انتهت المعارضة السورية من إعداد الأرضية لتولي مسؤولية الأمن والإدارة بعد انهيار نظام الرئيس بشار الأسد، الذي ترى أنه بات حتميًا، كما أفاد ناشطون يشاركون في دورة تدريبية في الخارج.


التخطيط والنقاشات بشأن فترة ما بعد انتهاء النزاع تحظى باهتمام كبير من المناوئين للنظام

إعداد عبد الإله مجيد: يعترف الناشطون بأن خطط الانتقال قاصرة ومشوشة، معربين عن خوفهم من أن يؤدي سقوط النظام إلى حملات انتقامية تستهدف العلويين.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن الناشط معتز من دمشق قوله إن الفوضى ستعمّ لفترة من الوقت. ولكن التخطيط والنقاشات بشأن فترة ما بعد انتهاء النزاع تحظى باهتمام كبير من المناوئين للنظام، كما أكد الناشطون في مقابلة جماعية معهم في بيروت، طالبين عدم ذكر أسمائهم، لأنهم عائدون إلى سوريا لمواصلة العمل في الانتفاضة. ودُعي عشرات منهم إلى الخارج للمشاركة في برنامج تدريبي أعدّته منظمة quot;أفازquot; الغربية، بحسب صحيفة فايننشيال تايمز.

ورسم الجمع بين ناشطين قاعديين وآخرين قياديين من عموم سوريا صورة جزئية متشظية لحركة سياسية تكافح من أجل تقديم بديل ذي مصداقية لنظام الأسد في مواجهة حملة بطش دموي ومنافسة محتدمة من جماعات إسلامية متطرفة، لها ارتباطات بتنظيم القاعدة، لكنها تبنت قضية الثورة لتنفيذ أجندتها العقائدية.

وقال الناشطون، الذين تحدثوا في بيروت، إن شبكة من مجالس الثورة انبثقت برئاسة أطباء ومحامين ورجال دين وشخصيات اجتماعية. ويجتمع أعضاء هذه المجالس السرية في الغالب في أقبية أو منازل وأحيانًا يتواصلون عن طريق سكايب.

وذكر الناشط عبد الله من محافظة حلب إن البعض ينسقون أنشطتهم مع المعارضة السورية في الخارج، ويحاولون أن يوجّهوا سياسيًا وحدات الجيش السوري الحر، التي تخوض القتال. واعتبر عبد الله هذه المجالس بأنها quot;نواة الحكومة المقبلةquot;.

وأفاد الناشطون أن الجيش السوري الحر يتصدر الآن مهمة توفير المساعدات الإنسانية، بما في ذلك ماء الشرب وغاز الطهي والمحروقات، فضلاً عن الأمن في مناطق، مثل محافظة إدلب وضاحية دوما في ريف دمشق ومدينة دير الزور في الشرق. ويتيح نظام معقد من بطاقات المرور الصادرة من وحدات الجيش الحر المختلفة تنقل الناشطين والمدنيين، كما قال أحد الناشطين.

وأشار ناشط آخر إلى أن الجيش السوري الحر بدأ إطلاق نظام لإصدار بطاقات هوية. وقال ناشطون عدة إن الجيش السوري الحر أقام نظامًا قضائيًا مؤقتًا للتحقيق مع المعتقلين. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن الناشط حمدي من محافظة إدلب إن الجيش السوري الحر في منطقته يحتجز المشتبه في أنهم من الموالين للنظام في سجون ارتجالية، ويُخضِعهم أحيانًا quot;لتحقيقات قاسيةquot; بهدف معرفة هويتهم ودوافعهم.

وقال الناشط quot;إنهم يطعمونهم جيدًا، ولكنهم قد يضربونهم لإنتزاع اعتراف، ولكنه ليس كالتعذيب في سجون النظام. وإذا اعترف الشخص بأنه من عملاء النظام فإنه يُقتلquot;.

ووصف ناشط من ضاحية دوما سجن تابع للجيش السوري الحر يُحتجز ويُستجوب فيه جنود من جيش النظام. وقال الناشط الذي قدم نفسه أيضًا باسم معتز إنه يعرف ثلاثة رجال أُفرج عنهم، ولكن أكثر من 12 آخرين قتلهم الجيش السوري الحر بموجب هذا النظام.

ويبدو أن المنطقة الكردية أفضل استعدادًا لانهيار النظام، بسبب وجود أحزاب سياسية منذ فترة طويلة أساسًا، كما لاحظ ناشطون. وقال الناشط الكردي آزاد، الذي شارك في البرنامج التدريبي، quot;لدينا في محافظة حلب مئات القرى الكردية، التي لا توجد فيها حكومة ولا شرطة، ونحن نتولى إدارة شؤونهاquot;.

ويسيطر مقاتلو المعارضة على مناطق واسعة من محافظة حمص، كما قال الناشط رامي، مؤكدًا أن هذا الوضع قائم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وأن لدى مجلس الثورة هناك خطة.

واتسعت صفوف الجيش السوري الحر خلال الفترة الماضية. وقال ناشط إن الناشطين المدنيين السابقين يشكلون نحو 70 في المئة من بعض وحدات الجيش السوري الحر. وأضاف quot;إن الجيش الحر ينسق أنشطته مع الناشطين، ولكن هناك ناشطين أصبحوا مقاتلين في الجيش الحر، وهناك ناشطين يشاركون في الاحتجاجات نهارًا، ويحملون السلاح ليلاًquot;.

وأعرب بعض الناشطين الاثني عشر عن ثقتهم بأن روح الانتفاضات العربية سوف تساعد على إنجاز مرحلة ما بعد الأسد بلا معوقات كبيرة.
وقال أحد الناشطين quot;نحن لا نحتاج خطة انتقالية. فإن السوريين تمكنوا من تنظيم أنفسهم في انتفاضة سلمية، ثم شكلوا الجيش الحر للقتال ضد الدكتاتورية وإنقاذ البلدquot;.

لكن تسليح الناشطين يمكن أن يشكل تحديًا في المستقبل. فإن جميع المدنيين تقريبًا الذين حملوا السلاح فقدوا أقارب لهم، وهم يريدون الانتقام، بعكس الجنود المنشقين، كما قال الناشطون. وأعرب ناشط عن اقتناعه بأن الوضع quot;لن يصل إلى مرحلة العراق، بل سيكون أكثر تحضرًا، ولكن هناك أشخاصًا فقدوا آباءهم وأشقاءهم وأبناءهم. ومما يدعو إلى الحزن أن أعمالاً انتقامية ستحدثquot;.