رسم يبيّن نتائج التصويت

اعتبر 55% من المشاركين في استفتاء إيلاف الأسبوعي أن مصر لن تتنقل إلى دكتاتورية الإخوان بعد قرارات مرسي الأخيرة والمتمثلة بإقالة قيادات في المجلس العسكري وفي مقدمهم طنطاوي وعنان.


القاهرة: لم يكن أحد في مصر أو أي من المراقبين لما يدور على أرضها يتوقع أن يستطيع الرئيس محمد مرسي زعزعة أعضاء المجلس العسكري، أو خلخلة رموز الدولة العميقة إلا بعد سنوات، لكنه فاجأ الجميع داخلياًوخارجياً، وأصدر قرارات بإقالة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري، والفريق سامي عنان رئيس الأركان، إضافة إلى أربعة قادة آخرين من أعضاء المجلس، وهم قادة الأفرع الرئيسة في القوات المسلحة.

صادمة ومفاجئة

وجاءت قرارات مرسي quot;صادمةquot; ومفاجئة للبعض الآخر، لدرجة أن إسرائيل وصفتها بأنها quot;أخطر من البرنامج النووي الإيرانيquot;، وأنها أسهمت في تأجيل ضربات عسكرية كان من المفترض أن توجهها تل أبيب إلى طهران، وأشارت الولايات المتحدة الأميركية إلى أن القرارات جاءت مفاجئة لقياداتها.

داخلياً، إنقسم المصريون حول تلك القرارات بين مؤيد ومعارض لها، لكن الغالبية منهم أبدوا ارتياحاً شديداً لإقالة قيادات المجلس العسكري، الذي تولى السلطة بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير/ شباط 2011، ووصل الأمر إلى حد مطالبة بعض القوى الثورية بمحاكمتهم بدماء القتلى الذين سقطوا خلال الفترة الإنتقالية. فيما اعتبر البعض الآخر وهم من معارضي الإخوان أن القرارات تنم عن دكتاتورية جديدة، وأنها ليست معبرة عن الديمقراطية التي ينشدها المصريون من وراء ثورة 25 يناير.

لا دكتاتورية

قرّاء إيلاف أنفسهم اختلفوا حول قرارات مرسي، وبنسب تقترب من النسب التي حسم بها الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية مع منافسه فيها الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء في عهد مبارك.

طرحت quot;إيلافquot; على قرائها السؤال التالي ضمن الإستفتاء الإسبوعي: بعد إقالة طنطاوي وقيادات في المجلس العسكري، هل تنتقل مصر من دكتاتورية مبارك إلى دكتاتورية الإخوان؟، ووضعت quot;إيلافquot; القراء بين خيارين quot;نعمquot; وquot;كلاquot;.

وشارك 10416 قارئاً في التصويت، فانحازت الغالبية من المشاركين في الإستفتاء إلى quot;كلاquot;، متوقعين ألا تشكل قرارات مرسي بإقالة قيادات الجيش بادرة لإعادة إنتاج نظام مبارك الدكتاتوري بصبغة إسلامية، وكان عدد المشاركين في الإجابة بquot;كلاquot; 5730 قارئاً، أي ما يعادل 55% من إجمالي المصوتين بالإستفتاء، بينما يرى 4686 قارئاً أي ما يعادل 45% أن قرارات مرسي تصب في خانة استبدال المصريين دكتاتورية مبارك بدكتاتورية الإخوان.

صائبة

قرارات مرسي جاءات بعد مقتل عدد من الجنود المصريين في سيناء

الغالبية من المصريين وشباب الثورة كانوا يرون أن المجلس العسكري عقبة في سبيل إتمام الثورة، بل وصل الأمر إلى حد اتهامه بقيادة الثورة المضادة، واعتبروا أن قرارات الرئيس محمد مرسي بإقالة قيادات بمثابة إنتصار للثورة، وقال محمود عفيفي حركة 6 أبريل، إن القرارات صائبة، مشيراً إلى أنه يجب أن يتفرغ الجيش لعمله الأساسي في حماية حدود الوطن.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن تلك القرارات تمثل بداية حقيقية لتطهير مؤسسات الدولة، مشدداً على أنها لا تمثل دكتاتورية، بل إن الرئيس استخدم صلاحياته أو بالأحرى استعاد صلاحياته، ولفت إلى أن تلك القرارات لا تعبر عن انتقال مصر من دكتاتورية مبارك إلى دكتاتورية الإخوان.

مشيراً إلى أن الشعب المصري لن يسمح بصناعة دكتاتوريين جدد، فقد قتل الخوف، وصار يطمح للديمقراطية والحرية، وشدد على ضرورة محاسبة أعضاء المجلس العسكري المقالين على جرائم المرحلة الإنتقالية، لاسيما أنها سقط فيها العشرات من الشهداء.

ثورية وليست إستبدادية

فيما يؤكد الدكتور جمال حشمت، القيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أن قرارات الرئيس بإقالة قيادات المجلس العسكري تأتي في سياق تحقيق أهداف الثورة، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن تلك القرارات لا تصب في خانة انتقال مصر من استبداد مبارك إلى استبداد مرسي.

معتبراً أن المصريين ودّعوا عصر الإستبداد إلى غير رجعة، وأشار إلى أن هناك الكثير من الجهات والحركات الشعبية تراقب عمل الرئيس، لافتاً إلى أن انفراده بالسلطة التشريعية موقت، إلى حين الإنتهاء من كتابة الدستور وانتخاب مجلس الشعب، متهماً من يروجون لذلك بالكيل بمكيالين، ففي الوقت الذي كان المجلس العسكري ينفرد بالسلطة التشريعية والتنفيذية لم يتهموه بالدكتاتورية، رغم أنه لم يكن منتخباً من الشعب، في حين يتهمون الرئيس المنتخب من الشعب بالدكتاتورية.

انفراد بالسلطة

على الجانب الآخر، يشبه النائب السابق أبو العز الحريري قرارات مرسي بquot;مذبحة القلعةquot; التي قام بها محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة ضد زعماء المماليك في العام 1805، وقال الحريري لـquot;إيلافquot; إن الإخوان أطاحوا بالمجلس العسكري وانفردوا بالسلطة.

معتبراً أن ما يحصل يمثل إعادة إنتاج لنظام مبارك، ولكن برداء إسلامي، ووصف الحريري الإخوان بأنهم quot;جزء من نظام مباركquot;، وأن الجماعة كانت تمثل الجناح غير الرسمي للحزب الوطني المنحل، وأنهما معاً كانا يتقاسمان السلطة في عهد النظام السابق، وحذر الحريري من أن هناك من يهلل لاستبدال الديكتاتورية العسكرية بالدكتاتورية الدينية، مشيراً إلى أن الدكتاتورية الدينية أشد تنكيلاً.

مراقبة الرئيس

أما المهندس بهاء الدين، شعبان مؤسس الحزب الإشتراكي المصري، فيرى أن تلك القرارات، لاسيما إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، والإستئثار بالسلطة التشريعية إلى جانب السلطة التنفيذية للرئيس تعتبر نواة لصناعة دكتاتور، لأن مبارك نفسه لم يتمتع بتلك الصلاحيات طوال فترة الثلاثين عاماً، وقال لـquot;إيلافquot; إنه يجب على الشعب المصري والقوى السياسية أن تراقب أداء الرئيس، لأنه يجمع الصلاحيات كلها في يديه، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة أن يوظف الرئيس مرسي تلك الصلاحيات من أجل تحقيق أهداف الثورة، فلم يعد له أي حجة في أنه مكبل اليدين.