ظهرت بوادر أزمة جديدة في مصر بين الكنيسة والحكومة، لاسيمامع إنطلاق دعوات تطالب بإخضاع أموال الكنيسة للرقابة من قبل أجهزة الدولة، وهو ما ترفضه قياداتها بشدة، مؤكدة أن تلك الأموال والمشروعات لم تتحصل الكنيسة عليها من ميزانية الدولة على غرار الأزهر، حتى تتم مراقبتها ومساءلتها عن مصادر التمويل وأوجه الإنفاق.


الكنيسة ترفض رقابة الدولة على أموالها

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: الدعوات لم تأتِ هذه المرة من قبل المتشددين الإسلاميين، ولكنها من قبل مجموعة قبطية جديدة تطلق على نفسها اسم quot;رابطة أقباط 38quot;، التي ألقت في وجه الكنيسة بحزمة من الإتهامات منها: محاولة إصدار دستور ديني مسيحي، وأنها تحاول أن تكون دولة داخل الدولة.

وقالت الرابطة في مذكرة أرسلتها إلى الجمعية التأسيسية للدستور، التي تجري أعمالها حالياً، إنها دعت إلى ضرورة إخضاع أموال ومشروعات الكنيسة للرقابة من جانب الدولة، ورفضت منح الكنيسة سلطة التشريع على الأقباط، معتبرة أن ذلك يعدّ بداية لتقسيم مصر.

دولة داخل الدولة
قال رفيق فاروق أمين عام الرابطة في تصريحات خاصة لـquot;إيلافquot; إن الرابطة تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية على الأقباط في الأمور كافة، بما فيها الأحوال الشخصية، مشيراً إلى أن النص في الدستور الجديد على أنه quot;لغير المسلمين الحق في الإحتكام إلى شرائعهمquot;، يجعل الكنيسة دولة داخل الدولة، ويجعلها خارج نطاق القانون المصري.

وقال إن هناك عشرات الآلاف من الأقباط لديهم مشاكل في الطلاق والزواج الثاني، وفي حالة النص في الدستور على أن يحتكموا إلى الكنيسة فإن الأزمة سوف تنفجر، خاصة أن الأقباط لن يكون لهم الحق في اللجوء للقضاء لحل مشاكلهم، وستكون الكنيسة مصدر التشريع وهي الخصم والحكم.

وأشار فاروق إلى أن بعض الأقباط لديهم أحكام قضائية الطلاق والزواج الثاني، وقدموا شكاوى عديدة بوجود حالات تزوير من قبل بعض الكهنة، ولم يتم التحقيق فيها.

لافتاً إلى أن الكنيسة لن تدين أياً من القساوسة أو الكهنة لمصلحة الأقباط البسطاء الذين يطالبون بحقوقهم في الطلاق. وقال فاروق إن الحركة تنادي بالأساس بضرورة منح الأقباط حقهم في quot;الطلاق، وليس الزواج الثانيquot;، معتبراً أن هناك عشرات الآلاف من الأقباط يحتاجون الطلاق من دون وجود علة الزنى التي تشترطها الكنيسة.

نعم للرقابة
ودعا فاروق إلى ضرورة إخضاع أموال ومشروعات الكنيسة للرقابة من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات شأنها شأن كل المؤسسات المصرية، بما فيها رئاسة الجمهورية والأزهر، مشدداً على أهمية إخضاع جماعة الإخوان المسلمين أيضاً للرقابة بإعتبارها جمعية أهلية، يسري عليها قانون الجميعات الأهلية.

القائمقام والرئيس مرسي

وشبّه فاروق الكنيسة بأنها تماثل في وضعها الراهن السفارات الخارجية الموجودة في مصر، من حيث عدم خضوعها للرقابة، وأنها تعتبر جزءًا من سيادة الدول الأخرى.

بل أضاف أنها تعتبر دولة فوق الدولة، بسبب عدم الرقابة على أموالها، وعدم دفع ضرائب على أنشطتها التجارية ومشروعاتها الإستثمارية. وأشار إلى أنه رغم أن القانون في دول العالم كافة يحظر على أية مؤسسات تلقي تبرعات أو هبات من الخارج إلا بعد موافقة الحكومة، إلا أن الكنيسة تتلقى تبرعات من الخارج، ولا تخضع للرقابة.

تقسيم مصر
ووصف فاروق وضع الكنيسة أيضاً الحالي مرة أخرى بـquot;الحكم الذاتيquot;، وبداية لتقسيم مصر، وحذّر من أن بعض المعابد اليهودية قد تلجأ إلى الطلب نفسه، وترفض إخضاعها للرقابة من قبل الدولة، رغم أن الأزهر والمساجد تخضع لهذه الرقابة.

وأشار إلى أن الرئيس محمد مرسي يخضع للقانون، رغم أنه أعلى سلطة في البلاد، موضحاً أنه عندما أصدر قراراً بعودة مجلس الشعب، وصدر قرار من المحكمة الدستورية ببطلان قراره، إلتزم بتنفيذ الحكم القضائي، مما يستوجب أن تلتزم باقي مؤسسات الدول بأحكام القانون، معتبراً أن المرحلة المقبلة يجب أن تتسم بأعلى درجات الشفافية وإعلاء دولة القانون.

وتساءل فاروق عن أسباب رفض الأنبا باخميوس القائمقام وقيادات الكنيسة إخضاع أموالها ومشروعات الخيرية والإستثمارية للرقابة إذا كانت تقوم بأنشطة مشروعة وتحصل على الأموال بالطريقة نفسها، وقال إن المثل المصري الشعبي يقول quot;إمشِ عدل يحتار عدوك فيكquot;.

سباحة ضد التيار
ورغم أن رفيق فاروق وأعضاء حركة quot;أقباط 38quot; مسيحيون، إلا أنهم بدوا وكأنهم يسبحون ضد التيار، لكنه قال إن هذه السباحة ضد تيار الباطل ومع تيار الحق، مشيراً إلى أن شباب ثورة 25 يناير عندما خرجوا إلى الشوارع والميادين ينادون بـquot;عيش، حرية، عدالة إجتماعيةquot;، كانوا يسبحون ضد التيار وقتها، لكنهم إنتصروا لأنهم كانوا مؤمنين بعدالة مطالبهم، ونجحوا في إسقاط النظام الحاكم وإسقاط سيناريو التوريث.

متوقعاً أن تنجح جماعته في تحقيق أهدافها في إسقاط دولة الكنيسة، التي تعتبر دولة داخل الدولة المصرية، وإخضاعها للرقابة ومعها باقي المؤسسات، التي تعتبر خارج إطار القانون، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.