بعد محادثات استمرت على مدار يومين خلال الأسبوع الماضي، أخفق المسؤولون من إيران ومن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التوصل إلى اتفاق بشأن الوصول إلى المواقع والأشخاص والوثائق التي تحظى بأهمية بالنسبة إلى الوكالة، التي ترغب في الوصول إلى بنايات بعينها في قاعدة بارشين العسكرية بالقرب من طهران، حيث يُعتقد أن إيران ربما تقوم بإجراء اختبارات متفجرات تقليدية ndash; ربما لها صلة بالأسلحة النووية ndash; وهو ربما ما كان يحدث منذ عقد أو ما شابه ذلك، لكن لا توجد أدلة على ذلك.
بإصرار الوكالة على موقفها بهذا الخصوص، فإنها تجازف بعرقلة المفاوضات الأكثر إلحاحاً، التي ينتظر أن تنطلق خلال الفترة المقبلة بين إيران وبين المجموعة التي تعرف بـ 5+1 (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا).
ذكرت في هذا الصدد مجلة فورين بوليسي الأميركية أن الوكالة أبدت رغبتها من جديد في زيارة الموقع بعد تحصلها على أدلة سرّية، من جانب وكالات استخبارات غير معروفة، تتبع طرفًا ثالثًا، تقول إن اختبارات متفجرات تقليدية ذات صلة بالسلاح النووي، ربما تمّت قبل ما يقرب من 10 أعوام في قاعدة بارشين العسكرية مثار الجدل.
لم تُظهِر الوكالة تلك الأدلة للمسؤولين الإيرانيين، وهو ما دفع بإيران إلى التأكيد على أن تلك الأدلة لابد وأنها مُختَلَقة. وأعقبت المجلة بنقلها عن روبرت كيلي، وهو مهندس أسلحة أميركي ومفتش سابق في الوكالة، قوله quot;يفترض أن تُستمد سلطة الوكالة من قدرتها على تحليل المعلومات بصورة مستقلة. وفي بارشين، يبدو أنهم يرددون فقط المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الخاصة بعدد قليل من الدول الأعضاءquot;.
كما عبّر أولي هينونين، رئيس قسم الضمانات في الوكالة حتى عام 2010، عن اندهاشه من الطريقة التي تتصرف من خلالها الوكالة، مضيفاً: quot;فلنفترض أن المفتشين نجحوا في الوصول هناك أخيرًا، ولم يجدوا شيئاً. فسيقول الناس حينها (هذا لأن إيران قامت بضبط الأوضاع هناك، لكنها ربما لم تقم بذلك في واقع الأمر) ... وأنا لا أعلم لما تتصرف الوكالة بهذا الشكل، وهو ليس بأسلوب معياري معمول به هناكquot;.
فيما قال هانز بليكس رئيس الوكالة السابق: quot;أظن أن أية دولة سترفض السماح لمفتشين دوليين بالتحرك كما شاؤوا داخل منشأة عسكرية. والإيرانيون أكثر انفتاحاً من معظم البلدان الأخرىquot;. وأضافت المجلة أن بمقدور مجلس الأمن تشجيع إيران على التعاون مع الوكالة، لكن ليس بمقدوره زيادة الصلاحيات القانونية للوكالة.
وأعقبت بقولها إنه حتى إن ثبتت صحة المزاعم التي تتحدث عن إجراء إيران اختبارات متفجرات تقليدية طوال 10 أعوام، فإن إيران لم تخرق اتفاقية ضمانات الوكالة.
بررت ذلك بالقول إن هدف الاتفاقية الرئيس هو التحقق من عدم تحويل المواد النووية إلى أسلحة نووية أو إلى أي من الأجهزة المتفجرة النووية الأخرى، وهو ذلك الأمر الذي تحققت منه الوكالة منذ أن تم تفعيل اتفاقية ضمانات إيران في العام 1974.
وأضافت المجلة أن إصرار الوكالة على الذهاب إلى قاعدة بارشين للتحقق مما لديها من معلومات بخصوص تجارب المتفجرات ما هو إلا مجرد زوبعة فنجان، لكن باستمرارها في التعامل بصورة سلبية مع إيران، فإنها بذلك تُسَمِّم المناخ الخاص بالمحادثات المقبلة، التي تحظى بأهمية كبيرة بين مجموعة 5 + 1 والجمهورية الإسلامية.
وهي المحادثات التي يجب أن تركز على الموضوع الأكثر أهمية، وهو الحدّ من درجة تخصيب إيران عند 20 %. وقد ألمحت إيران في واقع الأمر إلى أنها تمتلك الرغبة من أجل إبرام اتفاق كهذا، بالنظر إلى بعض المبادلات في صورة تخفيف العقوبات.
كما إن الحدّ من قدرات تخصيب إيران بنسبة 20 % يحظى بأهمية كبيرة، لدرجة إنه يتعين على مجموعة 5 +1 أن تضع تخفيف العقوبات على المائدة من أجل الحصول على هذا التنازل الكبير من جانب إيران.
قالت سوزان مالوني من معهد بروكينغز: quot;يجب أن تكون الحوافز أكثر إقناعاً عن تلك العروض التافهة التي تقدمها الولايات المتحدة حتى الآنquot;. ثم مضت المجلة تشير إلى ضرورة أن يتم تقديم تنازلات، والتوصل إلى تسويات من كلا الجانبين، وإن لفتت إلى أن أيدي أوباما ربما تكون مكبّلة بسبب النص التشريعي للعقوبات الأميركية.
الرسالة التي يتم تمريرها حالياً إلى إيران هي أن العقوبات لا تقصد البرنامج النووي في حقيقة الأمر، وإنما النظام الحاكم نفسه. غير أنها من غير المحتمل أن تعمل على زعزعة استقرار النظام، وعلى جلب قادة أكثر تحرراً. وهي تفيد بشكل مباشر ضباط الحرس الثوري الإيراني نظراً إلى سيطرتهم على السوق السوداء الإيرانية.
وختمت المجلة بالقول إن الجانب الغريب في المطالبة بزيادة الضغوط هو أن أفضل أجهزة المخابرات قد خلصت إلى أن إيران لا تشهد حالياً أي أعمال متعلقة بالسلاح النووي. وأوردت عن محللين قولهم quot;الوقت مناسب لإبرام اتفاق، وليس لفرض المزيد من العقوباتquot;.
التعليقات