الجزائر: يعقد حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر بداية من الخميس ولثلاثة ايام الدورة العادية السادسة للجنته المركزية وسط أزمة داخلية غير مسبوقة منذ 2003، اندلعت منذ اشهر حيث يطالب شق داخل الحزب برحيل الامين العام الحالي عبد العزيز بلخادم.

وسيتم حسم الامر من خلال تصويت على الثقة خلال اجتماع اللجنة المركزية بحسب مصدر في الجبهة. وتشهد جبهة التحرير التي تملك الاغلبية في المجلس الوطني الشعبي، منذ انتخابات 10 ايار/مايو 2012 ازمة مفتوحة داخل قيادتها التي يريد شق منها ازاحة بلخادم (67 عاما).

وخلال اجتماع اللجنة المركزية وهي السلطة العليا في الجبهة بين مؤتمرين، سيقرر اعضاء الهيئة القيادية عبر التصويت اما تجديد الثقة في بلخادم او سحبها منه، بحسب بلاغ لجبهة التحرير وصلت نسخة منه الى وكالة فرانس برس. واوضح البلاغ الذي يستعرض جدول اعمال الاجتماع انه بعيد افتتاح الدورة السبت سيتم تنظيم عملية تصويت سري على الثقة.

واضاف انه في حال تجديد الثقة يواصل بلخادم تنفيذ جدول الاعمال بعد اقتراح مكتب للاجتماع، اما في حالة عدم تجديد الثقة فان المحضر القضائي يعلن شغور منصب الامين العام ويفتح باب الترشح للمنصب ويتم انتخاب امين عام جديد يتولى اقتراح التصرف في اعمال الدورة quot;بالمواصلة او التاجيلquot;.

ويقول خصوم بلخادم انهم يخشون ان يعمد امين عام الجبهة الى تنفيذ quot;انقلابquot; للبقاء على راس الحزب الحاكم. واوضح الوزير الاسبق بوجمعة هيشور احد ابرز المتحجين على الامين العام الحالي quot;ان بلخادم يضع مستقبله السياسي في الميزان في هذا الاجتماع. ونحن نخشى تكرار سيناريو الدورة الماضية للجنة المركزية في 15 حزيران/يونيو 2012quot;.

واتهم حينها بلخادم الذي كان اكد انه فاز بتصويت على الثقة اثناء ذلك الاجتماع، من قبل خصومه بانه تولى quot;قيادة انقلاب عضويquot;. وكادت المناوشات بين انصار بلخادم ومؤيديه تصل الى الاشتباك بالايدي. وقال بلخادم اثر الاجتماع الاخير للجنة المركزية ان quot;اغلبية اعضاء اللجنة المركزية للحزب جددوا ثقتهم في الامين العام بطريقة ديموقراطية، لكن اقلية من المعارضين رفضوا قرار اعلى هيئة في الحزبquot;.

واوضح ان 251 عضوا من بين 313 حضروا اجتماع اللجنة المركزية الذي جرى الجمعة والسبت صوتوا لصالح بقائه على راس الحزب. ويبلغ العدد الاجمالي لاعضاء اللجنة المركزية للحزب 345. لكن منذ ذلك التاريخ اتسعت دائرة الاحتجاج داخل الجبهة خصوصا مع دعوة ثمانية وزراء منتمين للحزب الحاكم الى رحيل بلخادم.

وطالب هؤلاء الوزراء في بيان في التاسع من كانون الثاني/يناير الحالي بلخادم ب quot;فسح المجال لامين عام جديد يحظى بالاجماع او التوافق او عن طريق الانتخاب خلال الدورة العادية المقبلة للجنة المركزية، مع دعوته الى ضرورة الاعلان طوعيا ومن الان عن هذه النية حتى يتم التحضير الجيد لهذه الدورةquot;.

ووقع البيان وزراء الصحة عبد العزيز زياري والعمل الطيب لوح والنقل عمار تو والتعليم العالي رشيد حرباوية والبريد موسى بن حمادي والزراعة رشيد بن عيسى والعلاقات مع البرلمان محمود خذري والوزير المنتدب للشؤون المغاربية والافريقية عبد القادر مساهل.

واتهم الوزراء بلخادم بquot;محاولة تسخير مؤسسات الدولة لخدمة طموحاته الشخصيةquot; معلنين quot;انهم ينكرون على عبد العزيز بلخادم امتلاك اي سلطة عليهم ابتداء من اليوم (9 كانون الثاني/يناير) وينتظرون منه التبصر ضمانا لاستمرارية الحزب في تادية رسالته كقوة سياسية رائدة في البلادquot;.

لكن بلخادم اعلن الاثنين انه لن يغادر منصبه quot;في اوج الازمةquot; التي يمر بها الحزب الحاكم في الجزائر، مستعيدا عبارة شهيرة كان استخدمها الامين العام الاسبق للجبهة عبد الحميد مهري عند دفعه للاستقالة من هذا المنصب في 1996.

وتعاني جبهة التحرير التي قادت الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962) منذ عدة اشهر من هذه الازمة العميقة والتي لا سابق لها منذ 2003. ويسعى الجناح المتمرد على بلخادم الى السيطرة على مقاليد الحزب الحاكم الذي يمثل القوة السياسية الاساسية في البلاد وquot;آلةquot; انتخابية فعالة.

ويرى هيشور quot;ان بلخادم يريد الابقاء على سيطرته على الحزب تحضيرا للانتخابات الرئاسية في 2014quot;. ولم يعلن الرئيس بوتفليقة دعمه لاي من الفريقين المتنافسين. وتمكنت جبهة التحرير تحت قيادة بلخادم الذي يشغل منصب الامين العام منذ 2005، من الفوز بالانتخابات التشريعية التشريعية والمحلية لعام 2007 وكذلك انتخابات 2012.

وكانت جبهة التحرير شهدت ازمة مماثلة في 2003 ادت الى استقالة امينها العام علي بن فليس. ومنحت الجبهة حينها صلاحيات واسعة لبن فليس اثناء مؤتمرها الثامن في آذار/مارس 2003 بينها خصوصا تعيين كوادر الحزب ثم دعمت ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2004.

لكن اعضاء في الحزب بينهم بلخادم، رفضوا هيمنة بن فليس وشجعوا بوتفليقة القيادي التاريخي في الجبهة، للترشح مجددا للانتخابات الرئاسية. وكان بن فليس لاربع سنوات رجل ثقة بوتفليقة حيث كان مدير حملته الانتخابية في 1999 ثم مدير ديوانه ورئيسا للوزراء في آب/اغسطس 2000 قبل اقالته في ايار/مايو 2003.