رغم أن تداعيات الحرب باتت مألوفة للجميع في مدينة حلب السورية، مع استمرار قصف الأحياء وقتل المدنيين وترحيل اللاجئين، إلا أن الكثير من السوريين بدأوا يتحدثون عن ثمة شيء آخر جعلهم يرتعدون من الخوف، إلا وهو المتعلق بنشوب موجة من انعدام القانون كموجة الجرائم التي سبق للعراق أن مر بها أثناء الصراع هناك.


quot;الجيش الحرquot; ينفذ إعدامًا بحق 13 شخص من آل quot;بريquot; في حي صلاح الدين الحلبي

أشرف أبوجلالة من القاهرة: قالت اليوم صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية إن القتال الذي اندلع بدايةً من درعا، على الحدود الأردنية، وانتهاءً بحمص ودمشق وحلب (عاصمة البلاد التجارية) قد أدى بشكل أساسي إلى انهيار جزء كبير من الدولة المدنية.

حتى في الأحيان التي نادراً ما تحدث بها مناوشات، يقول السكان إن اللصوص يفترسون الضعفاء، في الوقت الذي لم تعد تعمل فيه أقسام الشرطة بسبب فرار الضباط.

كما إن الخطف، الذي كان نادراً من قبل، بات منتشراً الآن، كما أوضح رجل في حلب يدعى حور، حيث قال إنه تعرّض لواقعة اختطاف على يد ثلاثة من المجهولين قبل فترة، مضيفاً في هذا السياق quot;ثم طلبوا بعدها من أسرتي فدية قدرها 15 مليون ليرة سورية (حوالى 200 ألف دولار). فقد كانوا مجرمين، وليسوا جماعة سياسية. وأخبروني أنهم يعرفونني، ويعلمون أن أسرتي قادرة على دفع مثل هذا المبلغquot;.

بينما أوضح قادة الثوار أنهم يحاولون سدّ الفراغ الحاصل في تلك الأثناء على الصعيد الأمني، ونقلت الصحيفة عن أحدهم، ويدعى أبو محمد، 30 عاماً، في شرق حلب، قوله: quot;نقوم بإدارة نقاط تفتيش لحماية مناطقنا من اللصوص والمجرمينquot;.

لكن في الوقت الذي مازالت تستعر فيه المعارك الدامية في أنحاء المدينة كافة، فإن سيطرة الثوار لا تزال محدودة. وأشار سوريون في حلب وأماكن أخرى إلى أنهم بدأوا يلجؤون الآن إلى دفن مجوهراتهم وباقي الأشياء الثمينة في داخل قطع الأثاث. ولم يعد يضع البعض أموالاً في جيوبهم حين يخرجون، وبدأ يغلق السكان وأصحاب الشركات في كل أنحاء البلاد ممتلكاتهم لحمايتها من الانتهازيين المسلحين المختلطين بالمقاتلين.

وقالت ياسمين، 50 عاماً، من سكان مدينة حلب، بعدما خشيت ذكر اسمها الأخير: quot;لا يرغب أحد في مغادرة منزله، لأنك لا تعلم من سيوقفك أو من سيهاجمك. والحالة السائدة الآن هي حالة من الفوضى وانعدام القانون والخوف، ومع انتشار كل هؤلاء اللصوص في الشوارع، لا تعرف من قد يقوم باختطافك، ومن ثم يطلب فديةquot;.

أعقبت الصحيفة بقولها إن انزلاق حلب صوب ثمة شيء يشبه الفوضى بدأ قبل أشهر عدة، نتيجة الانفلات الحاصل هناك، مع قطع الطرق، وانتشار السرقات، لدرجة إن أحد مصدري السيارات الكبار في سوريا أخبر صديقًا لبنانيًا أخيراً أنه سيتعيّن عليه البدء في إرسال مركبات إلى العراق بوساطة القوارب من لبنان بسبب انعدام الأمن.

عمليات الاخطف مقابل ديات ماليةمستمرة في سوريا

ثم بدأ يكثر الحديث عن عمليات الاختطاف، حيث قالت أمل هنانو، وهي كاتبة سورية ومحللة تعيش في الولايات المتحدة، إنه بحلول نهاية آذار/ مارس الماضي، مع إعلان الحكومة عن نجاحها في استعادة سيطرتها على المدن القريبة، بدأت تُطلَب الفدية بصورة يومية في حلب. وأضافت quot; يطلب الخاطفون عادةً مبلغاً يقدر بحوالى 75 ألف دولار، ثم يخفضونه إلى خمس ذلك المبلغ بعد مفاوضات عسيرةquot;.

وأشار حور هنا إلى أن شقيقه أجرى مفاوضات مع خاطفيه، ونجح في تخفيض المبلغ، الذي كانوا يطلبونه، وهو 200 ألف دولار، إلى 30 ألف فقط. ومضت الصحيفة تقول في هذا الشأن إنه وإضافة إلى كسب المزيد من الخبرات مع استمرار احتدام الصراع، بدأ يتحول المجرمون ليكونوا أكثر وقاحة كذلك. وقد حمَّل كثير من السوريين حكومة الرئيس الأسد مسؤولية السماح بحدوث الجرائم أو حتى التشجيع عليها.

كما قالت إحدى جماعات حقوق الإنسان، quot;نساء تحت الحصارquot;، إنها وثقت حوالى 100 حالة اغتصاب في سوريا، منذ بدء الصراع، تورّط في كثير منها رجال يعتقد أنهم أعضاء في الميليشيات الموالية للحكومة.

وقال بعض الناشطين إن سلوك الشبيحة ساهم في تولد حالة الغضب التي دفعت الثوار إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بدون إجراءات بحق أشخاص عدة يشتبه في كونهم شبيحة عبر فيديو من حلب ظهر في الأسبوع الماضي.

لكن الشبيحة ليسوا المشكلة الوحيدة، حيث أشار قادة الثوار إلى أنهم يواجهون مشاكل أيضاً مع quot;لصوص النهارquot;، الذين يستولون على الخبز ويبيعونه في السوق السوداء.