تظهر علامات الإنقسام العميق في صفوف معارضي الرئيس السوري بشار الأسد على طول الخطوط الإقليمية المتصدعة، في ظل عدم الارتياح العربي ndash; التركي تجاه العمليات العسكرية الهجومية من جانب الأكراد السوريين الذين اجتاحوا أربع مدن في شمال البلاد.


استعراض العضلات الكردي في سورياأثار قلق تركيا

لميس فرحات: تعتبر هذه الهجمات هي الأولى منذ اندلاع شرارة الثورة السورية قبل 17 شهرا عندما انضم المقاتلون الأكراد إلى العمل العسكري ضد قوات الأسد.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; إلى أن استعراض العضلات الكردي في جماعات معارضة مثل الجيش السوري الحر، التي لعبت الدور الرئيس في الاضطرابات، أثار قلق تركيا المجاورة من quot;طموحات الأكراد الأوسع نطاقاً في المنطقةquot;.

ونقلت الصحيفة عن جوست هلترمان، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، قوله إن quot;تركيا في مأزق، وهي تدفع بشدة من أجل إسقاط لرئيس الأسد. والنتيجة المتوقعة والحتمية هي تمكين الأكراد السوريينquot;.

باعتبارها واحدة من أكبر المجموعات التي لا تملك دولة لها، سعى الأكراد إلى الحكم الذاتي منذ زمن طويل، وهي القضية التي تخيف الحكومات على طول الحدود المترامية الأطراف من سوريا الى أجزاء من تركيا والعراق وايران التي خاضت كل منها معارك طويلة ودامية مع الانفصاليين الأكراد.

في سوريا تعتبر المنطقة الكردية موطنًا لـمليوني شخص، ويخشى العديد من المسؤولين الأتراك أن الأكراد سوف يستخدمون المنطقة كقاعدة ينطلقون منها لشنّ هجمات على الجيش التركي، كما فعلوا منذ سنوات في العراق.

حتى الهجمات الأخيرة، كان الأكراد السوريون على الحياد بدافع من قلقهم من أن فوز المعارضة التي يقودها العرب على قوات الأسد قد يؤدي إلى تغيير طفيف في ميزان القوى الذي ترك الأكراد ضعفاء نسبياً في سوريا.

واعتبرت الصحيفة أن هناك تعاونًا quot;خجولاًquot; بين الجماعات الكردية المسلحة في الشمال والجيش السوري الحر، مشيرة إلى أن العلاقة بين الطرفين يشوبها انعدام الثقة المتبادل.

رداً على التحركات الكردية، كانت جماعات المعارضة السورية مثل الجيش السوري الحر سريعة في التأكيد على تعهدها عدم السماح بتقسيم سوريا على أسس عرقية أو طائفية. وقال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب إردوغان، إنه على استعداد لإرسال قوات إلى سوريا لمواجهة القوى الكردية هناك، إذا أصبحت سوريا قاعدة لعمليات التوغل في ايدي مقاتلين اكراد ضد تركيا.

وقد أعربت الحكومة الأميركية أيضاً عن قلقها، فحذرت الجماعات الكردية في سوريا من السعي إلى العمل مع حزب العمال الكردستاني، الذي تمرد ضد الحكومة التركية، وقتل ما لا يقل عن 40000 شخص.

quot;نحن نشارك تركيا في تصميمها بألا تصبح سوريا ملاذًا للإرهابيين من حزب العمال الكردستاني، سواء الآن أو بعد رحيل نظام الأسد،quot; قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في زيارتها الأخيرة إلى تركيا.

يشار إلى أن المجموعة المسلحة التي دفعت إلى السيطرة على الأراضي في شمال سوريا هي quot;حزب الاتحاد الديمقراطيquot; التابعة لحزب العمال الكردستاني. وأدى ذلك إلى قرع أجراس الإنذار في أنقرة.

ما زال العديد من الأكراد يحلمون بـ quot;كردستان الكبرىquot;، التي تمتد عبر حدود إيران والعراق وتركيا وسوريا، لكن قلة من القيادات الكردية ناقشت هذه المسألة.

ونقلت الـ quot;واشنطن بوستquot; عن آلان سيمو ممثل الشؤون الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي في لندن، قوله quot;كل كردي يرى الدولة الكردية المتحدة حلمًا بالنسبة إليه. لكن في ظل الظروف الإقليمية والدولية اليوم، لا يمكننا أن نطالب بالانفصال لتأسيس كردستان موحدةquot;.

خريطة تظهر أماكن التواجد الكردي في المنطقة

ومن غير المؤكد كم تحظى هذه الفكرة بشعبية لدى عموم الأكراد في سوريا، لكن من المرجح أن تؤدي إلى قتال مرير بين الأكراد والعرب في حال سقوط الأسد.

ويرى الكثير من الأكراد أن المجموعات السورية المعارضة، بما فيها الجيش السوري الحر، تحتضن القومية العربية نفسها التي استخدمت في الماضي لقمع الحقوق.

وقعت الهجمات الكردية الرئيسة في 19 تموز/يوليو عندما انتشر العديد من المقاتلين الموالين لحزب الإتحاد الديمقراطي في بلدة كوباني، وتقدموا لمدة ثلاثة أيام ليصلوا إلى عفرين، وديريك عامودا. ويقول الناطق باسم الحزب إنه لم يكن هناك أي قتال أو ضحايا، مشيراً إلى أن الحزب أصدر إنذاراً دفع القوات الحكومية السورية إلى الانسحاب من مواقعها.

أثارت سرعة وسهولة هذه المعركة الكثير من التساؤلات، إلى جانب اتهامات من المنافسين التي اتهمت الجماعة الكردية بالعمل كـ quot;وكيل للحكومة السوريةquot;.

أصبح الوضع أكثر تعقيداً نظراً إلى الدور الذي يقوم به الأكراد في العراق، حيث تم تقسيم السلطة بعد سقوط نظام صدام حسين، ما ترك الأكراد مع قاعدة قوية. وقال مسعود بارزاني، أحد القيادات الكردية العراقية، في الشهر الماضي، إنه كان يساعد على تسليح وتدريب مقاتلين من المجلس الوطني الكردي، الذي يسعى إلى السلطة في سوريا.

نظم بارزاني لقاء في مدينة أربيل الكردية العراقية ضم شخصيات كردية وعربية وزعماء المعارضة السورية جنباً إلى جنب مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، لكنه استبعد حزب الاتحاد الديمقراطي.

في هذا الإطار، يقول هلترمان من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات إن quot;ما تحتاج تركيا إلى القيام به هو تطبيق مبدأ فرق تسد، وهذا هو بالضبط ما كنت تنوي القيام بهquot;. وأضاف: quot;إنهم (الأتراك) ذاهبون إلى استمالة بعض الأكراد، والقتال ضد الكثير من الأكراد، وسيستخدمون الأكراد ضد بعضهم البعضquot;.