الرؤساء الثلاثة للعراق

يعود الرئيس العراقي جلال طالباني إلى بلاده اليوم الاثنين بعد رحلة علاج في ألمانيا استمرت ثلاثة أشهر، ليباشر اتصالاته محاولًا إحياء فكرة مؤتمر وطني لحل الازمة السياسية في البلاد. ويسعى مجلس النواب اليوم إلى انتخاب مجلس جديد لمفوضية الانتخابات مؤجلًا التصويت على قانون مشاريع البنى التحتية، اقترحه المالكي واختلفت حوله الكتل السياسية.


من المنتظر أن يصل الرئيس العراقي جلالطالباني الى مدينة السليمانية (333 كم شمال بغداد) مقر سكنه وحزبه الاتحاد الوطني الكردستاني اليوم، حيث سيباشر اتصالات مع قادة القوى السياسية من اجل عقد مؤتمر حل الازمة السياسية في البلاد، والذي كان دعا له قبل سفره. وسيستأنس طالباني بآراء القادة السياسيين حول امكانية عقد مؤتمر حل الازمة السياسية المنتظر منذ حوالي الخمسة أشهر.

وقد اتفق طالباني مع رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي خلال اتصال هاتفي في 27 من الشهر الماضي على عقد اجتماع للرئاسات الثلاث بعد عودته الى البلاد. وكان طالباني دعا الى عقد مؤتمر للقوى السياسية في البلاد من اجل حل الازمة السياسية التي شهدت محاولات فشلت لسحب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. وكان طالباني اعلن في السادس من اذار (مارس) الماضي عن اتفاق مع القادة السياسيين على عقد مؤتمر حل الأزمة السياسية في البلاد في الخامس من نيسان (ابريل) الماضي.

وقال طالباني quot;إنه بعد اجراء مداولات ومشاورات مكثفة مع المالكي ومع سائر القيادات والشخصيات السياسية، فقد تقرر الدعوة الى عقد الاجتماع الوطني يوم الخامس من نيسان ودعا اللجنة التحضيرية المكلفة بالاعداد للاجتماع الى الاسراع في انجاز اعمالها وتهيئة برنامج العمل قبل الموعد المقررquot;.

وقد توقفت اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر منتصف اذار الماضي بعد أربعة اجتماعات فشلت خلالها اللجنة في تحديد موعد نهائي لانعقاد مؤتمر الأزمة أو الاتفاق على جدول اعماله، بسبب الخلافات بين القوى السياسية، وكل ما أنجزته الاجتماعات أنها تسلمت اوراق عمل مقترحة للمؤتمر قدمتها الكتل السياسية الكبرى المشاركة، وهي الائتلاف الوطني والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني.

وتحاول هذه الكتل السياسية الرئيسية الثلاث حل الأزمة السياسية الناشبة في ما بينها حول مجموعة من القضايا الخلافية، أهمها عدم اكتمال تطبيق اتفاقية أربيل التي تشكلت بموجبها الحكومة، فضلاً عن موضوعات استجدت كمشكلة التعامل مع مطالب بعض المحافظات بتشكيل أقاليم، وكذلك اتهام نائب رئيس الجمهورية والقيادي في ائتلاف العراقية طارق الهاشمي بارتكاب quot;أعمال إرهابيةquot; وإصدار مذكرة اعتقال بحقه وانتقاله اواخر العام الماضي للإقامة في إقليم كردستان، الذي رفض تسليمه إلى السلطات الاتحادية، ثم الحكم عليه مؤخرًا.. إضافة الى المشكلات بين حكومة الإقليم والحكومة الإتحادية ومنها عدم إصدار قانون للنفط والغاز ينظم صلاحيات الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وتأخر تنفيذ المادة 140 الدستورية التي تعالج مصير كركوك والمناطق المتنازع على تبعيتها بين بغداد واربيل.

البرلمان لحسم الخلاف حول اختيار مجلس جديد لمفوضية الانتخابات

ويسعى مجلس النواب العراقي اليوم لاختيار مجلس جديد للمفوضية العليا للانتخابات العراقية وسط خلافات حول اختيار مرشح المقعد التاسع للمجلس وفيما اذا كان المقعد سيذهب الى المكون التركماني أو المسيحي.

وعلمت quot;ايلافquot; أن الاتجاه خلال التصويت اليوم سيكون بتقسيم أعضاء مجلس المفوضين على القوى السياسية بواقع (4) اعضاء للتحـــالف الوطني ( اثنان لدولة القانون وواحد للمجلس الاعلى وآخر للتيار الصدري) و (2) للتحالف الكردستاني و(2) للقائمة العراقية و(1) للاقليات وتحديداً القومية التركمانية على أن يكون الشخص المرشح امرأة.

اما ابرز الاسماء المتداولة والمرشحة لعضوية مجلس المفوضين فهي مدير مكتب الرصافة في المفوضية محسن جباري، ومدير الدائرة الادارية في المفوضية مقداد الشريفي(دولة قانون)، ومدير مكتب المفوضية في كربلاء صفاء كريم، ورئيس قسم الملاحظين في دائرة الكيانات السياسية كاظم الذرب، ومدير عام دائرة الاتصال الجماهيري عبد الرحمن عبد الله خليفة، ومعاون مدير قسم بناء القدرات سعد العبدلي، و مدير العمليات وليد كاصد الزيدي، اضافة الى مسؤول في قسم الادارة المالية هو قاسم عبد الرضا شغيف.

والاسم المرشح لتولي مقعد المرأة والاقليات فسيكون من نصيب كولشان كمان البياتي، وهي تركمانية محسوبة على العراقية عن الجبهة التركمانية.. اما الاكراد فلم يعرفوا بعد مرشحيهم، ولكنه من المؤكد أن احدهم سيكون رئيسًا للمفوضية خلفًا للكردي فرج الحيدري الرئيس الحلي فيما ستكون رئاسة الادارة الانتخابية لدولة القانون (شيعة) وهو اهم واخطر منصب في المفوضية، اما القائمة العراقية (سنة) فسيكون مرشحها نائبًا للرئيس وهو منصب غير مهم.

ومن الملاحظ أن عملية المحاصصة هذه لم يجرِ التقاسم فيها على مستوى الاعضاء فقط وانما أيضاً على المناصب والمواقع داخل مجلس المفوضية وهو ما يمكن أن يسمى quot;المحاصصة المركبةquot;. وللمرة الثانية يتم ابعاد المكون المسيحي عن مجلس المفوضين.

وقد ادى رفض مجلس النواب الخميس الماضي لزيادة عدد اعضاء مجلس المفوضية العليا للانتخابات العراقية من 9 الى 15 عضوًا الى خلافات بين الكتل السياسية في المجلس. فقد صوت المجلس بالاغلبية على رفض زيادة عدد أعضاء مجلس المفوضية الى 15 عضواً مفضلاً الإبقاء على عددهم الحالي وهو 9، الامر الذي ادى الى رفض نواب كتلة ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي وانسحابهم من الجلسة، لكن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم صوتا الى جانب القرار. وتشكل القوى الثلاث العمود الفقري للتحالف الوطني العراقي الشيعي الحاكم.

وقال خالد العطية، النائب عن ائتلاف دولة القانون، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نواب يمثلون الكتل المنسحبة الاخرى، وهي دولة القانون والتغيير الكردية والاتحاد الإسلامي الكردستاني وأقليات مسيحية وايزيدية، إن quot;التصويت على تسمية تسعة أعضاء للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات بغيابنا ما هو إلا مؤامرة قررنا بعدها الانسحاب من الجلسةquot;. وأضاف quot;بعد خروجنا من قاعة مجلس النواب وجدنا أن النصاب مكتمل، علمًا أنه لم يكن مكتملاً عندما كنا داخل القاعةquot;، معتبرًا أن quot;ما جرى في مجلس النواب تزوير لإرادة النواب لأن النصاب غير مكتمل ورئاسة مجلس النواب أصرت على استمرار الجلسةquot;.

وهدد العطية بـالطعن أمام المحكمة الاتحادية بقرار البرلمان مؤكدًا إصرار الكتل على أن تكون مفوضية الانتخابات مستقلة ومشكلة من جميع الكتل السياسية. وأشار العطية إلى أن quot;التصويت على تسعة أعضاء لا يعطي هذا التنويع والتمثيل لجميع المكونات لاسيما أنه تم منح القائمة العراقية ثلاثة أعضاء من مجموع تسعة وهو ما لا ينسجم مع حجمهاquot;.

لكن رئيس كتلة الاحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري بهاء الاعرجي اعلن أن تصويت كتلته على بقاء اعضاء المفوضية بتسعة اعضاء وعدم الموافقة على الزيادة جاء تنفيذًا لمطالبات المرجعية الدينية والشارع العراقي. وقال في مؤتمر صحفي إن تصويت الكتلة على بقاء اعضاء المفوضية على تسعة اعضاء وعدم الموافقة على التعديل بزيادة الاعضاء الى 15 لا يعني انها خارج التحالف الوطني بل اننا جزء رئيس منه.
وكان رؤساء الكتل البرلمانية قد اتفقوا الثلاثاء الماضي خلال اجتماع مع رئاسة مجلس النواب ولجنة اختيار الخبراء لاختيار أعضاء المفوضية على تسمية تسعة أعضاء لمفوضية الانتخابات بدلاً من 15 عضواً. وتدور خلافات حادة بين الكتل السياسية بشأن عدد أعضاء المفوضية حيث تطالب بعض الكتل السياسية باختيار تسعة مرشحين فقط، فيما تصر كتل سياسية على زيادة عدد الأعضاء إلى 15 عضواً.

وتأجيل التصويت على قانون المالكي للبنى التحتية

وعلى صعيد آخر، ينتظر أن يؤجل مجلس النواب اليوم تصويتًا كان طلبه المالكي على مشروعه للبنى التحتية في العراق تبلغ كلفته 37 مليار دولار وذلك بسبب اعتراضات من قوى سياسية ولجان برلمانية هددت بعدم تمريره قبل إجراء تعديلات عليه تكفل عدم سقوط العديد من مفرداته في دائرة الفساد وتجنب رهن النفط العراقي لإرادة الشركات الأجنبية المنفذة للمشاريع، والتي سيتم الاتفاق معها على دفع آجل لكلفة هذه المشاريع.

وأكدت القائمة العراقية رفضها التصويت على مشروع القانون اليوم وقال المتحدث باسمها حيدر الملا خلال مؤتمر صحافي إن قائمته لن توافق على المشروع قبل اجراء تعديلات اساسية عليه تتضمن الاتفاق على مشاريع محددة، وليس بعناوين واسعة اسمها المشاريع الاستراتيجية. ورفض رؤية الحكومة في قضية الدفع بالآجل للشركات الدولية المنفذة موضحًا أن ذلك رهن النفط العراقي ويشكل قضية في غاية الخطورة.

وكان المالكي دعا مجلس النواب السبت إلى التصويت على مشروع قانون البنى التحتية الاثنين، وقال خلال مؤتمر صحافي عقب جلسة برلمانية عرض فيها رؤيته لاهمية تشريع قانون البنى التحتية إن quot;هذا القانون سيسرع في تقديم الخدمات وسيبني نحو سبعة آلاف مدرسة والكثير من المستشفيات بمستوى جيد، فضلاً عن الاهتمام بقطاع الزراعةquot;، مشيرًا إلى أن quot;المدارس الموجودة في البلاد لا تتساوى مع مدارس ابسط دولة من دول الجوارquot;. وقال إن quot;الحكومة ستتفاوض مع شركات رصينة في دول اليابان وكوريا والصين لتنفيذ مشاريع البنى التحتية بعد التصويت عليه، وهذا سيتطلب وقتًا طويلاًquot;.

وقد تحدث في الجلسة 35 نائبًا بالاضافة الى وزيري التخطيط علي الشكر والمالية رافع العيساوي والامين العام لمجلس الوزراء علي العلاق وفاضل جواد المستشار القانوني في مجلس الوزراء ورئيس هيئة الاستثمار سامي الاعرجي ورئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء ثامر الغضبان، حيث رأت لجنة الاعمار والخدمات ولجنة النفط والطاقة واللجنة المالية أن القانون غير جاهز، ولذلك فهي ترفض التصويت عليه اليوم.

معروف أن البنية التحتية العراقية تعاني من التدهور والتآكل بفعل الإهمال والحروب التي خاضها العراق. وتأتي مشكلة السكن في مقدمة مشاكل العراق حيث تنتشر كتل البناء العشوائي متجاوزة على اراضي القطاع العام وتحويل الاراضي الزراعية الى سكنية. يذكر أن قانون أعمار البنى التحتية والقطاعات الخدمية شهد اشتداداً في الخلاف مما اضطر مجلس النواب في الثلاثين من الشهر الماضي إلى تأجيل التصويت عليه.