأحكام عسكرية، وقالت الخطيب إن العفو عن هؤلاء وعدم إحالة المدنيين على القضاء العسكري أول اختبار للرئيس محمد مرسي، لافتة إلى أنه سوف يختبر قدرته على الوفاء بوعوده الإنتخابية، وما إذا كان يتمتع بصلاحيات حقيقية وقادر على انتزاعها أم أنه سيكون سكرتيراً أو واجهة للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد من خلف الستار، ونوهت بأن اللجنة القانونية التي شكلها مرسي أوصت بالإفراج عن جميع المعتقلين، ويجب عليه التنفيذ فوراً قبل حلول شهر رمضان، حتى تعم الفرحة أرجاء البلاد.

قانون وليس قرارا

فيما قال المستشار محمد عبد الحكيم رئيس محكمة استئناف سابق لـquot;إيلافquot; إن قرار العفو الشامل عن المعتقلين والمحكوم عليهم بأحكام عسكرية يستلزم صدور قانون وليس قرارا رئاسيا، مشيراً إلى أن الرئيس لا يملك إصدار قرار بالعفو الشامل، ولكن يمكنه إصدار قرار بالعفو الجزئي عن بعض المحكوم ضدهم بأحكام، ولفت إلى أنه يجب التفرقة بين الذين صدرت ضدهم أحكام نتيجة ممارسات سياسية مثل التظاهر، وبين الصادر ضدهم أحكام في جرائم جنائية، مثل البلطجة والقتل أو السرقة أو السطو على الممتلكات العامة والخاصة، محذراً من أن الإفراج عن هؤلاء سوف يزيد معدلات الجريمة في مصر، وسوف يشيع أجواء مفادها أن الجاني سوف يمر بدون عقاب، داعياً إلى اقتصار الإفراج عن المحكوم عليهم على القضايا ذات الخلفية السياسية فقط.