بعد الإنتهاء من مراسم دفن البابا شنودة الثالث، يبدأ المجمع المقدس بقيادة الأنبا باخوميوس قائمقام البطريرك في إجراءات انتخاب البابا الجديد، الذي يحمل رقم 118 في تاريخ الكنيسة القبطية المصرية، ووفقاً للائحة 1957 التي انتخب بموجبها البابا شنودة نفسه بطريركياً، لا سيما أنه كان قد رفض كل المحاولات والمقترحات التي سعت إلى تعديلها طوال السنوات القليلة الماضية، لتوسيع دائرة المرشحين لخلافته، بحيث تضم أشخاصاً من العلمانيين، أي من ليسوا من الرهبان أو الأسافقة أو القساوسة، لكنه أصرّ على أن يكون البابا راهباً. فيما يظل المرشحون لخلافة البابا هم الدائرة الضيقة التي كانت تحيط به، وهم أعضاء المجمع المقدس.


مريدو البابا شنودة في لحظات الوداع الأخيرة

صبري حسنين من القاهرة: كشفت مصادر أن البابا شنودة كان قد مات إكلينكياً في 9 مارس/ آذار الجاري، ولم يتم الإعلان عن ذلك، حيث توقفت الأجهزة الحيوية كافة في جسده عن العمل. وقالت المصادر لـquot;إيلافquot; إن هذا هو السبب في سريان شائعات تفيد بوفاته في اليوم التالي 10 مارس، ونفتها الكنيسة بشكل قطعي، مؤكدة أنه في صحة جيدة، على خلاف الحقيقة.

وأشارت المصادر إلى أن البابا شنودة أوصى بأمور عدة أهمها: عدم الفصل في مشاكل الأقباط إلا بما أنزل في الإنجيل، والتعجيل بانتخاب خليفته خلال الفترة التي تنص عليها لائحة 1957، وعدم تعديلها، حتى لا يفتح الباب أمام الفتنة وشقّ صفّ الأقباط.

شروط الترشح للبطريركية
وفقاً لممدوح رمزي المرشح القبطي لانتخابات رئاسة الجمهورية، والمقرب من الكنيسة فإن لائحة انتخاب البابا الصادرة في العام 1957 تضع مجموعة من الشروط لا بد من توافرها في المرشح للبابوية، منها: أن يكون المرشح راهباً، وأن يكون قد أمضى 15 سنة على الأقل في الرهبنة، وألا يقلّ عمره عن 40 سنة وقت وفاة البابا، وأن يتراوح عدد المرشحين ما بين 5 و7 مرشحين، وألا يترشح القائم مقام البطريرك، وهو الأنبا باخوميوس، ويشارك في الإقتراع أعضاء المجمع المقدس، وأعضاء المجلس الملي الحاليون والسابقون، ورجال الدين، ووجهاء الأقباط، مثل أعضاء البرلمان السابقين والحاليين.

وحول المخاوف من حدوث صراع أو تصدع في الكنيسة بعد البابا بسبب خلافته، قال رمزي لـquot;إيلافquot; إنه بحكم قربه من الكنيسة لا يتوقع حدوث أي خلافات، مشيراً إلى أن أعضاء المجمع المقدس وكبار الكهنة زاهدون في المنصب، وفي متاع الدنيا كلها. وأضاف أن لائحة انتخاب البابا تضع شروطاً لا تجعل هناك صراعًا، حيث تشترط في البابا أن يكون راهباً، من أجل وأد الصراع، ولم تفتح الباب أمام العامة من الشعب القبطي، حتى لا يتصارع على المنصب من يطلبون الدنيا.

طفل يحدد البابا
ولفت إلى أنه بعد إجراء الإنتخابات، يدخل أكبر ثلاثة منافسين من حيث عدد الأصوات في القرعة الهيكلية. وأوضح أن القرعة الهيكلية سمّيت بذلك الاسم لأنها تجرى أمام الهيكل، حيث توضع أسماء الرهبان الثلاثة الذين حصلوا على أعلى الأصوات داخل صندوق زجاجي، ويطلب من أول طفل يدخل الكاتدرائية صباح اليوم المحدد لإجرائها أن يسحب ورقة من الورقات الثلاث أمام جمع من الناس، وتفتح الورقة ويقرأ القائم مقام البطريرك الاسم الذي كتب فيها، ويكون هو البطريرك الجديد رقم 118 في تاريخ الكنيسة، ويكون هو الإختيار الإلهي للبابا.

وأشار إلى أنه لا يشترط أن يكون البطريرك الأكبر سناً في المرشحين الثلاثة أو الأعلى أصواتاً، حيث كان البابا شنودة نفسه الأقل أصواتاً والأصغر سناً عندما أجريت القرعة الهيكلية، وفاز فيها بكرسي البابوية، مشيراً إلى أنه بعد ذلك يصدر رئيس الجمهورية قراراً خلال 48 ساعة بتعيين البطريرك الجديد، ويبدأ في ممارسة مهام عمله في رعاية شعب الكنيسة.

أبرز المرشحين

الانبا أرميا
الانبا بيشوي
الانبا مرقس
الانبا موسى
الانبا يؤانس

ووفقاً للائحة فإن أبرز المرشحين لخوض الإنتخابات على كرسي البابوية مجموعة من رموز الكنيسة، والدائرة الضيقة التي كانت تحيط بالبابا وهم: الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس، ويشغل هذا المنصب منذ العام 1985، ويشغل أيضاً منصب رئيس لجنة المحاكمات الكنسية، وهو معروف بتشدده، وهو صاحب الأزمة الشهيرة بين المسلمين والمسيحيين في مصر في منتصف العام 2010، التي قال فيها إن بعض النصوص القرآنية وضعت بعد وفاة الرسول، رداً على إتهام الدكتور سليم العوا، المرشح الرئاسي الحالي، للكنيسة بتخزين الأسلحة في الكنائس والأديرة، وإتهام البابا بأنه المسؤول عن اندلاع الفتن الطائفية في مصر. واضطر البابا شنودة وقتها للإعتذار من المسلمين عما سببه كلام بيشوى لهم من آلام.

الأنبا موسى أسقف الشباب، وعضو المجمع المقدس، وهو تلميذ البابا شنودة، ويتمتع بشعبية كبيرة في أوساط الأقباط والمسلمين معاً، ويكتب مقالات بصفة منتظمة في العديد من الصحف المصرية، منها الأهرام، ووطني والجمهورية. واسمه الحقيقي إميل عزيز جرجس، من مواليد العام 1938، ويتمتع بعلاقات واسعة في أوساط الشباب والمفكرين والعلماء المسلمين.

الأنبا يؤانس، يشغل منصب السكرتير الخاص للبابا شنودة، ويعتبر أقرب المقربين له طوال السنوات العشر الماضية، ويعتبر أصغر الأساقفة سناً، حيث يبلغ من العمر 47 عاماً، وله نفوذ واسع في الكنيسة، وهو نادر الظهور إعلامياً. واسمه الحقيقي عوني عزيز، حاصل على بكالوريوس الطب جامعة أسيوط عام 1983، ويتمتع بعلاقات دولية قوية، لاسيما مع أقباط المهجر، والبيت الأبيض، ويعتبر هو المسؤول عن العلاقات الدولية في الكنيسة، وهناك تنبؤات كثيرة تقول إن العذراء مريم ظهرت له مرات عدة، وأخبرته بأنه سوف يكون البابا المقبل، وتسببت تلك التنبؤات التي كان يحلو له وصفها بالشائعات بتوتر علاقته بالبابا الراحل.

الأنبا أرميا سكرتير البابا شنودة، وعضو المجمع المقدس، ورئيس المركز الثقافي القبطي، ومستشار الكنيسة لشؤون العلوم التكنولوجية، وكان من المقربين إلى البابا أيضاً. وهو خريج كلية الصيدلة العام 1974، وهو نادر الظهور والكلام.

الأنبا مرقس أسقف عام شبرا الخيمة، ورئيس اللجنة الإعلامية في المجمع المقدس، وهو وجه إعلامي معروف للمصريين، ومعروف بالإعتدال في التصريحات الصحافية. واسمه الحقيقي نجيب نسيم، خريج كلية الهندسة جامعة عين شمس عام 1968، وهو عضو في مجلس كنائس الشرق الأوسط في لجنتي الإعلام والعلاقات بين الكنائس.

الأنبا روفائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، واسمه الحقيقي ميشيل عريان، خريج كلية الطب جامعة القاهرة العام 1982، ويحظى بدعم أساقفة القاهرة والوجه البحري، ويحظى كذلك بحب الأقباط نظراً إلى هدوئه. غير أنه عند فتح باب الترشح يوم الجمعة المقبل، فإنه قد يترشح أحد رؤساء الأديرة غير المعروفين، ما قد يقلب موازين القوى رأساً على عقب.

إعتراض التيار العلماني
غير أن شروط الترشح والإنتخاب ما زالت لا ترضي التيار العلماني بقيادة المفكر القبطي كمال زاخر، ويقول إن التيار العلماني قدم إلى الكنيسة مقترحات عدة بتعديل شروط لائحة 1957، إلا أنها أصرّت على عدم التعديل، مشيراً إلى أن التعديلات المقترحة كانت تنص على ضرورة تخفيض سنّ من لهم حق التصويت لاختيار البابا إلى 21 سنة، وليس إلى 30 سنة، وأن يكون لجميع الأقباط حق التصويت، وليس فقط للوجهاء والوزراء السابقين والحاليين وأعضاء البرلمان السابقين والحاليين فقط.

ولفت إلى أهمية أن إلغاء القرعة الهيكلية، لأنه قد تأتي بمن هو ليس الأعلى أصواتاً، كما إنها تنسف الإنتخابات من الأساس، لكن الكنيسة ترى أن القرعة الهيكلية تعبّر عن مشيئة الرب، كما دعت المقترحات إلى ضرورة انتخاب أو تعيين نائب للبابا، لكن أحدًا لم يستمع إلى تلك المقترحات.