تواجه الانتخابات النيابية الاردنية القادمة تحدي عزوف المواطنين عن الاقتراع، وعزوف شخصيات سياسية بارزة تحظى بحضور شعبي ومصداقية عن الترشح، في ظل مقاطعة قوى حزبية وشعبية لهذه الانتخابات،حيث ينتظر أن تخرج أول حكومة برلمانية، يشكك الأردنيون في ولادتها.

عمان: تشكل الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في الثالث والعشرين من الشهر الحالي في الاردن مفصلًا مهمًا في تاريخ الدولة الاردنية للتحول الديمقراطي من خلال تشكيل حكومة برلمانية يبدو أنها لن تتحقق، كما قال سياسيون اردنيون بارزون لـquot;ايلافquot;.
أضافوا: quot;عزوف المواطنين ينطلق من اعتبارات اقتصادية صعبة، ومن حالة احباط وعدم ثقة بالمجالس البرلمانية السابقة، التي سعى اعضاؤها إلى تحقيق مصالح شخصية على حساب المواطنquot;.
كما اشاروا إلى أن عزوف النخب السياسية والرموز الوطنية يعود إلى أن العمل السياسي في الاردن لم يعد مغريًا سياسيًا، والدليل على ذلك عزوف شخصيات وطنية سياسية عن خوض الانتخابات، والسير نحو الاعتزال بسبب سياسة الدولة الاردنية التي أكلت ابناءها، على حد وصفهم، quot;لكن نجاح هذه الانتخابات هو طوق نجاة الدولة الديمقراطية الحديثة بدلًا من الشارع وأعمال العنف، كما حدث في دول عربية من ثورات وتغيير أنظمةquot;.
لا جدوى
قال الوزير والنائب الدكتور محمد الحلايقة لـquot; ايلافquot; إنه لا يتوقع نسبة مشاركة مرتفعة، quot;فهناك عوامل لا تحفز المواطنين المشاركة في الانتخابات، ومنها حالة الاحباط السياسي والاقتصادي التي يعيشها المواطن الاردني، وعدم قناعته بجدوى أداء المجالس البرلمانية السابقة في قضايا مكافحة الفساد، وفي الاصلاح السياسي، والتشريعات ذات العلاقة بهموم المواطنين كقانون المالكين والمستأجرين الذي يهدد شرائح واسعة من المواطنين البسطاء وذوي الدخل المحدود، إضافة إلى تصرفات النواب غير المسؤولةquot;.
أما حالة عزوف الشخصيات السياسية الوطنية عن خوض الانتخابات البرلمانية، فالسبب وفق الحلايقة هو قانون الانتخاب الحالي، وحالات التزوير والتدخلات التي تمت في الانتخابات السابقة، إضافة إلى أن العمل السياسي لم يعد مجديًا، وكذلك ما يسمى شراء ذمم الناخبين عبر المال الانتخابي الذي يستخدمه المرشحون خصوصًا فئة التجار ورجال الأعمالquot;.
الوعي مطلوب
لكن موعد الانتخاب حسم، والتحدي الأكبر أمام المرشحين هو إقناع الناخبين بالمشاركة. يقول الدكتور محمد أبو هديب، المرشح عن الدائرة الخامسة في عمان لـquot;إيلافquot;: quot;لا شك في أن الانتخابات النيابية الاردنية تجري في ظروف مفصلية، تعد الاخطر في تاريخ الاردن الحديث، في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، لذا أدعو الجميع إلى المشاركة في الانتخاب لاخراج مجلس شرعي حقيقي غير مزور، قادر على جمع القوى السياسية والحزبية وفتح حوار معها بتعديل التشريعات والقوانين والمزيد من التعديلات الدستوريةquot;.
ويعتقد أبو هديب أن الجميع يقف اليوم أمام تحدي مشاركة المواطنين من منطلق وطني، لاخراج مجلس قوي شرعي يكون طوق نجاة، في مرحلة انتقالية نحو مرحلة جديدة، ولديه القدرة على تجاوز أزمات البلاد والاعباء الاقتصادية من عجز الموازنة وتعديل التشريعات ومعالجة ملف ارتفاع الاسعار.
يتساءل أبو هديب عن بديل عدم المشاركة. يقول: quot;أمام المواطن الاردني خياران لا ثالث لهما، اما الصدام في الشارع واللجوء إلى العنف او اختيار المسار الدستوري لتحقيق كل مطالب الاصلاح والحراكات الشعبية، وهذا يعتمد على وعي المواطن الاردنيquot;.
لا حكومة برلمانية
تناول الحلايقة وأبو هديب مسألة القوائم وتأثيرها على نسب الاقتراع، وتحفيز القوى الشعبية المشاركة في الانتخابات، وتشكيل حكومة برلمانية، فتوقعا أن تزيد هذه القوائم، الذي وصل عددها إلى نحو 60 كتلة، من نسبة الاقتراع. لكن الحلايقة يقول إنها تفتقر للبرامج الانتخابية، quot;وأغلبها غير حزبية تعتمد على أسس عشائرية ومناطقية وعلاقات عامة، ما يعني أن مقاعد القائمة الوطنية المحددة بـ 27 ستتوزع على القوائم بنسب قليلةquot;.
يقول: quot;في المستقبل القريب، وضمن المفهوم الديمقراطي المتعارف عليه في تشكيل الحكومة البرلمانية، لا اتوقع أن نرى في المجلس السابع عشر حكومة برلمانيةquot;، مضيفًا أن تحالفات ستنشأ بين القوائم المتناثرة لكن من دون جدوى، إذ يعتقد سيتم التشاور مع الكتل في المجلس على رئيس الحكومة والوزراء من خارج المجلس ولن يتمكن المجلس من تشكيل حكومة برلمانية.
لكن الدكتور ابو هديب يقول إن تشكيل الحكومة البرلمانية يعتمد على مخرجات العملية الانتخابية والقوائم التي ستحصد اكبر المقاعد.
خطط تحفيز
أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب، على لسان الناطق الرسمي حسين بني هاني، أنها رفعت شعار مرحلة جديدة في إدارة العملية الانتخابية بالاعلان عن سلسلة اجراءات ستكون الضمانة وتمنع التزوير والتدخلات من أحد.
لكن في ما يتعلق بنسب المشاركة وعزوف الناخبين، لا توقعات لدى الهيئة، لأن الحديث عن نسبة المشاركة سؤال افتراضي لا يمكن التكهن به، وهذه ترد إلى قناعة الناخبين بالمشاركة أو عدم المشاركة. ورفض بني هاني الحديث عن هذا الهاجس الذي يقلق جميع دوائر صنع القرار.
غير أن معلومات مؤكدة ومن مصادر رفيعة المستوى في الدولة الاردنية اكدت لـquot;ايلاف quot; أن التقارير السرية التي تصل إلى دوائر صنع القرار وبحسب الاستطلاعات الميدانية والتقارير التي تصل من المحافظات تؤكد أن نسب المشاركة لن تصل إلى الحد المطلوب، ما استدعى استنفار اجهزة الدولة والبحث عن خطط بديلة من شأنها تحفيز الناس والاستعانة برموز عشائرية للتأثير على المواطنين للمشاركة في الانتخابات، وتحويل العديد من رموز الفساد إلى القضاء خصوصًا ممن يطالب بهم الشارع الاردني.
ويعتقد السياسيون الذين تحدثوا لـquot; ايلاف quot; أن المناطق العشائرية واطراف العاصمة والمحافظات ستشهد نسبة مشاركة أعلى، بحكم مفهوم الفزعة السائد في تلك المناطق. لكن المدن الرئيسية كالعاصمة عمان في دوائرها، والزرقاء وإربد، فلن تشهد نسب تصويت عالية.