بدأ الجيش المصري حرباً ضد الجماعات الإرهابية المسلحة في سيناء، مستخدماً فيها الطائرات الحربية للمرة الأولى منذ انتهاء حرب أكتوبر 1973، ودخلت الدبابات المصرية إلى العمق في سيناء، بالتنسيق مع إسرائيل، وفقاً لبنود معاهدة كامب ديفيد، التي تحظر على مصر الدخول بقوات عسكرية كبيرة أو معدات ثقيلة في المنطقة quot;جquot;، إلا بالتنسيق مع إسرائيل، غير أن الخبراء العسكريين يعتقدون أن المعركة لن تكون سهلة، لاسيما في ظل التسليح الجيد للجماعات الإرهابية، وتحصّنها في الجبال والكهوف.


الجيش المصري

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: وفقاً لمصدر عسكري فإن المعركة التي انطلقت مساء الثلاثاء 7 أغسطس/ آب الجاري، تشترك فيها قوات مصرية تتضمن دبابات ومدرعات، بدعم من الطائرات الحربية، مشيراً إلى أنه جرى التنسيق مع إسرائيل من أجل دخول تلك القوات، طبقاً لبنود اتفاقية السلام.

وقال المصدر لـquot;إيلافquot; إن العملية التي أطلق عليها اسم quot;النسرquot;، سوف تستمر إلى حين تطهير جبال سيناء من العناصر الإرهابية. وأشار إلى أن أكثر من 2300 جندي وضابط يشاركون في المعركة.

ولفت إلى أن القوات تشنّ هجمات حالياً على جبل الحلال، الذي يتحصن فيه المسلحون، مشيراً إلى أن هذه المنطقة وعرة جداً، وتضم جبالاً من الصعب على الدبابات أو المدرعات الوصول إليها، وتحتاج قوات خاصة مدعومة بالطائرات الحربية.

ليست سهلة
وأعرب المصدر عن خشيته من أن المعركة لن تكون سهلة هذه المرة، وستكون صعبة جداً، وقد يسقط المزيد من الضحايا، لاسيما في ظل كثرة أعداد المسلحين، وانتشارهم في شتى الجبال، ومعرفتهم الجيدة بالدروب والمدقات والكهوف في سيناء، إضافة إلى أنهم يمتلكون أسلحة ثقيلة، مثل مضادات الطائرات والدبابات، فضلاً عن المدافع الرشاشة والغرانوف والأر بي جيه.

مشيراً إلى أن المعركة غير محددة المدة، ولن تتوقف إلا بعد تحقيق أهدافها المتمثلة في تطهير سيناء من العناصر الإرهابية، ولفت إلى أن اليوم تم قتل ما يزيد على 25 عنصراً إرهابياً، كانوا يتحصنون في منطقة التوما، منوهاً بأن بعضهم من جنسيات غير مصرية. ونبه إلى أن العمليات تتضمن مداهمة المنازل، والقبض على العناصر التي تقدم دعماً للعناصر الإرهابية، لافتًا إلى أن العمليات تتوقف في منتصف النهار، ويتم استئنافها ليلاً بعد الإفطار وحتى منتصف نهار اليوم التالي.

سجل دموي
وقال اللواء قدري سعيد الخبير الإستراتيجي إن العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية، لابد أن تستمر وبقوة، مشيراً إلى أن هذه الجماعات تمثل خطراً داهماً على الأمن القومي المصري. وأضاف سعيد لـquot;إيلافquot; أنه يجب على المصريين الإعتراف بأن الوضع في سيناء صار خطراً، ولم يعد السكوت عليه أو تأجيل التعامل مع هذا الملف هو الأفضل، بل يجب المواجهة بحسم، مستبعداً أن تكون إسرائيل ضالعة في العملية التي قتل فيها 16 من عناصر قوات حرس الحدود.

وإتهم الجماعات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة بالوقوف وراء الجريمة، وقال إن الجماعات الإسلامية المتشددة لديها سجل ملوث بدماء المصريين، وكان يجب على الجهات المسؤولة تجاهل التحذيرات أو التعامل بقليل من الجدية مع المعلومات التي تحدثت عن وجود تخطيط للعملية، بحجة أن المسلم لن يقتل المسلم في رمضان، مشيراً إلى أن هذه الجماعات ارتكبت الكثير من الجرائم ضد المصريين، وفجّرت الفنادق في شرم الشيخ وسيناء، وكانت تقتل المصريين في الداخل، وليس في سيناء فقط، وتهاجم محال الذهب.

مراجعة اتفاقية السلام

الحدود بين مصر وإسرائيل

وتوقع سعيد أن تكون المعركة مع هذه الجماعات صعبة، موضحاً أن لديها أسلحة قوية الآن، حصلوا عليها بعد سقوط القذافي في ليبيا، ومنها أسلحة ثقيلة، ومضادات طائرات ودبابات، وأشار إلى أن هناك خطرًا على مصر وإسرائيل معاً بسبب هذه الجماعات.

مؤكداً أن الظروف الحالية تفرض على الجانبين مراجعة إتفاقية السلام، من أجل زيادة أعداد القوات المصرية وتسليحها في المنطقة quot;جquot;، لمواجهة التحديات الطارئة، لاسيما أن بعض هذه الجماعات تشنّ هجمات على الجانبين، فضلاً عن أن القوات المصرية الموجودة الآن لا تستطيع مواجهة هذه العناصر، التي يصل عددها إلى الآلاف، ولديها أسلحة ثقيلة، في حين أن القوات المصرية لا تزيد على 750 جنديا، ولديها تسليح لا يزيد على البنادق فقط.

معركة متأخرة
فيما قال اللواء محمود سعيد الخبير الإستراتيجي إن العمليات الحالية كان يفترض أن تبدأ قبل خمسة أعوام على الأقل، مشيراً إلى أن الإنتشار للجماعات المسلحة زاد بشكل ملحوظ منذ العام 2004، عندما وقعت تفجيرات طابا.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن مصر كانت تعتمد دائماً على قوات الشرطة في مواجهة الجماعات الإرهابية، ولم تطلب من قبل استخدام قوات عسكرية، مدعومة بالطائرات والدبابات والمدرعات، ولفت إلى أن الإنتظار كل هذه السنوات أدى إلى تفاقم الأوضاع، مشيراً إلى أن هناك إحتمالات عدة بشأن العمليات العسكرية الحالية، الأول نجاح القوات في القضاء على هذه الجماعات، ولكن هذا يستلزم بعض الوقت، والثاني عدم نحاجها في ذلك بشكل كامل، لاسيما في ظل تحصن الإرهابيين في الجبال الوعرة، وعدم قدرة القوات العادية على الوصول إليهم وقتلهم أو القبض عليهم فيها.

مشيراً إلى أن الإحتمال الثالث هو ما يجب تنفيذه بشكل عاجل، وهو أن تطلب مصر تعديل الملاحق الأمنية في إتفاقية كامب ديفيد، بحيث تسمح بتواجد أعداد كبيرة من القوات المسلحة المصرية، ما يمكنها من استئصال الإرهاب من سيناء بشكل كامل، لأن هناك حاجة ملحّة إلى إستمرار هذه العمليات، وليس القيام بعملية ثم التوقف، ثم القيام بأخرى، كلما نجحت الجماعات في القيام بعملية، أي إنه يجب ألا تقوم القوات المصرية برد الفعل، بل يجب أن تقوم بالفعل، أو البدء بالهجوم دائماً لتصفية الجيوب الإرهابية في سيناء.