يعيش أطفال حلب في كابوس مستمر بسبب ضراوة المعارك التي تشهدها مدينتهم وإذ يحاول الاباء التخفيف على ابنائهم وتهدئتهم فانهم نادراً ما ينجحون في هذه المهمة.
حلب: يقول الطفل احمد ردا على سؤال quot;هل انا خائف؟ لا، لقد تعودت الانquot;، ويتابع اللعب بالكرة في احد شوارع حي سيف الدولة على بضعة مئات الامتار من الجبهة في حلب، شمال سوريا التي تتعرض منذ شهرين الى معارك وقصف مستمر.
ويسكن الطفل ابن الثانية عشرة مع شقيقتيه وشقيقه ووالديه في منزل الجد الذي انتقل للعيش فيه اعمامه منذ ان غادرت الاسرة منزلها في حي صالحين الذي يتعرض لقصف مستمر من طيران ومدفعية الجيش السوري.
أطفال سوريا يعيشون رعب القصف |
وعلى غرار الكثير من اطفال سوريا لا يذهب احمد الى المدرسة بسبب اعمال العنف.
ويقول الطفل بهدوء quot;دمروا مدرستي وربما سيدمرون منزلي قريباquot;.
ويرتجف صوته قليلا عندما يتحدث عن الغارة الجوية التي سحقت الاثنين بنايتين سكنيتين في حي المعادي في وسط حلب التاريخي مخلفة خمسة قتلى حسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال احمد quot;ماتت زوجة عمي مع ابنتيها، قصفوهم فانهار منزلهم ولم ينج سوى عمي واصيب بجروح في كل جسمهquot;.
واوضحت امه quot;عثروا على زوجة اخي ميتة وطفلتيها في حضنهاquot;.
وحذرت منظمة quot;سيف ذي شيلدرنquot; غير الحكومية مؤخرا من الصدمة التي يعانيها العديد من الاطفال السوريين الذين يشاهدون الجرائم والتعذيب وغيرها من الفظائع في النزاع الذي اسفر عن سقوط ثلاثين الف قتيل خلال 18 شهرا حسب المرصد السوري لحقوق الانسان ومن بينهم ألفا طفل.
وجلست شهد (8 سنوات) وآية (7) وحمود (3) على كراسٍ بنفسجية في قاعة الجلوس يطعمون قطا صغيرا تسلل الى البيت فتاتا من الخبز.
بعض الأطفال تعودوا على صوت الانفجارات |
وقالت شهد التي كشفت عبر ابتسامتها عن خلو فمها من بعض الاسنان quot;في الليل عندما نكون نائمين، يوقظنا ابي وامي عندما يبدأ القصفquot;، quot;في البداية صحيح كنا نخاف، ليس الانquot;.
وفي حين قالت آية على غرار شقيقها انها quot;تعودتquot; على وقع الانفجارات ودوي رصاص القناصة المتمركزين في المباني المحيطة بها، اقرت شهد بانها تخاف وتقول quot;في التلفزيون رأيت الكثير من الجثث على الارضquot;.
وأوضحت ان quot;في كل قصف نختبئ، ننزل الى القبو او نذهب الى المسجد لان كل الناس تموتquot; وquot;ابي لا يتركنا ننظر كي لا نصاب بكابوسquot;.
وصنع الاب ايمن (36 سنة) ارجوحة علقها في السقف في مدخل البناية.
وقالت شهد التي ارتدت ثوبا اصفر، quot;نحن البنات كنا في الماضي نلعب في الشرفات لكن الان لم تبق شرفات، لقد سقطتquot;.
وبامكان شقيقها ان يغامر ويلعب بالكرة خارج المنزل لكنه لا يبتعد كثيرا، فايمن وزوجته حريصان على ان يظل ابناؤهما على مرأى منهما.
وعندما ينطلق فجأة دوي القذائف ورشاشات الكلاشنيكوف يجمعانهم في المنزل قبل غلق البوابة الحديدية.
لكن في حلب لم يبق احد في مأمن ولا سيما ان شرفة قاعة الجلوس التي تقضي فيها العائلة يومها تطل على شارع مفتوح قد تقتحمه القذائف ورصاص القناصة في اي وقت.
الدكتور ملهم زهير الحراكي، الأختصاصي في الصدمات النفسية عند الأطفال، تطرق في مؤتمر نظمته هيئة الشام الإسلامية في اسطنبول إلى الصعوبات التي ستعترضهم، في ترميم نفسيات الأطفال السوريين، الذين باتوا ينظرون، إلى العالم، على انه، مكانٌ غير آمن، بالنسبة لهم، مشيراً إلى خطورة الأحداث الجارية، على الصحة النفسية للطفل، خاصة وأن العديد من الأطفال السوريين، بدأوا يرسمون لوحات، تظهر أشجاراً تتغذى عن طريق الدم.
التعليقات