يقرّ محللون وسياسيون تحدّثوا إلى (إيلاف) من المغرب بامكانية إجراء تعديل على الحكومة المغربية الحالية، دون أنّ يمسّ ذلك التحوير بالتحالفات صلب الحكومة التي يرأسها الإسلامي عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.


الرباط: أوساط إعلامية مغربية تحدثت كثيرا عن إمكانية إجراء تعديل حكومي قد يعصف ببعض أحزاب الأغلبية الحكومية واستبدالها بأحزاب أخرى مرشحة حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوت الشعبية (يسار) والأصالة والمعاصر (يمين) لدخول الحكومة الحالية وهو ما استبعده محللون تحدثوا إلى quot;إيلافquot;.

بعد وصول الملك محمد السادس إلى الحكم وجد أمامه حكومة عبد الرحمان اليوسفي التي كانت قد عينت في العام 1998، وبعد مرور سنتين من عمر تلك الحكومة تم إجراء تعديل حكومي كبير عليها، وتوالت التعديلات الحكومية مع الحكومات اللاحقة، مع حكومة الوزير الأول الأسبق إدريس جطو ونفس الأمر كان مع حكومة عباس الفاسي في العام2007.
أغلب التعديلات التي تمت مست أشخاصا.

يرى الباحث في العلوم السياسية محمد ظريف أنه عندما نتابع الخطاب الإعلامي في المغرب وتكهنات السياسيين بعد الإعلان عن تشكيل حكومة، تتسرب أخبار بعد ذلك تتحدث عن تعديل حكومي، quot;وهذه مسألة أصبحت ثابتة على الأقل، هناك من جهة وسائل الإعلام التي ظلت تتحدث باستمرار عن تعديل حكومي، ومن جهة أخرى في الممارسة التي أبانت عن وقوع تعديل.quot;

تعديل حكومي في المغرب مُمكن... لكنّه لن يمسّ التحالف الحالي

وأضاف الباحث لquot;إيلافquot;: quot;هنا علينا أن نتوقف كي نطرح سؤالا يتعلق بطبيعة هذه التعديلات، إذ أن هناك فرقا بين التعديل الحكومي الذي يكون خاضعا لأسباب تتعلق بمردودية بعض الوزراء الذين يتولون بعض الحقائب، وبين التعديل الذي يكون ذا طابع سياسي يهدف إلى تغيير التوجهات.quot;

وأوضح بأن أغلب التعديلات الحكومية التي شهدها المغرب في عهد الملك محمد السادس كانت تمس بعض الأشخاص (الوزراء) نتيجة عدم الارتياح لمردوديتهم، في حين لم يكن التعديل محكوما بالمنطق السياسي الذي يسعى إلى تغيير التوجهات.

وقال ظريف: quot;عندما نتحدث عن تعديل حكومي، هناك من يعتبر بأن الأمر مجرد إشاعات، لأنه يفترض أن تمنح لوزراء الحكومة مهلة زمنية معقولة على الأقل أكثر من سنة للحكم على مردوديتهم، في حين أن الحكومة الحالية لم تستكمل بعد سنتها الأولى. لكن هناك، وهذا هو الأساسي، من لا يتحدث عن تعديل حكومي بالرجوع إلى عطاء بعض الوزراء.quot;

وأوضح الباحث لـquot;إيلافquot;: quot;هناك من يطرح الآن تعديلا بمفهوم سياسي من خلال تغيير التحالفات الحكومية في ظل وجود من يتحدث داخل الساحة السياسية المغربية عن إمكانية إشراك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الأغلبية الحكومية وكذا حزب الأصالة والمعاصرة.quot;

واستبعد الباحث إمكانية هذا الإشراك للحزبين في الأغلبية الحكومية الحالية.
وقال: quot; يبدو البون شاسعا بين حزب الأصالة والمعاصرة الذي لا زال يقود حملة ضد حزب العدالة التنمية، وبالتالي لا أتصور أن تستمر حكومة بنكيران بوزراء ينتمون إلى حزب الأصالة والمعاصرة، كما أنه من الصعب إقناع الاتحاد الاشتراكي بالمشاركة في الحكمومة التي كانت قد عرضت عليه منذ بدايات تشكيل حكومة بن كيران وكان يمكن أن يدخل الحكومة بشروطه ورغم ذلك رفض لأنه يرغب في محو الآثار السلبية لمشاركته في الحكومة الذي دامت أكثر من عقد كما أنه يعمل على استعادة مصداقيته لدى الجماهير وبناء قواعده من خلال عمله في المعارضة.quot;

غياب حوار سياسي حول التحالفات

من جهة أخرى، قال عضو المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للأحرار (يمين الوسط) المعطي بنقدور لـquot;إيلافquot;: quot;أرى أنه لا يمكن بين عشية وضحاها أن نرى واجهتين للاتحاد الاشتراكي على اعتباره حزبا اشتراكيا تقدميا مع حزب جديد هو حزب الأصالة والمعاصرة وينسقان فيما بينهما وأنهما سيقومان بتحالف جديد مع إسلامي العدالة والتنمية.quot;

واعتبر بنقدور أن المسألة quot;تبدو بعيدة ولا أعتقد أن يكون هناك تقاربا بين هذه الأقطاب الثلاثة، رغم ما لاحظناه خلال بدايات تشكيل حكومة بن كيران عندما تم التحالف بين حزب من أقصى اليسار (حزب التقدم والاشتراكية) مع حزب إسلامي داخل الأغلبية الحكومية عكس ما كنا ننتظر، لكنه وقع.quot;

ولاحظ القيادي الحزبي غياب حوار سياسي على مستوى التحالفات في المغرب.
وبخصوص التعديل الحكومي قال بنقدور: quot;أرى أنه إذا كان هناك تغييرا فعليه أن يكون جذريا على مستوى الهيكلة الحكومية، فبعد ثمانية أشهر مرت على تعيين حكومة بن كيران، في ظل تفاقم المشاكل الاقتصادية الكبرى والاجتماعية كذلك، وأيضا كان هنالك ظهور غير محسوب لبعض أعضاء الحكومة، فلا بد من أن يكون هناك نوعا من التقييم.quot;

واعتبر بأنه يصعب على الحكومة الحالية quot;التي تتخبط في مشاكل كبرى أن تستمر خاصة وأن هناك مخاطر اقتصادية.quot;

تعديل ممكن

من جانبه، قال الباحث في العلوم السياسية سعيد خمري لـquot;إيلافquot;: اعتاد النظام في الحياة السياسية المغربية القيام بتعديل حكومي في نفس الولاية الحكومية، وهذا يرتبط بأداء بعض الوزراء، وأحيانا أخرى يرتبط بضرورة إدخال مكون آخر لتعزيز الأغلبية الحكومية ضمانا لانسجامها ورغبة في تحقيق الفعالية.quot;

وأضاف الباحث: quot;ما يلاحظ الآن هو أننا لم نصل بعد إلى نصف الولاية، ولكن مع ذلك هناك تساؤلات وسيناريوهات تطرح خصوصا من قبل المحللين ولا سيما الصحافيين.quot;

ورأى الباحث أن مسألة التعديل تجد مبرراتها في الواقع، في ضعف الأداء الحكومي على مستوى بعض القطاعات الحكومية، وقد تجد تبريراتها كذلك في مواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمالية الدولية والتي تلوح بظلالها على الواقع الاقتصادي المغرب، وأيضا قد تجدها في سخونة بداية الموسم الاجتماعي الحالي.

وأوضح: quot;نلاحظ بعض الفتور وفعالية أقل، سواء فيما يتعلق بشعارات الحكومة التي كانت قد رفعتها بخصوص محاربة الفساد والذي لم تتخذ فيه إجراءات ملموسة وضمن رؤية واضحة، وتم الاكتفاء بإعلان بعض مكامن الفساد دون الإعلان عن إجراءات عملية بهذا الخصوص. هناك مشكل دفاتر التحملات المتعلق بقطاع الإعلام السمعي البصري والجمود الذي أصبح يعانيه قطاع الإنتاج.quot;

كما أشار الباحث إلى بعض التصريحات quot;التي تكون في غير محلهاquot; من قبل رئيس الحكومة ومؤشرات أخرى تظهر أن الملك يبادر فيأخذ بالمبادرة للحسم في بعض الملفات.

وأوضح بان quot;هناك بوادر تلوح بإمكانية تعديل حكوميquot;، إلا أنه quot;لا يمكن القول حتما بان التعديل سوف يكون في الوقت القريب جدا مع أنه ممكن الوقوع، مستبعدا أن يتسبب التعديل، في حال حدوثه، في المساس بالتحالف الحكومي الحالي.