قال اللواء نبيل فؤاد مساعد وزير الدفاع المصري السابق في حديث خاص مع quot;إيلافquot;إن أحداث سيناء التي راح ضحيتها 16 جندياً قتلى، 7 آخرون جرحى، تؤكد أن هناك حاجة ملحة لتعديل إتفاقية السلام مع إسرائيل.


القاهرة: يرى اللواء نبيل فؤاد أنالعملية الإرهابية المتمثلة في الهجومعلى قوات الأمن المصرية في سيناءتؤشر على أن هناك وجودًا قويا لتنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية في سيناء، ما يتطلب زيادة عدد القوات وزيادة تسليحها، حتى تتمكن من مواجهة هذه التهديدات. وتحدث فؤاد عن الكثير من القضايا الهامة والساخنة، وإليكم نص الحوار:

ـ كيف ترى حادث رفح الذي راح ضحيته 16 جندياً وإصابة نحو 7 آخرين؟

اللواء نبيل فؤاد

إنه حادث مؤسف جداً، ويدعو للتفكير في أمر سيناء، ويؤكد أن هناك حاجة ضرورية لمراجعة اتفاقية السلام مع إسرائيل، بما يتيح انتشار قوات أكبر وبتسليح أكبر حتى تتمكن من مواجهة الجماعات المسلحة، التي تتعامل بأسلحة متطورة جداً، مثل quot;الأر بي جيquot; والمدافع الرشاشة ومضادات الدبابات والطائرات، ويجب أن يكون موضوع تعديل إتفاقية السلام حاضراً على جدول الأعمال في اللقاءات بين المسؤولين الإسرائيليين والمصريين.

ويجب أن تمارس مصر ضغوطاً على الولايات المتحدة الأميركية من أجل حملها على الضغط على إسرائيل، للقبول بتعديل إتفاقية السلام. وهذا الحادث يؤكد أيضاً أن تنظيم القاعدة له موطئ قدم في سيناء، وأنه يسعى إلى جانب بعض التنظمات التكفيرية إلى إعلان سيناء إمارة إسلامية، وهذا لن يكون أبداً.

ـ دعت إسرائيل رعاياها إلى مغادرة سيناء فوراً قبل ثلاثة أيام من الحادث، فإذا كانت لديها معلومات إستخباراتية عن الحادث، فلماذا لم تمد مصر بها، أم أنه ليس هناك تعاون إستخباراتي بين الجانبين؟

المعلومات أذيعت عبر وسائل الإعلام، وقيل إن هناك مخططات لشن هجمات إرهابية في سيناء، لكن كيف ومتى وأين، هذه هي الأسئلة الملحة. وهناك تعاون بين الأجهزة الإستخباراتية المصرية والإسرائيلية في هذا الشأن، حيث إن هناك لجنة مشتركة من الجانبين تعقد إجتماعات دورية كل فترة وجيزة، وأعتقد أن مقر اللجنة الإسرائيلية يقع في بئر سبع، ويقع مقر اللجنة المصرية في العريش، وتجتمع اللجنة المشتركة لبحث المستجدات الأمنية، والمخالفات التي تقع بشأن إتفاقية السلام.

لكن الفيصل في مثل تلك الحوادث ليس المعلومة، ولكن طريقة مواجهة التهديدات التي وردت في تلك المعلومة، فالقوات المصرية الموجودة في سيناء، ليس لديها تسليح كاف لمواجهة التهديدات الأمنية في سيناء، فهي قوات بوليسية عادية تسليحها لا يزيد عن البنادق، وأعدادها قليلة جداً، إلى جانب قوات حرس الحدود، وهي تعاني قلة العدد وقلة التسليح أيضاً، وهذا يتطلب إعادة النظر في اتفاقية السلام، لزيادة عدد الجنود وتسليحهم حتى تتمكن مصر من بسط سيادتها وسلطتها عليها بشكل يقضي على الجماعات المسلحة.

ـ ولماذا ترفض إسرائيل تعديل إتفاقية السلام رغم أنها تشكو وتطالب مصر دائماً بمكافحة الجماعات المسلحة وضبط الأمن في سيناء؟

إسرائيل ليس من مصلحتها حدوث استقرار في مصر، بل من مصلحتها إثارة الفوضى في مصر كلها، وليس في سيناء فقط، حتى يكون لديها مبررات في الضغط على مصر في ملفات عدة، بالإضافة إلى أن تظل هي القوة الوحيدة في المنطقة، وتحقق أطماعها التوسعية، وهي تعمل دائماً على إثارة القلاقل والفوضى في سيناء، من أجل تشتيت ذهن القيادات السياسية والعسكرية في مصر، وشغلها عن عمليات التنمية في مصر ككل وسيناء خصوصاً، وبهدف إنهاك القوات المصرية باستمرار في معارك جانبية مع جماعات مسلحة.

ـ وماذا بشأن ما يقال عن وجود خطط إسرائيلية لاجتياح سيناء بحجة ضبط الأمن وحماية حدودها؟

من حق كل دولة أن تضع الخطط التي تحفظ أمنها، ومن حق مصر أن تضع الخطط أيضاً، وإذا كانت إسرائيل لديها خطط لاجتياح سيناء فنحن أيضاً لدينا خطط لـquot;كسر رجلquot; كل من يفكر في وضع قدمه على أرض سيناء، لكننا ملتزمون بإتفاقية السلام طالما الطرف الآخر ملتزم بها.

ـ ولماذا حدث هذا التطور المفاجئ في تدهور الأمن بسيناء، بشكل لم يكن موجوداً قبل الثورة؟

هذا التدهور لم يحدث فجأة، ولكن ساعدت عليه مجموعة من الظروف التي طرأت على مصر والمنطقة منذ عام وثمانية أشهر، عندما إندلع الربيع العربي، حيث انشغلت مصر بعض الشيء بترتيب بيتها الداخلي بعد الثورة التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وفي الوقت نفسه إندلعت الثورة الليبية، وتسربت أسلحة الجيش الليبي إلى الجماعات المسلحة عبر مافيا تجارة السلاح والمخدرات، ومنها مضادات الطائرات والدبابات والصواريخ المحمولة على الكتف، ومدافع الأر بي جي والجرانوف، وغيرها من الأسلحة.

ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش المصري والشرطة في مكافحة تهريب السلاح من ليبيا، إلا أن التهريب مازال مستمراً، وهذا ليس لتقصير من الجهات المسؤولة، ولكن لا تستطيع أي دولة في العالم حماية حدودها من التهريب بدرجة مائة بالمائة، ومنها أميركا بما تملكه من تكنولوجيا متطورة، فالحدود الأميركية مع المكسيك تسيطر عليها العصابات ومافيا تهريب السلاح والمخدرات، وهذه المافيا تنشط بشدة في مناطق الصراعات، والمناطق التي تمر بفترة تحول في تاريخها. ونشطت هذه المافيات في مصر مؤخراً، وإتخذت من سيناء مستقراً لها، في تقييد حركة القوات المصرية بموجب اتفاقية السلام.

ـ وهل الحادث الذي راح ضحيته 16 جندياً قتلى وسبعة آخرون جرحى، يمكن أن يكون قد ارتكبته القاعدة أم جماعات قادمة من غزة؟

النيران مندلعة في آلية خلال الهجوم الأخير في سيناء
المعلومات الأولية وروايات شهود العيان تشير إلى أن الجناة كانوا يتحدثون بلهجة غير مصرية، ويرتدون ملابس بدوية وأنهم لديهم لحى، وهناك أشخاص كثيرون ليسوا مصريين، تابعون للقاعدة في سيناء، مدفعون من الخارج لإثارة القلق وزعزعة الإستقرار في مصر، وهؤلاء المتسربون للداخل المصري، لديهم استعداد لارتكاب أية أفعال من شأنها تحقيق أهداف الخارج في ضرب مصر وشغلها بمشاكلها وأزماتها الداخلية دائماً.
وليس بمستبعد أن تكون تلك العناصر تنتمي إلى دول عربية، لكن ينبغي عدم التعجل في إصدار الأحكام وإنتظار نتائج التحريات والتحقيقات، لأن القضية كبيرة، وتعتبر كارثة على الأمن القومي المصري، ولن يتم التهاون في التعامل معها. وأعتقد أنها سوف تؤثر بشكل مباشرفي الأوضاع في مصر خارجياً وداخلياً.

ـ وكيف يمكن تجنب تكرار هذا الحادث في المستقبل؟

تجنب تكرار هذا الحادث يحتاج إلى أمرين مهمين، أولهما تعديل إتفاقية السلام كما قلت بما يضمن إنتشارا أكبر بعدد وعتاد أكبر للقوات المصرية في سيناء، حتى تتمكن من التعامل ومكافحة الجماعات المسلحة، وهذا يتطلب موافقة الطرف الآخر وهو إسرائيل، التي من مصلحتها عدم الإستقرار في سيناء وفي مصر عموماً بعكس ما تبديه إعلامياً، ولكن يجب أن تدخل أميركا بأعتبارها راعياً للإتفاقية، لاسيما أن الإتفاقية يوجد بها بند ينص على مراجعتها بموافقة الطرفين.

ويمكن تجنب تكرار هذا الحادث من خلال تنمية سيناء وزرعها بالبشر، خاصة أن إتفاقية السلام لا تقيد عمليات التنمية، ولكن هناك إهمال من جانب الحكومات المصرية المتعاقبة منذ 1973 في تنمية سيناء، لأسباب منها عدم كفاية الميزانية، ولكن يجب النظر إليها بالكثير من الجدية في ظل هذه التهديدات المحدقة.