خلال زيارتها إلى تركيا، دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى فرض منطقة حظر طيران على سوريا، معتبرة أنه الخيار الأفضل بالنسبة إلى الولايات المتحدة. لكن الرئيس باراك أوباما قد يأخذ المزيد من الوقت قبل اختيار هذا الإقتراح، الذي يبدو أنه إشارة موجّهة إلى روسيا.


واشنطن لا تستبعد فرض حظر جوي فوق سوريا

لميس فرحات: تأكيد وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون على أن منطقة الحظر الجوي هي واحدة من الخيارات التي تدرسها الولايات المتحدة للتصدي لسفك الدماء في سوريا لا يعني أن هذه الخطوة أصبحت وشيكة.

في الواقع، قد يكون الإعلان عن هكذا اقتراح يهدف إلى جعل الحاجة إلى مزيد من التدخل الأميركي في الحرب الأهلية في سوريا، مسألة أقل احتمالاً.

يقول مايكل أوهانلون، المتخصص في قضايا الأمن القومي وسياسات الدفاع في معهد بروكينغز في واشنطن، إن كلينتون quot;قصدت من هذا الإقتراح أن يكون الضربة الأخيرة باتجاه روسيا والقوى الأخرى التي تدعم نظام الرئيس بشار الأسدquot;.

وأضاف: quot;إنها تحاول القول إن بلادها تحاول تجنب شيء لا تريدون حدوثه، وهو أنه (مع أو بدون الأمم المتحدة) سوف نعمق تأثيرنا ومشاركتنا في الأزمة السورية في حال بقي الأسد في السلطة، ما سيؤدي إلى استمرار الحربquot;.

تحدثت كلينتون عن منطقة حظر الطيران وغيرها من الخيارات الممكنة لمساعدة الثوار في سوريا في قتالهم للإطاحة بالرئيس الأسد، وذلك بعد لقائها يوم السبت في إسطنبول مع وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو. وقالت كلينتون إنها ونظيرها اتفقا على أن منطقة حظر الطيران وغيرها من المساعدات للثوار quot;بحاجة إلى مزيد من التحليل المتعمق وأنه لا يمكن اتخاذ قرارات عقلانية من دون تحليل وتخطيط مكثفquot;.

واعتبرت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; أن ما أعلنته كلينتون في كلامها هو أنه من المبكر اتخاذ قرارات في الأيام القليلة المقبلة. لكن مجرد ذكر منطقة حظر الطيران قد يوحي بأن الغرب يقترب من هذا النوع من التدخل العسكري، أسوة بما حدث في ليبيا في العام الماضي، عندما ساعدت قوات الناتو الثوار على إسقاط العقيد الليبي معمّر القذافي.

ويقول محللون إن quot;التدخل العسكري بدعم من الولايات المتحدة في سوريا في هذه المرحلة سيكون أكثر شبهًا بالتدخل الغربي في البلقان في العام 1990، والذي أعقب شلل الأمم المتحدة في البحث عن حل لإنهاء النزاعquot;.

في العام 1999 قامت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بحملة قصف في حرب كوسوفو - من دون تفويض من الأمم المتحدة - والتي حولت الصراع في نهاية المطاف إلى مصلحة المتمردين.

لكن حتى يومنا هذا تبقي الأمم المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي قوات حفظ السلام في كوسوفو، quot;للتذكير فقط، في حال احتاجت كلينتون ومسؤولين غربيين آخرين للتذكرquot;، كما يقول العديد من المحللين الإقليميين، الذين يعتبرون أن التدخلات العسكرية ليست دائمًا سهلة لهذه الغاية.

وأشارت الصحيفة إلى أن كلينتون لديها قائمة طويلة من العوامل، التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في quot;تحليلquot; خيار منطقة حظر الطيران، وفقاً لأوهانلون، quot;لأن أحد هذه العوامل يمكن أن يفتح الباب لتدخل عسكري يؤدي إلى مشاركة أعمقquot;.

هيلاري كلينتون

وأضاف: quot;لا بد من الانتباه إلى المنحدر الزلق، وكيف يمكن أن تتطور منطقة حظر الطيران إلى منطقة محظورة، كما حدث في ليبياquot;، مشيراً إلى أنه في حال فشل حظر الطيران في وقف الهجمات الأسد، فسيكون هناك الكثير من الضغط لضرب الدبابات والمدفعية السورية.

تدخّل الغرب في ليبيا لم يؤد سوى إلى احتجاجات من روسيا وغيرها من القوى المعادية للتدخل، وذلك لأن مصالح تلك القوى الكبرى في بقاء نظام القذافي لم تكن كبيرة جدًا.

لكن الولايات المتحدة، القلقة من أن يؤدي الصراع في سوريا إلى ارتفاع وتيرة الحرب بالوكالة عن المصالح الإقليمية المتنافسة، تدرك جيدًا أن روسيا وإيران، وغيرها من الدول لن تقف مكتوفة الأيدي لتتفرج على تدخل الغرب في سوريا.

إضافة إلى هذه العوامل، أشارت الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تأخذ في الحسبان الحملة الرئاسية الأميركية، فالرئيس أوباما يرغب في تجنب تعميق تورّطه في سوريا.

quot;لكن إذا كان البقاء خارج الصراع السوري سيصبح مستحيلاً، سيفضّل أوباما أن يبدو التدخل العسكري، وكأنه الملاذ الأخير، وليس الخيار الأولquot; كما يقول أوهانلون. الوضع قد يكون مختلفاً لو أن أوباما لم يستخدم الطائرات بدون طيار لمهاجمة قيادة تنظيم القاعدة، وقتل أسامة بن لادن، إضافة إلى زيادة عدد القوات في أفغانستان، وليبيا.

لكن أوهانلون يقول إن quot;تلك الإجراءات تركت لأوباما سجلاً يحفل بـ quot;الإنتصاراتquot; ليستخدمه خلال الحملة الرئاسية، بحيث لا يشعر بأنه مرغم على التدخل في سورياquot;.