الأزمة السورية تسير من سيئ إلى أسوأ |
تزداد الأزمة السورية دموية، لكن الأسوأ آت بعد رحيل الأسد، خصوصًا أن أمل الديمقراطية يتضاءل في هذا البلد، الذي عاش على فكرة أنها اللعنة التي خربت العراق ولبنان.
مع تزايد دموية الانتفاضة الشعبية التي تشهدها سوريا يوماً بعد الآخر، وتجاوز عدد ضحايا الصراع 30 ألف شخص بحسب منظمات عاملة في مجال حقوق الإنسان، يبدو أن الأسوأ لم يأت بعد، خاصة بعد الإعلان يوم الأربعاء الماضي عن مقتل أكثر من 300 شخص، ليصبح بذلك أكثر أيام الانتفاضة دموية حتى الآن.
وبالتزامن مع ذلك، طرأت زيادة واضحة في أعداد الفارين من هذا الجحيم، وقدّرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أعداد اللاجئين السوريين الحاليين بـ 235300 لاجئ، وأن 103416 شخصا قد سعوا لطلب اللجوء في شهر آب (أغسطس) فقط.
مجرد بداية
في هذا السياق، أشارت مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى احتمال أن يتزايد العدد الحقيقي للفارين من سوريا بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة، إذ من الصعب التكهن بما قد يحدث للانتفاضة السورية في المرحلة القادمة، خصوصًا في حالة سقوط الرئيس بشار الأسد.
وتابعت المجلة بتأكيدها أن الاحتجاجات التي نشبت مؤخراً أمام السفارات الأميركية في القاهرة وتونس وصنعاء، بالإضافة إلى الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي، بينت أن نهاية حكم استبدادي هي مجرد بداية عملية إعادة بناء طويلة ومعقدة في مرحلة ما بعد الربيع العربي.
وترى المجلة أن احتمال بناء الديمقراطية في سوريا يتضاءل، بينما وجد بحث أعده غين شارب وآخرون أن الثورات العنيفة لا تؤدي في كثير من الأحيان إلى نشوء حكومات غير ليبرالية.
تناقضان
من هذا المنطلق، تقف سوريا أمام تناقض واضح. فكلما شدّ الثوار أزرهم ضد نظام الأسد، قلت احتمالات تحقيقهم للديمقراطية أو البناء أو الإصلاح. كما يترك هذا السيناريو الولايات المتحدة أمام تناقض أوضح: كلما قلّ ميلها للتدخل في سوريا، زادت توطد المتشددين الإسلاميين وعنفت العداوة بين أعراق وطوائف سوريا.
وقالت فورين بوليسي إن الأوضاع في سوريا ستزداد سوءًا ما لم يحدث تدخل دولي، ذلك لأنّ مسلسل العنف والقتال هناك ما زال متواصلًا بلا هوادة، ما سيرفع تكلفة إعادة البناء.
لعنة الديمقراطية
في مؤتمر استضافته برلين الشهر الجاري، قدّر المجلس الوطني السوري أنهم سيكونون بحاجة لملياري دولار كدعم فوري خلال الستة أشهر الأولى بعد سقوط نظام الأسد.
غير أن فورين بوليسي أشارت إلى أن مشكلات سوريا أعمق من أزمتها الراهنة، مؤكدةً أنها تعاني بالفعل من عدد من أوجه القصور التي ستشكل جميعها التحدي الأكبر للولايات المتحدة على صعيد السياسة الخارجية في منطقة الشرق الأوسط.
فالقوى الإقليمية تنظر إلى التنوع الحاصل في سوريا باعتباره فرصة لإنشاء قواعد نفوذ دائمة، كماً سيحاول أنصار النظام السابق إفساد المشهد. إلى ذلك، من بين الأسباب التي تقف وراء احتفاظ الأسد بالسلطة اليوم تشديده على نظرية مفادها أن الديمقراطية هي اللعنة التي تثقل كاهل بلدان مثل العراق ولبنان.
التعليقات