تقول الدراسات إن 90 في المئة من الحوادث الطائفية في مصر تقع بسبب إعتناق الفتيات القبطيات الإسلام، ما دفع مجموعة من الأقباط إلى القيام بتحركات في مصر وخارجها، من أجل إيقاف ما وصفوه بأسلمة الفتيات.


القاهرة: أسس الناشط القبطي إبرام لويس رابطة quot;ضحايا الاختطاف والاختفاء القسريquot;، للبحث عن الفتيات القبطيات المختفيات أو اللواتي سرت بشأنهن شائعات حول تعرضهن للاختطاف والإجبار على اعتناق الإسلام. وكثفت الرابطة نشاطها داخليًا وخارجيًا، وطالبت بعودة جلسات النصح والإرشاد قبل إعلان اعتناق أي فتاة مسيحية للإسلام، لا سيما أن غالبية هؤلاء الفتيات قاصرات.

عبير صاحبة فتنة إمبابة التي راح ضحيتها أكثر من 15 قتيلا ونحو مائة مصاب

وفي هذا الصدد، عقد نشطاء أقباط لقاءات عدة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن وفي مقر السفارة الأميركية في القاهرة، من أجل محاولة تصعيد القضية دوليًا. كما تقدموا ببلاغات لوزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، واجتمعوا مع مسؤولين أمنيين لإيجاد مخرج لهذه الأزمة.

أخطر ثغرات الفتنة

في لقاء مع quot;إيلافquot;، قال إبرام لويس، مؤسس رابطة quot;ضحايا الاختطاف والاختفاء القسريquot;، إن النشطاء الأٌقباط يناضلون من أجل سدّ أخطر ثغرة من ثغرات الفتنة الطائفية في مصر، مشيرًا إلى أن اعتناق القاصرات القبطيات الإسلام والإدعاء بتعرضهن للاختطاف والإحتجاز من قبل الكنيسة كان أخطر وأكبر سبب من أسباب الفتنة الطائفية في مصر خلال السنوات الماضية، وحتى ما بعد الثورة.

ولفت لويس إلى أن هؤلاء النشطاء يطالبون بإعادة جلسات النصح والإرشاد التي كانت موجودة حتى سنوات قريبة، لتعقد هذه الجلسات مع الفتاة أو الشخص الذي يريد اعتناق الإسلام في مقر المجلس القومي لحقوق الإنسان، وبحضور أية منظمة حقوقية مشهود لها بالشفافية والحيادية. كما يطلبون أن لا تعقد اللقاءات في مديرية الأمن، معتبراً أن هذه الجلسات تسد أبواب الفتنة أمام الجميع، فلا يمكن للكنيسة أن تشكك في اعتناق الشخص الإسلام عن إقتناع، ولا يمكن للجماعات الإسلامية أن تقول إن الكنيسة تمارس الخطف ضد المسلمات أو المسلمين الجدد.

تصعيد دولي

وأضاف لويس أن النشطاء التقوا أيك زاكريان وبيتر شي، مسؤولي قسم الحريات في السفارة الأميركية في القاهرة، من أجل هذه القضية، استكمالاً لما تم تداوله في جلسة استماع خاصة عُقدت في الكونغرس الأميركي في الثامن عشر من تموز (يوليو) 2012. ففي هذه الجلسة، تحدثت ميشال كلارك، الأستاذة المحاضرة في مادة الإتجار بالبشر في جامعة جورج واشنطن، عن زيارتها لمصر ولقائها أعضاء من رابطة quot;ضحايا الإختطاف والإختفاء القسريquot; وبعضاً من أهالي فتيات قاصرات وقعن فريسة لعمليات خطف أو تغرير، ثم تمت أسلمتهن قسرياً في مُخالفة صريحة للدستور والقانون ولكل المواثيق والأعراف الخاصة بحقوق الإنسان.

ولفت لويس إلى حوار دار خلال اللقاء حول ما تم رصده من حالات خطف وتغرير بفتيات قاصرات من جانب الرابطة، والمعوقات التي تقف في سبيل مكافحة تلك الظاهرة، وفي مُقدمتها انكار المجتمع للظاهرة، وتراجع الكثير من أهالي الضحايا عن السير في الاجراءات القانونية، بسبب تقاليد البيئة المُحيطة أو بسبب تهديدات أمنية.

كما اشار إلى أنه عرض لبعض المُشكلات التي تواجه أهالي الضحايا خلال بحثهم عن الفتيات المفقودات، وغياب أي تحرك من جانب الأجهزة الأمنية لمُساءلة المُتهمين.

تعنت أمني

أطلع لويس المسؤولين الأميركيين على بعض الحالات حين يتم التوصل لمعرفة مكان الفتاة المُختطفة، وعلى معاناة أهلها مع التعنت الأمني الذي يستند الى أسباب واهية في حرمان الأهل من ابنتهم القاصر وحرمان الفتاة نفسها من الأمان الذي تحتاجه في بيت ذويها. فيتم إيداع الفتاة في إحدى دور الرعايا التابعة للدولة، في مُخالفة صارخة أيضًا لحقوق الطفل ولكل القوانين والأعراف.

ونبّه لويس إلى محاولة بعض العناصر المُتشددة، والمعروف عنها ضلوعها في دور مشبوه في دعم عمليات الأسلمة القسرية، تأجيج المشاعر ضد المؤسسة الكنسية وانتهاز أي فرصة لاتهام الكنيسة باخفاء المُسلمات الجُدد كما يزعمون. تسبب هذا في نشوب فتن كادت أن تعصف بالسلام الاجتماعي وبأمن المجتمع المصري كله، كما حدث في حي إمبابة في محافظة الجيزة وفي قرية ميت بشار في محافظة الشرقية.

وانتقد لويس ما وصفه بعبارة quot;أسلوب ترهيب الأقباط وتخويفهم الذي تنتهجه حركة ائتلاف دعم المسلمين الجدد التي يرأسها الشيخ أبو يحيى بمشاركة خالد حربي وحسام ابو البخاري، مدللًا على ذلك ببيان أصدرته حركة دعم المسلمين الجدد اتهم النشطاء الأقباط بالاستقواء بالخارج إثر مقابلة ممثلي رابطة quot;ضحايا الاختطاف والاختفاء القسريquot; بعدد من أعضاء لجنة الحريات في الكونغرس الأميركي في مقر السفارة الأميركية في القاهرة.

وطالب لويس الأقباط أن يتمسكوا بحقوقهم، مؤكدًا أن هذا ليس استقواءً بالخارج وإنما دفاع عن حق.

عودة الارشاد

على الصعيد الداخلي، قال لويس لـquot;إيلافquot; إن الرابطة تقدمت ببلاغ لوزير الداخلية طالبته فيه بعودة جلسات النصح والإرشاد للمتحولين من المسيحية للإسلام، مشيراً إلى أنه أصطحب محامياً في الرابطة عند تقديم البلاغ مساء السبت 8 ايلول (سبتمبر) الجاري، ووعدهما الوزير بدراسة القضية، والعمل على عودة جلسات النصح والإرشاد.

وبينما أكد جورج نصحي، عضو مؤسس في الرابطة، على ضرورة إعادة جلسات النصح والارشاد للحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم إثارة الفتن كفتنة ميت بشار وأحداث كنيسة إمبابة المسماة واقعة عبير، يقول: quot;لو كانت جلسات النصح قد عقدت في هاتين الحالتين لما حدثت مثل هذه الأحداثquot;.

وترى جيهان عطا، العضو المؤسس في الرابطة، أن إخفاء القاصرات تحت مزاعم تغيير الدين منافٍ لحق الطفل فى رعاية أسرته له، وكذلك حق الأم في رعاية أطفالها، وهو خرق فاضح لشرعة حقوق الانسان وحقوق الأمومة والطفولة. تضيف: quot;القاصر أولى برعاية أهلها، ولا يحق لأحد أن ينتزع طفلة من عائلتها لأنها غيّرت دينها، فذلك انتهاكٌ غير مقبول لحقوق الانسانquot;.

جرائم الإختفاء القسري

وحصلت إيلاف على نسخة من البلاغ أو المذكرة التي تقدمت بها quot;رابطة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسريquot; لوزير الداخلية، وطالب فيها النشطاء الأقباط بالوقف الفوري لجرائم الإخفاء القسري للقاصرات واستغلال الدين كوسيلة لتفتيت كيان أُسر بأكملها وتشتيت شملها، quot;الأمر الذي يُهدد أمن مجتمعنا وسلامة بنيانه الاجتماعي ويُنذر بفتن لا طائل من ورائها سوى تحقيق أهداف مشبوهة لجماعات مُتطرفة، تعمل في العلن وفي الخفاء على مَحو هوية فصيل أصيل من الشعب المصري، من خلال محاولات أسلمة جبرية يجري فرضها على الفئات الضعيفة والمُهمشة، وفي مقدمتها الفتيات القاصرات، ولم يسلم منها أحد حتى المُصابون بعجز أو إعاقةquot;.

أبرام لويس ومحاميه أمام وزارة الداخلية بعد تقديم البلاغ

أضافت المذكرة أن كل ذلك يحدث في ظل غياب تام لأجهزة الدولة، وأحيانًا بمُباركة وتواطؤ من بعض هذه الأجهزة، مطالبة بتفعيل مبدأ سيادة القانون وإقرار تشريعات صارمة تستهدف حماية النشء والأسرة المصرية من التفكُك، وحماية المجتمع المصري من خطر الانهيار، وردع الساعين لإحداث فتنة تُنذر بحرب أهلية ترفع شعار quot;عايز أختيquot;.

كما طالبت الرابطة وزير الداخلية بالعمل بكل ما لديه من قوة وصلاحيات على إقرار جلسات النُصح والإرشاد الديني للراغبين في تغيير الدين، والتي نصّت عليها القوانين واللوائح، منذ أن خَطت مصر أولى خطواتها نحو تحقيق مبدأ سيادة القانون واحترام حرية الأفراد، ومن ثم قام النظام السابق بإلغائها في غفلة من الزمن.

وأوضحت المذكرة أن ما تطالب به الآن ليس بدعةً، ولا مطلبًا فئويًا يخص طائفة بعينها، إنما يستهدف خير مصر اتقاءً لشر الفتن، لتنعم بالسلام والهدوء في ظل تآخي جميع أبنائنا على اختلاف دياناتهم.