تحاول الإدارة الأميركية تثبيت اتفاق السلام بين جوبا والخرطوم، ولهذا الغرض جاءت زيارة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الى جنوب السودان حيث حثت المسؤولين هناك بلغة صارمة على ضرورة حل الخلافات وإبرام صفقة نفطية مع السودان.


في ظل مشاعر الإحباط التي تهيمن عليها، جراء مرور عام بأكمله من العقبات وأعمال العنف واحتمالية نشوب أزمة لاجئين في بلد ساهمت في ظهوره الى الحياة خلال الصيف الماضي، تبذل حالياً الإدارة الأميركية جهوداً حثيثةً من أجل إنقاذ الوضع المتأزم في دولة جنوب السودان، وقد أوفدت مؤخراً وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، إلى هناك، من أجل مقابلة المسؤولين وتوجيههم ببعض النصائح الصارمة.

وقد طالبت كلينتون الرئيس سيلفا كير، خلال المقابلة التي جمعت بينهما في الثالث من الشهر الجاري، أن يبرم اتفاق سلام دائم، وكذلك صفقة نفطية مع السودان، وذلك بعد يوم واحد فقط من تحديد الأمم المتحدة موعداً نهائياً لكلتا الدولتين كي تحرزا تقدماً على صعيد حل خلافاتهما المحتدمة، علماً بأن العقوبات ستطالهما إن استمر القتال.

وأوردت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن كلينتون قولها: quot;نسبة تحقيق ثمة شيء أفضل من نسبة تحقيق لا شيءquot;. فيما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن أحد الوسطاء البارزين، يوم السبت الماضي، قوله إن البلدين توصلا لاتفاق نفطي.

كلينتون مع سيلفا كير

وفي الوقت الذي تحظى فيه دولة جنوب السودان بدعم يقدر بملايين الدولارات في صورة مساعدات أميركية وأوروبية، فإنها تعتبر أحدث دول العالم وببعض المقاييس تعتبر أقلها تقدماً. وأوضحت الصحيفة أن النزاعات القائمة حالياً بين السودان والجنوب بخصوص النفط والأرض تهدد بنسف اتفاق سلام تم إبرامه في العام 2005 وأنهى ما كان ينظر إليه باعتباره أطول حرب أهلية تشهدها القارة السمراء.

ورغم انفصال الجنوب في تموز/ يوليو عام 2011، إلا أن الترتيبات التي اتخذت في سبيل ذلك تسببت في ترك الحدود سهلة الاختراق وبثت حالة من الفوضى في التفاصيل المتعلقة بعملية إنتاج النفط. وكان البَلَدان على وشك الدخول في حرب خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، حيث تسبب القتال الذي اندلع بينهما في تلك الفترة في إزاحة أكثر من 200 ألف شخص، في واحدة من أسوأ أزمات اللاجئين في العالم.

وبعد يوم واحد فقط من زيارة كلينتون، قال ثابو مبيكي، الرئيس الجنوب أفريقي السابق ووسيط الاتحاد الأفريقي في السودان، إن البلدين توصلا أخيراً إلى اتفاق نفطي.

ونقلت عنه رويترز قوله: quot;هذا اتفاق نفطي ينطوي على كافة الأمور، ومن أبرزها رسوم النقل والتجهيز والعبور. وينتظر أن تحدد دولتا السودان والجنوب عما قريب التوقيت الذي ستقومان فيه باستئناف صادرات النفط الجنوبي إلى الشمالquot;.

وقد أصدرت كلينتون في وقت لاحق بياناً رحبت فيه بالاتفاق، مشددةً على أنه يعكس quot;وجود قيادة وروح جديدة للتسوية في كلا الجانبينquot;. وأثنت أيضاً على الشجاعة التي أبداها قادة جنوب السودان، وكذلك على الموقف الذي تبنته حكومة الخرطوم.

فيما رأت الصحيفة أن ذلك الاتفاق جاء مفاجئاً، حيث كانت تصر السودان من قبل على إبرام اتفاق خاص بأمن الحدود، قبل إجراء مناقشات بشأن إنتاج النفط وتقاسم العائدات.

وكلينتون هي أرفع مسؤول أميركي يسافر إلى جنوب السودان منذ الإعلان عن تأسيسها، وسط آمال تحدو واشنطن بأن تكون صديقاً جديداً للولايات المتحدة ونموذجاً للنشر البنَّاء للمساعدات التي يقدمها الجانب الأميركي.

وبحسب quot;واشنطن بوستquot;، فإن تصرفات وأقوال كير التي كان يختار مفرداتها بعناية لدى مقابلته كلينتون تبين أنه علم أن داعميه الأميركيين غير سعداء، خاصة وأنه تسبب في غضب المسؤولين الأميركيين طوال العام الماضي حين نفى مراراً وتكراراً أن حكومته مازالت تدعم المتمردين الذين تقطعت بهم السبل في السودان منذ انفصال الجنوب.