يعادي العلويون في تركيا اللاجئين السوريين المقيمين بينهم، في تناقص صارخ مع موقف الحكومة التركية المساند لهم ولثورتهم المسلحة ضدّ نظام بشار الأسد. وبلغ الأمر ببعضهم الى طرد لاجئين من مدينة هاتاي الساحلية.


أنقرة: قبل عدة أشهر من اليوم، عندما تدفق مئات اللاجئين السوريين إلى مدينة هاتاي الساحلية، رحب بهم السكان ترحيباً حذراً. لكن في الأسبوع الماضي، طردوهم جميعاً خارج المدينة.

ينتمي معظم سكان مدينة هاتاي في جنوب تركيا إلى الطائفة العلوية، لذلك فإنهم يدعمون الرئيس السوري بشار الأسد الذي ينتمي إلى الطائفة ذاتها، إلى جانب الصفوف العليا من الأجهزة الأمنية العسكرية والشبيحة.

على الرغم من أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن عن دعمه الكامل والواضح للثوار السوريين في الانتفاضة المسلحة ضد الأسد، إلا أن الشارع التركي أكثر انقساماَ حول ما يجري في سوريا وعلى طول الحدود المشتركة بين الدولتين.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـquot;واشنطن بوستquot; أن العلويين في محافظة هاتاي التركية ينتقدون دور حكومتهم والنهج الذي اعتمدته طوال 18 شهراً من الصراع في سوريا المجاورة.

موقف العلويين في تركيا من الثورة على الأسد يزيد معاناة الاجئين السوريين

quot;نحن على يقين أن هناك مقاتلين أجانب هنا، إلى جانب الكثير من المتطرفين والإرهابيينquot;، يقول علي يرال، وهو زعيم علوي بارز في مدينة أنطاكيا بجنوب تركيا، مضيفاً: quot;انهم يقضون يومهم في احتساء الشاي عندنا، ثم يعبرون الحدود ليلاً لقتل أقاربنا في سورياquot;.

واعتبرت الصحيفة أن هذه المزاعم التي يكررها العديد من الناشطين العلويين، والتي يصعب التحقق من مدى صحتها، توضح مستوى العداء الذي يكنه هؤلاء تجاه أكثر من 120 ألف لاجئ سوري يعيشون في المخيمات والشقق المستأجرة في تركيا.

quot;لقد سمعتهم يقولون انهم ما أن ينتهوا من حكومة الأسد، سوف يأتوا لقطع رؤوسناquot;، يقول يرال، مضيفاً: quot;هنالك أجانب بينهم.. انهم جميعاً ارهابيون. ويقولون لبناتنا: سوف تكونين في فراشي، وفيلا والدك سوف تصبح ملكيquot;!

نظم العديد من الأتراك العلويين في أنطاكية تظاهرات في الشوارع يوم الثلاثاء الماضي تعبيراً عن تأييدهم للأسد، ومطالبين الحكومة التركية -ليس فقط بطرد 40 ألف سورياً يعيشون في منازل في أنحاء تركيا ndash; بل أيضاً لتفريغ مخيمات اللاجئين على طول الحدود التركية السورية، حيث يقبع 80 ألف لاجئ في مدن الخيام.

وأشارت الصحيفة إلى أن معظم اللاجئين السوريين ومعظم المقاتلين الثوار ينتمون إلى الطائفة السنية، الأمر الذي يجعل الأقليات كالعلويين والمسيحيين ينظرون إلى حكومة الأسد على أنها الحصن المنيع ضد سيطرة الاسلاميين السنة.

ويبدو أن الحكومة التركية بدات تشعر بالغليان الطائفي المتناقض في الشارع، فأعلنت الأسبوع الماضي بهدوء أنها ستبدأ بالطلب من السوريين الذين لا يملكون جوازات سفر دخول المخيمات، مقابل ترحيل الذين يحملون جوازات سفر بعيداً عن الحدود.

ووعد المسؤولون الأتراك أن مخيمات اللاجئين ستظل مفتوحة، مرحبين بالفارين من القصف والقتال في سوريا.

ويقول المسؤولون أن هناك أسباب وجيهة لسياسة الحدود الآمنة الصارمة، لكن سلجوق اونال المتحدث باسم وزارة الخارجية، قال إن quot;التوترات المحليةquot; لعبت دوراً في قرار نقل اللاجئين إلى الداخل التركي.

quot;الجميع هنا يعيشون في سلام، لذلك طردنا اللاجئين السوريين، لأنهم لا يجلبون سوى المتاعبquot;، يقول محي الدين دونميز. فيما يقوم بتوزيع أطباق الحساء لسكان البلدة العلويين الذين يصعدون ليلاً لأسطح المناول لرؤية القصف الجوي الذي يطال القرى السورية إلى الجنوب من الحدود.

واعتبرت الصحيفة أن العداء العلوي تجاه ثوار سوريا يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة للانتفاضة، لا سيما وأن منطقة الحدود التركية مهمة وحاسمة للثوار لأنها مركز القيادة وطريق تهريب الأسلحة والمال، إضافة إلى أن المقاتلين الجرحى يتلقون الرعاية الطبية ويقومون بتهريب عائلاتهم إلى المناطقة الآمنة.

quot;العلويون الأتراك يدعمون النظام السوري ويصدقون القصص التي تقول ان الثورة في سوريا هي مجرد مؤامرة أجنبيةquot;، يقول جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما.

quot;الحدود بين الدولتيم مسطحة تقريباً، لذلك فكلما تبددت الحدود السياسية، كلما اندمجت سوريا الشمالية مع تركيا الجنوبيةquot;، وفقاً لسونر جاجابتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مضيفاً: quot;على المدى الطويل يمكن أن يعرض هذا الواقع تركيا لتحركات سياسية بغيضة قادمة من سوريا بعد الاسد، بدءاً من الجهاديين المحتملين للقوميين الاكراد المتشددينquot;.