أثار قرار الحكومة الهولندية منح الأقباط المصريين حق اللجوء الديني عاصفة من الرفض والغضب في أوساط المصريين، بينما انقسم الأقباط على أنفسهم ما بين الترحيب والرفض، فيما اعتبره البعض قراراً موجّهًا ضد مصر، ووصفه آخرون بأنه بداية لتقسيم البلاد.
الحكومة الهولندية قررت استقبال المسيحيين المصريين المضطهدين |
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أعلنت السفارة الهولندية في القاهرة أن الحكومة الهولندية قررت استقبال المسيحيين المصريين المضطهدين على أراضيهم، ومنحهم حق اللجوء الديني.
وقالت السفارة في بيان لها نشرته على موقعها الإلكتروني: quot;إنه يتعيّن على كل مصري مسيحي أن يبرهن quot;أنه/أنها بحاجةquot; إلى حماية دوليةquot;.
وأضافت: quot;في حال تقدم مواطن مصري مسيحي بطلب لجوء قابل للدراسة، ويشير إلى وجود إمكانية حقيقية لخرق المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الاساسية، أو إنه مضطهد كما هو موضح في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين للعام 1951، فإن هذا المواطن لا يحتاج تقديم ما يثبت تقدمه بطلب حماية للسلطات المصرية، إلا أن السلطات الهولندية ستأخذ في الاعتبار ما إذا كان بإمكان طالب اللجوء تجنب المشكلات عن طريق تغيير محل الإقامة في مصرquot;.
ولفتت السفارة إلى أن quot;أي قرار تتخذه السلطات الهولندية، إزاء حالة فردية لطالب لجوء، لا يعدّ تقويمًا لعمل سيادة القانون بصفة عامة في الدولة الأصلية للمتقدمquot;.
وقال بهاء رمزي رئيس الهيئة القبطية الهولندية، إن القرار الرسمي الصادر بحق تسهيل اللجوء للمسيحيين هو قرار يخصّ الأقباط المضطهدين، والذين لديهم مشكلة فعلية ورسمية داخل مصر.
وأضاف رمزي في بيان له تلقت إيلاف نسخة منه، أن القرار الصادر هو تسهيل حق اللجوء للمسيحيين الذين لديهم مشاكل فعلية داخل مصر، مشيراً إلى أن القرار ليس لكل أقباط مصر، بل هو قرار يسهل حق اللجوء داخل المملكة الهولندية طبقاً للقرار الصادر، والذي أقرّه البرلمان بناءً على مطلب من وزارة الهجرة الهولندية.
إضطهاد ديني
أثيرت أنباء لاحقاً حول نفي السفارة صدور مثل هذا القرار، إلا أن الناشط الحقوقي الدكتور نجيب جبرائيل، قال لـquot;إيلافquot; إن القرار صدر بالفعل، مشيراً إلى أن البرلمان ووزير الهجرة الهولنديين أقرّا بصدور قرار بمنح المسيحيين المصريين حق اللجوء الديني.
وأوضح جبرائيل أن القرار يتضمن منح هذا الحق للمضطهدين دينياً فقط، ولفت إلى أنه يتعين على الشخص الذي يطلب اللجوء تقديم مستندات تدلّ على تعرّضه لهذا النوع من الإضطهاد، ومنها تقارير لمنظمات حقوقية أو شهادات لأشخاص رسميين أو من دون صفة رسمية.
منوهاً بأن الحكومة الهولندية لا تشترط أن تكون المستندات المقدمة رسمية. وأضاف أن من تنطبق شروط الإضطهاد الديني عليه لن يستلزم ذلك الحصول على تأشيرة دخول من السفارة الهولندية، بل سوف يدخل الأراضي الهولندية مباشرة، ويقدم ما في حوزته من مستندات إلى الحكومة الهولندية مباشرة في المطار. ووصف جبرائيل القرار بأنه ليس موجّهاً ضد مصر، ولا يسعى إلى تقسيم البلاد، معتبراً أنه محاولة لإنصاف الأقباط الذين يعانون الإضطهاد.
رفض قبطي
في المقابل، رفضت حركة quot;أقباط بلا قيودquot; قرار الحكومة الهولندية. وقال شريف رمزي منسق الحركة في تصريحات مكتوبة تلقت إيلاف نسخة منها، quot;إن الحركة تعلن رفضها المُطلق لأية دعوى تتعلق بهجرة الأقباط إلى الخارج، أو منحهم حق اللجوء في أية دولة على خلفية التمييز الديني والعُنف الموجّه ضدهم، سواء من جانب الدولة ومؤسساتها، أو من بعض الشرائح المُتأثرة بأفكار مُتطرفة، تُروّج لها جماعات الإسلام السياسيquot;.
أضاف رمزي أن quot;أقباط مصر هُم مواطنون أُصلاء، تمتد جذورهم في هذه الأرض لآلاف السنين، وليسوا جالية أجنبية ولا أقلية عرقية، وحضارتهم هي امتداد لأعظم حضارة عرفتها البشرية، وتاريخهم يسطع بالإنجازات والتضحيات التي قدموها إلى الوطنquot;.
ونوه رمزي بأن quot;الحديث عن اللجوء هرباً من الاضطهاد هو حق لا ننكره على أنفسنا، ولكن ما يربطنا بوطننا وبشركائنا في الوطن أكبر وأغلى من أن نُفرّط فيه، ومصر بالنسبة إلينا نحن الأقباط هي الأرض والعِرض والأصل والجذور. مصر بالنسبة إلينا نحن الأقباط هي دير في الصحراء، وكنيسة في المدينة، وأم ثَكلى سقط ابنها شهيداً في الحقول، ويده لم تَزل على المحراث، وتراب تقدس برُفات الآباء القديسينquot;.
المتاجرون بالقضية القبطية
فيما اعتبر الناشط والمفكر القبطي جمال أسعد، أن القرار يصبّ في مصلحة المتاجرين بقضية الإضطهاد الديني من أقباط المهجر والداخل.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أنه لا يستطيع أحد إنكار أن هناك مشاكل يعانيها الأقباط، مشيراً إلى أن غالبية هذه المشاكل والأزمات يعانيها المسلمون أيضاً، ونوّه بأن الأقباط لن يحصلوا على حقوقهم إلا من خلال النضال السلمي وتضامن إخوانهم المسلمين معهم.
ولفت أسعد إلى أن حل المشاكل القبطية لا يكون إلا من خلال دستور وطني يكفل للجميع الحقوق والحريات. ونبه إلى أن قضية الإضطهاد الديني للأقباط هي الثغرة التي يحاول الغرب النفاذ منها لتقسيم مصر منذ أمد التاريخ، وهذا هو هدف فرض الحماية الدولية للأقباط، والتدخل في مصر عسكرياً. ودعا أسعد إلى ضرورة الإحتياط من كل المخططات، وعدم السماح لتجّار الإضطهاد بجرّ مصر إلى هذا المستنقع.
استنكار رسمي
من جهته، علّق مجلس الشورى المصري على القرار، فقال الدكتور عز الدين الكومي وكيل لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى إن هذا القرار لا يستفيد منه سوى أعداء الوطن، ووصف نشاط أقباط المهجر في الخارج بـ quot;الدور المشبوهquot; في الترويج لفكرة الاضطهاد الديني في مصر.
فيما رفضت الكنيسة المصرية القرار، وقال الأنبا مرقس لـquot;إيلافquot; إن الكنيسة ترفض هجرة الأقباط إلى الخارج مطلقاً، مشيراً إلى أن الكنيسة تؤمن بمقولة الأنبا شنودة البابا المتنيح quot;مصر وطن يعيش فينا، وليس وطنًا نعيش فيهquot;.
التعليقات