تعرض النظام السوري لضربة قاسية بعد اغتيال اركانه الأمنيين،وتشهد العاصمة دمشق هذه الأيام واقعاًجديداًبعدما باتت الإشتباكات القوية تهز كافة ضواحيها.


تغيّر بالفعل واقع الحال في دمشق بعد التفجير المروع الذي شهدته يوم أمس الأربعاء، لتبدأ العاصمة السورية مرحلة جديدة مغايرة تماماً لما كانت عليه قبل ذلك التاريخ.

من اشتباكات دمشق

وهو ما عبرت عنه فتاة تبلغ من العمر 25 عاماً، وهي من سكان المدينة القديمة، بعد أن رفضت الكشف عن هويتها في ظل الأحداث والاضطرابات التي تعيش على وقعها البلاد منذ أكثر من 16 شهراً بقولها :quot; حتى صباح يوم أمس كنت أشعر بأن النظام مازال يحكم قبضته القوية على البلاد. لكن كل شيء تغيّر بعد تمام الثالثة ظهراً، وبدأت تسير الأمور في اتجاه مختلف تماماً، فور الإعلان عن تفجير مبنى الأمن القومي، واستهداف مجموعة من أبرز الشخصيات الأمنية من بينهم آصف شوكتquot;.

وهي المشاعر نفسها التي عبّر عنها عدد من سكان دمشق الذين نجحت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في التواصل معهم من خلال الإنترنت. وأعقبت الصحيفة بتنويهها إلى أن المشهد بدأ يوم أمس بتدافع الناس إلى المتاجر لتخزين احتياجاتهم في حال اندلاع القتال في المدينة، ومن بينها المياه والدقيق والمعكرونة والبطاريات. ثم أغلقت المتاجر في وقت مبكر، وخلت الشوارع، واختفت كذلك سيارات الأجرة، والتزم كثيرون منازلهم، بعيداً عن النوافذ، واكتفوا بمشاهدة التلفزيون.

وانقسم الناس بين من يؤيدون الحكومة،حيث يفضلون مشاهدة التلفزيون الرسمي الذي يبث تطمينات بأن الأمور تحت سيطرة الحكومة، وأن البلاد تتعرض لمؤامرة قاتلة من جانب وسائل الإعلام الأجنبية،وبين من يفضلون مشاهدة القنوات الدولية.

هذا وقد نجحت الحكومة السورية في عزل دمشق عن باقي مدن البلاد، منذ بدء الانتفاضة في آذار/ مارس عام 2011، وذلك لاعتقادها أنه في حالة نجاحهم في الإبقاء على دمشق تحت السيطرة، فإن هذا سيكون دليلاً على استمرار بقاء الأسد في السلطة.

لكن الصحيفة رأت أن عمليات الكر والفر التي كانت تحدث في عدة مدن سورية بين الجيشين النظامي والحر كانت تشكل منحنى في مسار الثورة الثورية، حتى جاء يوم أمس لتتحول كثير من الأمور وتتبدل كثير من الظروف، وأن هذا التغيير لم يحدث في دمشق وحدها، حيث قال ناشطون في حماة إنهم وزعوا الحلوى في الشوارع ابتهاجاً بمقتل المسؤولين الأمنيين الكبار الذين سقطوا جراء هجوم يوم أمس، وحثوا الشيوخ على إخبار الآباء بإلحاق أبنائهم في الجيش لأن الوقت حان لتحديد موقفهم.

ورغم ذلك، أكدت الصحيفة أن التغيير كان ملموساً بصورة أوضح في العاصمة دمشق، وقد تحدث كثيرون ممن ليست لهم أية علاقة بالسياسة عن اعتزامهم الفرار إلى بيروت عند أول فرصة تسنح أمامهم. وبالتزامن مع ذلك، بدأ يعبر أنصار الحكومة عن غضبهم، ونزلت مجموعات من العلويين المؤيدين للأسد للتجول في الشوارع في وسط دمشق مساء يوم الأربعاء، وظلوا يتوعدون ويهددون أي شخص يقابلونه.

وقال مالِك وهو طالب سوري يقيم في نيويورك ويقضي معظم يومه في الاتصال بأصدقائه ووالديه في سوريا: quot;يقول بعضهم إنهم يريدون القتال، والانتقام لما حدث يوم أمس، فهم عاطفيون إلى أبعد حد. لكن الأغلبية لا تريد سوى الهرب، وترى أن بشار الأسد يدفعنا نحو الهاوية، وهم غير سعداء بما يجري من حولهم من أحداثquot;.

ثم نوهت الصحيفة إلى حالة التخوف القائمة من أن تتحول الحرب إلى مواجهة بين السنة والعلويين، ونقلت عن لؤي حسين، سياسي علوي بارز ويعتبر نفسه من المنتمين الى المعارضة، لكنه ظل في دمشق في الوقت الذي فر فيه معظم الناشطين إلى الخارج أثناء الانتفاضة، قوله: quot;سيمهد كل هذا الصراع المسلح الطريق إلى حرب أهلية. وأخشى أن يكون هجوم الأمس نقطة تحول ضد الثوار، حيث سيكون النظام أكثر وحشيةquot;.

وختمت النيويورك تايمز حديثها بنقلها عن شاب دمشقي يدعى قويص العمر قوله :quot; أشعر الآن أن النظام قد يسقط بالفعل، فقد شعرنا للمرة الأولى أن النظام يتهاوى. ولم نكن نتوقع حدوث ذلك على الإطلاق، وقد انتابتني دهشة شديدة للغاية، ومنحني هذا الهجوم دفعة للاستمرار في عملي كناشط. وهو دفعة قوية أيضاً للثوارquot;.