ناشر مجلة شارلي ايبدو ستيفان شاربونييه

تعرض الرسوم التي نشرتها مجلة quot;شارلي ايبدوquot; المسيئة للدين الاسلامي، مكانة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للخطر، حيث كان يتمتع بصورة مقبولة نسبيا لدى الرأي العام.


القاهرة: أشارت تقارير صحافية إلى أن العدد الجديد الذي أصدرته مؤخراً مجلة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة وضم مجموعة من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد ( ص ) قد تهز مركز الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وعلقت على ذلك صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية بقولها في مستهل تقرير لها بهذا الخصوص، إن فرنسا وجدت نفسها في مواجهة جديدة مع جدال متعلق بالأديان وبحرية التعبير، بعد نشر تلك الرسوم المسيئة للرسول الكريم، خاصة وأنها جاءت في وقت يعج فيه العالم الإسلامي بالاحتجاجات على فيلم quot;براءة المسلمينquot;.

وكان الأمر اللافت هو استعانة بعض الرسوم بلغة قوية، واشتمالها على صورة عارية للنبي وهو مستلقٍ في وضعيات مثيرة. وقد برر من جانبه ستيفان شاربونييه، كبير محرري المجلة، تلك الرسوم، عبر نشره نصا مقتضبا في الصفحة الثانية بتشديده على ضرورة عدم وجود حدود عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير.
وأضاف متحدثاً عن من يعترضون على الرسوم quot;ليس هناك ما يمكن التفاوض عليه مع الفاشيينquot;. هذا وقد سبق أن تم إحراق مكاتب المجلة في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011، بعد نشرها رسم كاريكاتوري للنبي محمد ( ص ) على صفحتها الأولى.

كما تعرض الموقع الإلكتروني الخاص بالمجلة لعملية قرصنة يوم أمس، كما ذكرت على المدونة التي تستخدمها كموقع بديل، مضيفةً أن كافة أعدادها المطبوعة قد بيعت بالفعل. ورغم تشديد الساسة الفرنسيين، من التيارين اليساري واليميني، على ضرورة عدم انتهاك حرية الصحافة، إلا أن كثيرين انتقدوا توقيت النشر، لتزامنه مع أجواء تتصاعد فيها حدة التوترات الدينية على خلفية فيلم quot;براءة المسلمينquot;.

وقالت الخارجية الفرنسية من جهتها إنها عززت تدابيرها الأمنية في مكاتبها الدبلوماسية بالخارج، تحسباً لتعرضها لهجمات، على غرار ما حدث قبل أيام مع السفارات الأميركية.
كما أشارت إلى أنه سيتم إغلاق السفارات والقنصليات والمراكز الثقافية والمدارس الفرنسية في حوالي 20 دولة إسلامية يوم غد تحسباً لتنظيم مظاهرات عقب صلاة الجمعة.

ونقلت ساينس مونيتور في هذا الصدد عن مالك شبل وهو عالم في أنثروبولوجيا الدين وخبير في الإسلام قوله quot;قد تتسبب تلك الرسوم في هز صورة هولاند داخل البلدان الإسلامية، لأن المتظاهرين هناك لا يميزون بين آرائه وآراء صحيفة فرنسية خاصةquot;.

وتابع شبل: quot;مازال يحظى بصورة ايجابية إلى حد ما حتى الآن، وبعد تلك الواقعة الأخيرة، حانت لحظة الحقيقة، حيث سيُحَاكَم بآراء العامة الآنquot;. وأضاف فرهاد خسروخافار، من كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في فرنسا، أن التوترات بين حرية التعبير وحرية الدين أكثر حدة في فرنسا عن غيرها من الدول الأوروبية بسبب تاريخها العلماني.

وفي غضون ذلك، أصدر يوم أمس مكتب رئيس الوزراء الفرنسي، جان مارك آيرولت، بياناً طالب فيه بضبط النفس بعدما أُعلِن عن نشر المجلة سلسة الرسوم المسيئة للرسول.
وقد علقت صحيفة الغارديان البريطانية هي الأخرى على ذلك الأمر بتأكيدها أن التقليد الراسخ المتعلق بالسخرية من الأديان والمؤسسات الدينية يبين سبب نجاح الإصدارات القائمة منذ مدة طويلة مثل صحيفة quot;لو كانار إينشينquot; الأسبوعية (التي جرى تأسيسه في العام 1915) وشارلي ايبدو (التي تم تأسيسها في العام 1969).

وأضافت الغارديان أن الصحيفة جرى إطلاقها من قبل مجموعة من الأشخاص غير الملتزمين بالعادات والأعراف الذين كانوا يديرون من قبل إصدار شهري يحمل اسم quot;هارا كيريquot;.
وقد توقفت المجلة عن الصدور عام 1981، بسبب تراجع شعبيتها، وحين أعيد إطلاقها عام 1992، كان العالم قد تغير بصورة كبيرة، بينما كان هناك قليلين من فريق عملها التاريخي. أما مديرها الجديد، فيليب فال، فكان متخصصاً في كوميديا الموقف وذاع صيته بشكل كبير من خلال غنائه وسرده النكات أمام جمهور يساري في الثمانينات.

وقد غير فال أسلوب الإصدار، ولم يتردد في الاستغناء عمن كان يعارض آراءه وكان يوصف في كثير من الأحيان بـ quot;المستبدquot;. وتحت قيادته، أضحى موقف شارلي ايبدو التحرير مشوشاً. وشارك فال في نقاشات محتدمة مع quot;اليساريين غير المطورينquot;. ومنذ رحيل فال، والمجلة تحاول استعادة شعور الاستخفاف الذي بدا أنها فقدته. وهناك شكوك حالياً حول قدرة مديرها الجديد، ستيفان شاربونييه، الذي يشتهر باسم quot;شاربquot;، على استعادة الأمجاد التي كانت تحظى بها المجلة في الماضي.