المالكي أمام البرلمان يعرض مشروع قانونه للبنى التحتية

يواجه مشروع للبنى التحتية في العراق تبلغ كلفته 37 مليار دولار، الذي يسعى رئيس الوزراء نوري المالكي للحصول على موافقة مجلس النواب عليه غدًا الاثنين، اعتراضات من قوى سياسية ولجان برلمانية تهدد بعدم تمريره قبل إجراء تعديلات عليه تكفل عدم سقوط العديد من مفرداته في دائرة الفساد وتجنب رهن النفط العراقي لإرادة الشركات الأجنبية المنفذة للمشاريع، والتي سيتم الاتفاق معها على دفع آجل لكلفة هذه المشاريع.


أكدت القائمة العراقية رفضها التصويت على مشروع قانون البنى التحتية الذي تبلغ تكلفته 37 مليار دولار بصيغته الحالية في جلسة مجلس النواب غدًا الاثنين، وقال المتحدث باسمها حيدر الملا خلال مؤتمر صحافي في مبنى البرلمان الليلة الماضية إن قائمته لن توافق على المشروع قبل اجراء تعديلات اساسية عليه تتضمن الاتفاق على مشاريع محددة وليس بعناوين واسعة اسمها المشاريع الاستراتيجية.

وأوضح أن ما أشار اليه أحد مستشاري رئيس الوزراء خلال جلسة استضافة البرلمان للمالكي امس بأن رؤية الحكومة في قضية الدفع بالآجل هو من خلال رهن النفط العراقي يشكل قضية في غاية الخطورة.

وأضاف أن هذا المشروع فيه عناوين ايجابية ولكنها تحتاج الى آليات قانونية ودستورية واضحة لكي يتم ضمان تحقيق الفائدة منها لأنه قد تم خلال السنوات الماضية صرف المليارات من الدولارات على المشاريع الخدمية، لكن ذلك لم ينعكس ايجاباً على واقع المواطن وذهبت في صفقات فاسدة.. وشدد بالقول quot;لذلك فمن دون اصلاحات حقيقية على المشروع لايمكن أن نصوت عليه بصيغته الحاليةquot;.

أما رئيس الكتلة العراقية النيابية سلمان الجميلي فقد حذر من اللجوء الى الاقتراض لتطوير البنية التحتية للبلاد واوضح أن القانون لم يحدد بشكل قاطع الجهة الحكومية التي ستتعاقد مع الشركات التي ستعمل ضمن هذا القانون، كما أنه لم يتطرق الى اهم القطاعات في العراق وكيفية تطويره، وهو القطاع النفطي.

وأكد رفض المراهنة على مستقبل أموال العراق بدون أن تكون هنالك خطة واضحة للصرف والتنفيذ. ومن جانبها عبرت حركة الوفاق العراقي بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي عن استغرابها من طلب المالكي اضافة جديدة غير مبررة على الميزانية الرسمية تبلغ 37 مليار دولار، وذلك لاعادة تعمير البنى التحتية على أن يكون هذا المبلغ قرضاً سيادياً للعراق.

وقال الناطق الرسمي باسم الحركة صلاح عبد الله في تصريح صحافي مكتوب تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه اليوم إن هذا القرض السيادي الذي سيكبل العراق سيصرف من دون حساب ورقيب كما صُرف مبلغ الستمائة مليار دولار خلال السبع سنوات الماضية، فضلاً عن ذلك لم يلمس الشعب ما هي معالجات الفساد المالي والاداري وقطع دابره، والذي استشرى بشكل واضح ورئيسي خلال السنوات السبع الماضية أثناء ترؤس السيد المالكي لمجلس الوزراء.

وأضاف quot;من المستغرب اكثر أن حكومة المالكي التي بقي لها اقل من عام ونصف قبل أن تغادر المشهد العراقي تطالب بهذا الرقم الخيالي لتصرفه كما تشاء وبدون رقيب وحساب مُكبلة الحكومات التي ستأتي بعدها بديون كثيرة ومسؤوليات جسيمة وفساد مستشرٍ، وقد يُرتهن النفط العراقي بسبب هذا الدين السيادي لذا يتعين على مجلس النواب عدم قبول هذا المشروع ما لم تكن كل التساؤلات المنطقية الواردة اعلاه مجابة بشكل واضح ليس لمجلس النواب الموقر فقط، وانما لشعبنا العراقي وبخلاف ذلك ستضاف مهزلة جديدة ومخاطر جديدة على شعبنا وعراقنا الحبيبquot;.

المالكي يحذر من خطورة عدم التصويت للقانون على الاقتصاد العراقي

وكان المالكي دعا مجلس النواب أمس إلى التصويت على مشروع قانون البنى التحتية غدًا الاثنين، وقال خلال مؤتمر صحافي عقب جلسة برلمانية عرض فيها رؤيته لاهمية تشريع قانون البنى التحتية إن quot;هذا القانون سيسرع في تقديم الخدمات وسيبني نحو سبعة آلاف مدرسة والكثير من المستشفيات بمستوى جيد، فضلاً عن الاهتمام بقطاع الزراعةquot;، مشيرًا إلى أن quot;المدارس الموجودة في البلاد لا تتساوى مع مدارس ابسط دولة من دول الجوارquot;. وقال إن quot;الحكومة ستتفاوض مع شركات رصينة في دول اليابان وكوريا والصين لتنفيذ مشاريع البنى التحتية بعد التصويت عليه، وهذا سيتطلب وقتًا طويلاًquot;.

وأشار إلى أن دول تلك الشركات ستكون هي الضامنة لهذه الشركات للتقليل من عملية تهرب أثناء التعاقدquot;.. وأوضح أن quot;مشاريع هذا القانون ستكون لجميع أنحاء العراق ومن ضمنها إقليم كردستانquot;. واضاف أن quot;الفائدة التي ستوضع على المبلغ الكلي لقانون البنى التحتية تعتمد على طبيعة العقد مع الشركة التي يتم التفاوض معهاquot;.. قال إن quot;مبلغ البنى التحتية كان 70 مليار دولار عام 2009، إلا انه تم تخفيضه إلى 37 مليار دولارquot;.

وأشار المالكي إلى أن العراق بحاجة الى مابين 400 الى600 مليار دولار بينما المتاح للاستثمار 250 مليار دولار، منوهًا بأنه يمكن تنفيذ الكثير من المشاريع بفترة زمنية مناسبة خاصة وان استمرار الازمة الاقتصادية العالمية يمكن أن يساهم بتنفيذ اعمال الاعمار والبناء بسبب توقف عمل الشركات في دول عدة، مشيرًا الى أن المشاريع يمكن أن تخفف من نسب البطالة وتسهم بتوفير فرص العمل. وحذر من أن عدم تمرير المشروع سيجعل العراق غير قادر على سد النقص الموجود في الخدمات وتطوير الاقتصاد.

وقد تحدث في الجلسة 35 نائبًا بالاضافة الى وزيري التخطيط علي الشكر والمالية رافع العيساوي والامين العام لمجلس الوزراء علي العلاق وفاضل جواد المستشار القانوني في مجلس الوزراء ورئيس هيئة الاستثمار سامي الاعرجي ورئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء ثامر الغضبان حيث رأت لجنة الاعمار والخدمات ولجنة النفط والطاقة واللجنة المالية أن القانون غير جاهز، ولذلك فهي ترفض التصويت غدًا.. فيما رأى خالد العطية رئيس الكتلة البرلمانية لائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ضرورة التصويت على القانون فوراً.

لجان برلمانية مختلفة حول مشروع البنى التحتية

ومن جهتها اعتبرت لجنة الاعمار والخدمات النيابية أن المالكي والمسؤولين التنفيذيين لم يأتوا بجديد بخصوص قانون البنى التحتية اثناء استضافتهم امس البرلمان لأن القانونلا يزال غير واضح ويحمل العراق ديونًا تصل إلى 37 مليار دولار.

وقالت فيان دخيل رئيس اللجنة quot;رئيس الوزراء لم يأتِ بجديد فهو تحدث عن بنود القانون وهو واضح لديناquot; وأوضحت في تصريح نشرته صحيفة quot;العالمquot; البغدادية اليوم أن quot;المالكي لم يبين نسبة الفائدة الخاصة بالشركات المستثمرة أو سقفها الأعلىquot; مضيفة أن quot;النقطة الأهم هي أننا كنا قد طلبنا من الحكومة وهيئة الاستثمار تزويدنا بالمشاريع التي تعتزم تنفيذها ضمن قانون البنى التحتية والكيفية التي يخدم المشروع بها نسبة السكان، وأن توضح ذلك وفقا لأوراق وليس بالكلام، لكنها لم تستجبquot;.

وذكرت دخيل أن quot;9 قطاعات مدرجة ضمن القانون منها السكن والتعليم والصحة والطرق والجسور والمدارس لكننا نرى أن هناك مبالغ كبيرة من موازنة القانون ذهبت إلى قطاعات بسيطة يمكن للحكومة انجازها دون هذا القانون في حين خصصت مبالغ قليلة جدًا لقطاعات مثل الطرق والجسور حيث أن موازنة الطرق والجسور لدى وزارة الإعمار والإسكان تقدر بنسبة 4 بالألف من عموم الموازنة المالية في البلادquot;. وعن اتهام البرلمان بتعطيل القانون لأسباب سياسية قالت quot;اذا نظرنا للموضوع برؤية مخالفة، فإن رئيس الوزراء ربما سيضع نفسه في عنق زجاجة ويحمل البلد ديوناً لا يمكن له أن يخرج منهاquot;.

من جانبه، شكك رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار احمد العلواني quot;بقدرة الوزارات على تحمل مسؤولية التعاقد مع الشركات العالمية في وقت تعجز فيه عن صرف موازناتها السنويةquot; معتبرا ذلك quot;تلاعبًا بالمال العامquot;. وقال quot;لا يمكننا أن نصوت على قانون ورقي بمبلغ 37 مليار دولارquot;مشددًا علىquot;ضرورة وجود منهج رصينquot;. واضاف العلواني quot;إذا لم تكن منهجية واضحة لإعادة البنى التحتية فلن نقبل بتمرير هذا القانون، لأنه إذا لم يضبط بآلية محددة، فإنه سيفتح باب الفساد على مصراعيهquot;.

وشدد العلواني على أن quot;هناك قلقاً كبيراً من قبل النواب كما أن هناك مواقف كتل مخالفة ودعونا إلى توضيح أمور العمالة والفوائد وموضوع الشركات ورصانتهاquot;، مستبعدًا تمرير القانون في جلسة يوم غد. واشارت إلى أن quot;القانون يتضمن الصحة والمدارس والبنى التحتية لكنه لا يضع آلية الدفع للشركات لا سيما وأن الشركات تطلب ضمانة نفط البلد من أجل حماية حقوقهاquot;.. موضحا quot;علينا أن نتوقع حصول أزمات مالية واقتصادية في المستقبل، وأن قضية رهن نفط البلد لأمد طويل أمر غير معقول ولا يمكن أن نسمح بذهاب موارد البلد بهذه الطريقةquot;.

بدورها ردت جنان البريسم عضو اللجنة القانونية عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي على هذه الاعتراضات، وقالت إن quot;القانون لن يسبب أية مديونية للعراق لأن الدولة عندما تشرع مثل هذا القانون هي لا تقترض وانما تتعاقد مع شركات عالمية لتنفيذ مشاريع تعود بالفائدة على المواطنينquot; موضحة أن quot;القانون يسهم بتشغيل الأيادي والقضاء على البطالة والتسريع من التنمية الاقتصاديةquot;.

وقالت إن quot;الشركات لا تستلم المبالغ إلا بعد تنفيذ المشاريع والموازنة الماليةquot;، منوهة أن quot;الأموال بمرور الاعوام تندثر، لان المائة مليار دولار بعد 10 اعوام تكون ذات قيمة اقل، لا سيما وإن المشاريع والعقارات في العراق تتضاعف بمرور الاعوامquot;.

وتوقعت البريسم أن quot;يمرر القانون يوم غد الاثنينquot; مؤكدة أن quot;القانون يحظى بأغلبية أعضاء مجلس النواب، لأن فيه مصلحة كثيرة للمواطن والبلد، لبناء البنى التحتية بفترة قياسية واهمها المدارس التي نحتاج إلى أكثر من 8 آلاف مدرسة، إضافة إلى حل أزمة السكنquot;.

معروف أن البنية التحتية العراقية تعاني من التدهور والتآكل بفعل الإهمال والحروب التي خاضها العراق. وتأتي مشكلة السكن في مقدمة مشاكل العراق حيث تنتشر كتل البناء العشوائي متجاوزة على اراضي القطاع العام وتحويل الاراضي الزراعية الى سكنية.

يذكر أن قانون أعمار البنى التحتية والقطاعات الخدمية شهد اشتداداً في الخلاف مما اضطر مجلس النواب في الثلاثين من الشهر الماضي إلى تأجيل التصويت عليه.