في خضم الثورة السورية على نظام الأسد انضمت العديد من الفتيات إلى صفوف المعارضة المسلحة وأصبحن يساعدن في توثيق الجرائم ومعالجة الجرحى.


حلب: في هذا المستشفى الميداني في حلب لا ينفك الجرحى يتوافدون، رجالاً ونساء، وحتى اطفالاً، الجميع مضرج بالدماء بينما ينهمك الاطباء والمقاتلون المعارضون في ايجاد سرير لهذا ونقل ذاك بعدما لفظ أنفاسه الاخيرة، وفي وسط كل هذه المعمعة تقف لين تصور بكاميرتها ما يجري، والابتسامة لا تفارق وجهها.

وهذه الناشطة البالغة من العمر 29 عاماً تصور كل شيء، تتنقل بين الحمالات بمنتهى الرشاقة وكاميرتها لا تفارق يدها. في القاعة-المستشفى يجلس المقاتلون المعارضون في اربع زواياها يراقبون كل ما يجري على وقع نحيب قريبات

سوريات يحملن السلاح

الجرحى والقتلى في حين تتبعثر اكياس الدم في كل مكان وحتى على الارض.

وتتحدر لين من مدينة حلب، العاصمة الاقتصادية للبلاد وكبرى مدن شمالها والتي تشهد منذ اكثر من شهرين معارك طاحنة بين قوات الرئيس بشار الاسد ومقاتلين معارضين، وقد قررت هذه الشابة الانضمام الى quot;الثورةquot; التي بدأت انتفاضة سلمية قبل 18 شهرًا وتحولت نزاعًا مسلحًا.

ولين هي واحدة من quot;الحرائرquot;، التسمية التي يطلقها المعارضون على الشابات والنساء اللواتي التحقن بالانتفاضة واصبحن ناشطات في صفوف quot;الثورة السوريةquot;.

في البداية اقتصر نشاط لين على المشاركة في التظاهرات المطالبة باسقاط نظام الرئيس الاسد، وذلك رغمًا عن ارادة والديها. وفي هذا تقول quot;لا يخيفهما الا شيء واحد، ما يفعلونه بالفتياتquot;، في اشارة الى جرائم الاغتصاب التي تقول المعارضة إن قوات الاسد وميليشيات الشبيحة الموالية لها ترتكبها بحق المعارضات أو نساء المعارضين وبناتهم.

ومع الوقت انخرطت لين اكثر في quot;جهود الثورةquot;، فراحت تخيط مع زميلات لها اعلام المعارضة، التي اتخذت علم سوريا ما بعد الاستقلال رمزًا لها، وكانت تساعد ايضًا في كتابة الشعارات على اللافتات التي يرفعها المتظاهرون في مسيراتهم وتجمعاتهم المستمرة يوميًا رغم القصف والمعارك.

واندلعت الاحتجاجات في سوريا في منتصف آذار/مارس 2011 من مدينة درعا الجنوبية، وكانت احتجاجات سلمية تطالب بالاصلاح، لكن القمع الدموي الذي واجهها به النظام ادى الى اتساع رقعة الاحتجاجات وتحولها الى نزاع مسلح يغطي اليوم كامل مساحة البلاد وقد خلف حتى الان اكثر من 30 الف قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وحين وصلت المعارك الى حلب انتقلت لين الى مساعدة الممرضات بعدما خضعت لدورة تدريبية سريعة في الاسعافات الاولية.

وتقول: quot;هناك الكثير من الناشطات ولا سيما في حلب. في بعض الايام يكون في المستشفى نساء اكثر من الرجالquot;. وقد لاحظت مراسلة فرانس برس خلال تجوالها على عدد من المستشفيات الميدانية في حلب وجود العديد من المتطوعات اللواتي يساعدن الاطباء.

حرائر سوريا يساعدن مراكز حقوق الإنسان في توثيق الجرائم

وتضيف أنها وعلى غرار الكثيرات من رفيقاتها اختارت القلم سلاحًا لها، فهي تدون على مفكرة صغيرة ارقامًا واسماء وتواريخ وتوثق بواسطة كاميرتها التي لا تفارقها ابدًا صور الضحايا.

وتوضح وقد ارتدت معطفًا طويلاً اسود وغطت رأسها بحجاب من نفس اللون quot;احصي القتلى. انا مكلفة باعداد قائمة باسماء القتلى والجرحى وبحفظ صور لهمquot;.

وبفضل لين وامثالها من الناشطين والناشطات يمكن يوميًا لمنظمات حقوقية واهلية مثل المرصد السوري لحقوق الانسان احصاء القتلى والجرحى الذين يسقطون في النزاع وابلاغه الى وسائل الاعلام الدولية التي لا تسمح السلطات السورية لمراسليها بحرية التنقل لتغطية النزاع.

وهؤلاء الناشطات يأتين من القرى المحيطة بحلب رغمًا عن ارادة اهلهن في غالب الاحياء نظرًا الى أن المجتمعات في هذه القرى محافظة جدًا. وهؤلاء الفتيات ينمن ويصحين ويعملن في المستشفيات ويتنقلن تحت القصف من مستشفى الى آخر.

واليوم تتلقى لين مساعدة من ناشطة انضمت لتوها الى صفوف quot;الحرائرquot; وتطلق على نفسها اسم quot;ام سهيرquot;.

وخلف الحجاب الاسود الذي يغطي رأس هذه الشابة السورية وبعضًا من ذقنها ترتسم على محياها ابتسامة كلما ذكرت كلمة quot;الثورةquot;.

وتقول ام سهير بنبرة ملؤها الثقة بالنفس: quot;سنفعل كل ما بوسعنا فعله من اجل الثورة. اذا اضطرنا الامر سنحمل السلاح ونذهب الى الجبهة من اجل وطنناquot;.