نجيب جبرائيل يعتبر الزواج الثاني من أخطر المشاكل التي قد تواجه الكنيسة في مصر

أكد المستشار نجيب جبرائيل الناشط القبطي، أن أزمة الزواج الثاني تعتبر المشكلة رقم واحد في الكنيسة، مشيراً إلى أن تلك المشكلة معقدة جداً، وتسبب في اعتناق الكثير من المسيحيات الإسلام، هرباً من قوانين الكنيسة التي لا تعترف بالطلاق والزواج الثاني إلا لعلة الزنى فقط.


القاهرة: قال الدكتور نجيب جبرائيل في الحلقة الثانية من مقابلته مع quot;إيلافquot;، إن الأقباط يرفضون الوضع الذييؤكد أن quot;الشريعة الإسلامية مصدر التشريعquot;، أو أن quot;يكون الأزهر المرجعية في هذا الشأنquot;، مشيراً إلى أن تطبيق الشريعة الإسلامية يعني هدم الكنائس، وعدم بناء كنائس في المدن الجديدة، وإلزام الفتيات المسيحيات بارتداء الحجاب، معلنًا رفضه لزيارة القائمقام البطريرك الأنبا باخوميوس للمرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، واعتبر أن الزيارة تمنح المرشد وضعية خاصة، مشيراً إلى أن الأقباط يرفضون الحصول على حقوقهم عن طريق استرضائه.

وقال جبرائيل إن انتخابات البطريرك الجديد ستكون في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ، لافتاً إلى أن البابا الجديد تنتظره الكثير من الملفات الشائكة.

يثار الكثير من الجدل حول صياغة المادة الثانية من الدستور، التي تنص في دستور 1971 على أن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي من مصادر التشريع، ويرفض الأقباط الصياغات المقترحة من جانب التيارات الإسلامية، وأنتم دعوتم ممثلي الكنيسة للإنسحاب من الجمعية التأسيسية، كيف ترون هذا الجدل؟

هذه القضية تضاربت فيها الأقوال، وكثر الحديث حولها، ومازالت غامضة، وقد دعونا ممثلي الكنيسة للإنسحاب، على اعتبار أن حزب النور السلفي يصر على وضع كلمة الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، والشريعة على إطلاقها تعني الأحكام والعبادات والعقائد، وبالتالي لا ينفع أن تطبق الشريعة الإسلامية على المجتمع المصري المتعدد الثقافات والديانات، كما أن المجتمع المسلم نفسه غير مهيّأ لهذا.

كما أن أحكام الشريعة الإسلامية في ما يخص الأقباط تعني عدم إنشاء كنائس في المدن والمناطق الجديدة، وهدم الكنائس التي دخلها الإسلام بالقوة، وعندما تهدم كنيسة لا يجوز بناؤها، ولا يجوز أن تظهر الصلبان والقباب على الكنائس، ولا يجوز أن يعتلي المسيحي منصبًا هامًا في الدولة، ويجب فرض الجزية على المسيحيين، ولذلك نحن نعترض على أن تكون أحكام الشريعة الإسلامية مصدرًا للتشريع، ويثور لدينا سؤال: أي أحكام سوف تطبق هل ستكون على المنهج السلفي أم الجهادي أو المنهج الإخواني أو منهج الأزهر المعتدل؟ وهذا مؤشر على أننا مقبلون على الدولة الدينية، وهذا يتعارض مع مدنية الدولة التي انطلقت من أجلها ثورة 25 يناير، والتي ننادي بها، لاسيما أن من يعملون على وضع الدستور أغفلوا وثيقة الأزهر للدولة المدنية في بادئ الأمر. رأينا أن الأزهر يوافق على مبادئ الشريعة، مع إضافة مادة تنص على أن يحتكم غير المسلمين إلى شرائعهم.

أليس نص quot;إحتكام غير المسلمين إلى شرائعهمquot; هو ما طالبتم به؟

نعم، ولكن في الساعات الأخيرة نحن نشتم رائحة غير طيبة، رغم فرحة الكنيسة ورضاها عن هذه الصياغة، لاسيما إضافة مادة تنص على أن الأزهر هو المرجعية لمبادئ أحكام الشريعة. ونرفض هذه المادة أيضاً، رغم أننا نعترف أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وعلماء الأزهر من خيرة علماء الإسلام وأكثرهم اعتدالاً على مستوى العالم، ويعتبر الأزهر مدرسة للعلوم، وكلنا ننهل من علومه، ولكن أعتقد أن هذا النص الجديد فيه نوع من الخطورة، لاسيما في ظل سيطرة التيارات الإسلامية المتشددة على البرلمان، وفي ظل الدعوات إلى تعديل قانون الأزهر ليكون منصب شيخ الأزهر بالإنتخاب، واستبدال مجمع البحوث الإسلامية بهيئة كبار العلماء، ومن الممكن أن يكون شيخ الأزهر من الدعاة المتشددين مثل أبو أسحاق الحويني أو الشيخ محمد حسين يعقوب أو الشيخ البخاري، الذين سوف تختلف مرجعية الأزهر معهم عما هي عليه الآن، وسوف تكون متشددة. فضلاًعن أن هذا النص يعد التفافاً على المادة 146 من دستور 1971 التي تكفل حرية العبادة والعقيدة، لاسيما في ظل محاولات الإسلاميين وضع فقرة تقول: quot;بما لا يخالف النظام العامquot;، الذي سيكون هو الشريعة الإسلامية، ونحن نرى أنه يجب أن ينص الدستور على أن مرجعية الدولة هي المرجعية المدنية، وإحترام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكافة مواثيق حقوق الإنسان الدولية.

لكنّ نص quot;مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريعquot; موجود منذ 1971، ولم تهدم الكنائس، على الأقل بشكل رسمي أو ممنهج، بل بني الكثير منها، ولا يوجد نص في الشريعة الإسلامية يبيح عدم بناء الكنائس أو هدم القائمة منها، وعندما فتح عمر بن الخطاب القدس رفض الصلاة في الكنيسة، وأمر بعدم هدمها؟

نعم بالتأكيد، لكن نحن بصدد منهج سلفي جديد يقسم الكنائس إلى ثلاثة أنواع، وهذا وفقاً لأحاديث قياداته ورموز في وسائل الإعلام، النوع الأول: المدن التي دخلها الإسلام بالقوة مثل مدينة الإسكندرية، لابد أن تهدم فيها جميع الكنائس. النوع الثاني: المدن التي دخلها الإسلام بغير قوة تبقى الكنائس فيها على حالها، فإذا صارت آيلة للسقوط وهدمت لا يجوز بناؤها. النوع الثالث: المدن الجديدة لا يجوز بناء كنائس فيها. وهذا المنهج السلفي معلن. وأعتقد أن هذا المنهج يطبق في السعودية حالياً.

زار الأنبا باخوميوس القائمقام البطريرك، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين مؤخراً في مقر الجماعة، هل تعتقدون أن هذه الزيارة تفتح آفاقاً جديدة من الود بين الكنيسة والإخوان؟

نحن كمثقفين ونشطاء أقباط غير راضين عن تلك الزيارة، رغم تبرير نيافة الأنبا باخوميوس أنها كانت رداً على زيارة الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان للبابا شنودة أثناء مرضه قبل رحيله، ومشاركته في العزاء، ولكن نحن نرى أن هذا التوقيت غير مناسب، كما أن الزيارة تمنح المرشد ثقلاً أكثر، وتعتبر مبالغة في رد الواجب غير مبررة، لاسيما أن رؤساء دول ورؤساء وزارات ووزراء وسفراء قدموا واجب العزاء بوفاة البابا شنودة، فهل كان يجب على القائمقام أن يزور كل هذه الشخصيات لتقديم الشكر إليهم. نحن لسنا بحاجة إلى تقارب مع المرشد الذي يقول منهج جماعته أن الماليزي المسلم أفضل من المسيحي المصري، نحن نرفض أن يحصل الأقباط على حقوقهم عن طريق استرضاء المرشد، وإن كان سيعطينا ملعقة من ذهب فنحن نرفضها، ونرضى بأن نحصل على حقوقنا بملعقة من صلب أو حديد من خلال المواطنة.

وماذا عن البطريرك الجديد، متى تجرى الإنتخابات، وهل أدخلت تعديلات على لائحة الإنتخاب؟

سوف تعلن أسماء الناخبين غداً، وجرى التوسع في من لهم حق التصويت، فكان العدد أثناء انتخاب البابا شنودة 1500 شخص، أما الآن فوصل إلى 3500 ناخب، بعد إضافة كنائس في المهجر وأفريقيا، وسوف تعرض الأسماء لمدة شهر، لتلقي الطعون عليها، وتعلن قائمة المرشحين في يوم 15 آب (أغسطس) المقبل، وتعرض الأسماء لمدة شهر لتلقي الطعون عليها، ثم تمدد لمدة 15 يوماً حتى شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ثم يعلن موعد الإنتخابات بعد ذلك بشهر، وأعتقد أن انتخاب البطريرك سيكون في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، إلا إذا تم الطعن على أحد المرشحين أمام القضاء الإداري، وتوقف الإنتخابات لحين الفصل في الدعوى، وهذا ما لا نتمناه.

وهل يجب أن يتم الطعن أمام اللجنة الكنسية أم مجلس الدولة؟

الطعون تقدم إلى اللجنة الكنسية، لكن لو رأى أحد المرشحين أن يتقدم بطعن أمام القضاء الإداري فمن حقه ذلك، وهناك 18 مرشحاً ما بين أسقف عام وراهب، ووفقاً للقانون يجب أن ينخفض العدد إلى سبعة مرشحين فقط.
وستكون المفاضلة بينهم على أساس عدة معايير منها المدة الفعلية للرهبنة، التي لا تقل عن 15 عاماً، ومدى حصوله على درجات علمية، ودرجات رعوية، ومدى إجادته للغات، أما المعيار الخامس فيتمثل في سلوكه الشخصي، ومدى صدور أحكام كنسية بحقه. ويتمثل المعيار السادس في التزكيات من رهبان الأديرة.

وربما يطعن أحد المستبعدين بقرار استبعاده أمام مجلس الدولة، على أساس أن لجنة الإنتخابات مشكلة بقرار إداري. وبعد ذلك تجري الإنتخابات بين السبعة مرشحين، ثم تجرى القرعة الهيكلية بين الثلاثة الأعلى نسبة في الأصوات، في قداس إلهي، ويختار طفل اسماً واحداً من المرشحين الثلاثة، ليكون البطريرك رقم 118 في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية.

أثير مؤخراً الكثير من اللغط حول مدى مشروعية ترشيح الأساقفة لمنصب البطريرك، كيف ترون ذلك؟

لا يوجد في لائحة إنتخاب البابا ما يمنع ترشيح الأساقفة، وما يثار حول هذا الأمر يرجع إلى القول أو العرف في الكنيسة أن quot;الأسقف متزوج من الأبرشيةquot;، ولا يجوز أن ينفصل عن زوجته معنوياً، لكن ليس هناك ما يحظر قانوناً ترشيح الأساقفة.

ما الملفات التي تنتظر البابا الجديد؟

في الحقيقة تنتظره الكثير من الملفات الشائكة، منها ملف القانون الموحد لبناء دور العبادة، إقصاء الأقباط من المناصب العليا، أيضاً الإنتهاكات التي يتعرض لها الأقباط، إعادة تشكيل المجلس الملى العام، ولائحة إنتخاب البطريرك.

وماذا بشأن قضية الزواج الثاني للأقباط، لاسيما أنها تمثل أزمة لعدد غير قليل منهم؟

لا يمكن إنكار أن هناك مشكلة حقيقية تعاني الكنيسة منها في ما يخص الزواج الثاني للأقباط، إنها المشكلة الرقم واحد في الكنيسة، إنها أزمة تسبق مشاكل أخرى مثل بناء الكنائس أو حرمان الأقباط من المناصب العليا، فالكثير منهم يحصلون على أحكام قضائية بالطلاق، ولا تنفذ، وهناك أزمة في المجلس الإكليركي المسؤول عن حل مشاكل الأحوال الشخصية للأقباط، بسبب البيروقراطية والتعقيدات وقلة عدد القائمين عليه، وبطء اتخاذ القرار، وقد كتبت مقالاً بعنوان: quot;رحلة العذاب داخل المجلس الإكليركيquot;، وشبهته بمصلحة الأحوال المدنية أو مصلحة السجل التجاري، من حيث الروتين والتعقيدات، وقدمت ورقة لتطويره، حيث اقترحت إنشاء أربعة مجالس إكليريكية على مستوى القاهرة، على أن يرأس كل مجلس أسقف عام وعدد كافٍ من الآباء الكهنة، وأن يضم كل مجلس عدداً من رجال القانون والاخصائيين النفسيين والأطباء، وخبراء حقوق الإنسان، وأن تعقد إجتماعاتها للنظر في القضايا المعروضة عليها ثلاث مرات أسبوعياً أسوة بما هو معمول به في السلك القضائي.

على أن يتم تشكيل مجلس أعلى للأحوال الشخصية للنظر في تظلمات أصحاب القضايا من قرارات المجالس الفرعية في الأبرشيات في مختلف المحافظات. ويزيد من تعقيد الأزمة أن الكنيسة لا تعترف بالزواج الثاني إلا لعلة الزنى فقط.
ولذلك فالكنيسة صارت تسمح بالزواج المدني. وهذه المشكلة معقدة تعقيداً شديداً، ولم تشهد الكنيسة مثيلاً لها في تاريخها، وأعتقد أن هذه المشكلة وراء خروج الكثير من الفتيات المسيحيات من الملة وإعتناق الإسلام، وبإعتباري رئيس محكمة أحوال شخصية سابق أؤكد أن هذه المشكلة تمثل الأزمة رقم واحد لدى الكنيسة القبطية، ويجب أن تسعى الى حلها.