دعا العراق القمة العربية الأفريقية المنعقدة في الكويت حاليًا إلى السعي الجاد لمعالجة الأسباب الرئيسية للنزاعات وأعمال العنف والتنسيق لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله، والاهتمام بتوفير الأمن الغذائي العربي الأفريقي، وقال إن تضاعف انتاج النفط العراقي خلال السنوات الثلاث المقبلة سيوفر المصادر المالية الكبيرة التي تؤهل العراق لتقديم المزيد من المساعدات إلى الدول الأفريقية.


لندن: قال نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي في كلمة خلال الجلسة العامة للقمة العربية الأفريقية الثالثة المنعقدة في الكويت إن quot;التجمعات والاتحادات الاقليمية والدولية تختزن فعالية وحيوية الدول المكونة لها وتعبر عن ارادة شعوبها في التواصل والحوار والتضامن البناء من اجل مواجهة التحديات والصعوبات والمشاكل التي تعترض طريقها نحو التنمية والتقدم والازدهار وفي جميع المجالات، وحيث هذا المؤتمر محطة في مسيرة العمل العربي - الأفريقي المشترك الهادف إلى تبني برامج تنموية واستثمارية تتناول المواطن والمجتمع والدولة في العالم العربي والأفريقي وتعزز فرص نجاح التكامل الاقتصادي والتبادل والاثراء الثقافي والحضاري بينهماquot;.

وأضاف الخزاعي في كلمته التي حصلت quot;إيلافquot; على نصها: quot;إن التغلب والانتصار على ما تواجهه اغلب شعوبنا ودولنا من بطء في التنمية وقصور في الخدمات والاستخدام غير الرشيد والفعال لثرواتنا الاقتصادية والبشرية الهائلة، وكذلك ظواهر العنف المسلح والإرهاب أمر مرهون بما تحاول هذه القمة ردم فجوته، وهو افتقار المنظومة العربية الأفريقية إلى برامج تنموية مشتركة تمتلك فلسفة ومضموناً واضحين في دمج القوى الاجتماعية وتحول هذه الفلسفة والمضمون إلى ديناميات متحركة لكنها مستمرة ومتطورةانما ثابتـة حتى تفرغ شعوب المنطقة من فكرة الصراعات العبثية سواء تلك الصراعات البينية بين دولة واخرى أو صراعات داخل الشعب والثقافة أو الثقافات المتعددة في البلد الواحد أو بين القوى الاجتماعية المهمشة وحكوماتها عندما لا تجد تلك القوى مجالاً لها في السلطة أو القرار أو حتى في العيش الكريم فتتحول إلى شعوب مغتربة وثقافات متصارعة وحواضن للعنف المنفلت من الشرعية قد تسفر عن مواجهة مستترة أو مكشوفة بين الدولة ومجتمعهاquot;.

إنهيارات الدول

وأشار الخزاعي إلى أنّ الحاصل المأساوي لغربة الدولة عن المجتمع هو الانهيار الذي يقف الجميع مشدوهاً أمام رؤية تداعياته بإنهيار الدولة في عدد من البلدان الأفريقية والعربية وصعوبة ايجاد البديل نظراً لعدم تأصل مفهوم المؤسسة القانونية العقلانية في الدولة العربية والأفريقية الحديثة وهي نفسها نتيجة لسبب اعمق يتمثل بغياب تنميط الفكر العلائقي القانوني للفرد في مصفوفة المجتمع، وفي علاقة هذا المجتمع مع الدولة ضمن اطار تعاون جاد وحقيقي تتبلور فيه مفردات المسؤولية التضامنية بينهما.

وكما تعلمون فلقد تطور مفهوم التعاون الحديث إلى اكثر من مجرد درء اضرار الحروب أو منع وقوعها أو تنفيس الاحتقانات من الحروب الاهليـة إلى عملية ادماج واسع يساهم فيها الاقتصاد والثقافة والفنون والاداب والحوار الديني بخيال خلاق يستطيع أن يستكشف عوامل الرقي والتمدن في أي مجتمع وثقافة فيعمل على تنميتها وابرازها، وبهذه التنمية وذلك الابراز تضمر وتذوب عوامل الفرقة والتناحر والحروب العبثية.

تكامل عربي أفريقي

وأضاف الخزاعي أنّ العراق يرى افاقاً واسعة بين المنظومتين العربية والأفريقية يمكنها أن تضمن مشاريع تكامل يعود نفعها على الشعوب وعلى الانسان العام في بلدان المنظومتين وخاصة في مجالات الطاقة والاستثمار وحقوق الطفل والمرأة والمواصلات وتنمية التعاون الثقافي والتبادل التجاري وانظمة التعليم وخاصة الالزامي منه.

وقال إن تكامل جهود العاملين في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي بمعاضدة الخبراء يمكنهم أن يرسموا الافق الواقعي والممكن والمأمول بنفس الوقت لأوجه التعاون بين المنظومتين... منوهًا بأن مشكلات مستجدة تضغط باتجاه وضع صيغ حلول انسانية لمشكلات الهجرة خاصة تلك المسماة غير شرعية وإنهاء الفقر الذي يشكل ادانة ضمنية للقائمين على ادارة الامور فقد خلق الله تــعالى المــوارد والارزاق لكل الناس ولكل الشعوب وما يتبقى فهو مرهون بحسن الادارة والتنظيم وتحقيق العدالة.

وأشار المسؤول العراقي إلى quot;أن الروابط التاريخية والمصير المشترك والتراث الطويل بين العالمين العربي والأفريقي يحتم علينا التحرك السريع الجاد والدائم للإنفتاح المستمر وبناء الجسور في ما بيننا عبر إيجاد علاقات استراتيجية تمكننا من تحقيق ما تصبو اليه شعوبنا العربية والأفريقية خاصة في المجال الاقتصادي، حيث تعتبر أفريقيا أرض الموارد المتاحة والتي من المتوقع أن يشكل اهلها ثلث سكان العالم مع نهــــاية القرن الحالي، كما أنــها تضــم حوالي ثلثــي الشعب العربي وجزءًا حيوياً واسعاً من التراب العربي الممتد من المحيط الاطلسي إلى البحر الاحمر عبر الصحراءquot;.

وقال quot;لذا فإن التكامل بين الاقتصاديات العربية والأفريقية يمكن أن يشكل انعطافة في مسيرة المنطقة وامن شعوبها ورخائها شرط تحييد النزاعات السياسية لأنها تؤثر في مسيرة التعاون والتكاملquot;.

صعود لقوى شبابية واصلاحية

ولاحظ الخزاعي أنه في افق المنظومتين العربية والأفريقية هناك الآن صعود لقوى شبابية ونسوية ومجتمع مدني وقوى اصلاحية دينية معتدلة تشكل كلها حواضن لفلسفة التعاون والتكامل والاستثمار داخل الدولة الواحدة وبين المنظومات الاقليمية وبضمنها التعاون العربي الأفريقي الذي يمتلك كل شروط النجاح والنمو والازدهار ،كما يوصد نجاح هذا التكامل الباب بوجه القوى المتطرفة التي تشكل مشكلة مضافة، والتي يجب اعتبارها من المشكلات المزدوجة التي تتراوح بين عاملي المنظومة الثقافية وتعثر التنمية المستدامةquot;.

وعبّر عن الامل بأن تكون هذه القمة بداية مؤسسية حقيقية لاستمرار الحوار العربي الأفريقي في كافة المجالات، وعقد اجتماعات مشتركة بصورة منتظمة لمتابعة تنفيذ التوصيات الهادفة إلى تعزيز الاستثمار والتبادل التجاري بين الدول العربية والأفريقية، وتنسيق سياسات الاستثمار وتحسين بيئتها، إضافة إلى تعزيزالتعاون في المجالات الأخرى.

العراق والاصلاحات الداخلية

وأكد الخزاعي أن حكومة العراق منذ عام 2003 قامت بخطوات حقيقية لاصلاح الاقتصاد الوطني وشرّعت عام 2006 قانون الاستثمار الذي قدم ضمانات كافية ومزايا مشجعة للمستثمرين مما ادى إلى دخول استثمارات جديدة إلى العراق خاصة في مجال استثمار الثروات الطبيعية.

وأشار إلى أنّه من المتوقع أن يتضاعف انتاج النفط خلال السنوات الثلاث المقبلة مما سوف يوفر المصادر المالية الكبيرة التي تؤهل العراق إلى تقديم المزيد من المســـاعدات إلى الدول الأفريقــية، إضافة إلى ما تم تقديمه خلال السنوات الماضية، وهذا سيؤدي بالضرورة إلى خلق مصالح مشتركة وعلاقات ثنائية متميزة لفائدة الدول العربية والأفريقية على حد سواء.

وقال إن سعي العراق لإعادة تأهيل بناه التحتية وتطويرالقطاعات الاقتصادية المختلفة يتطلب فتح قنوات الاتصال السياسي والاقتصادي مع دول العالم الصديقة وخاصة الدول الأفريقية لمزيد من التعاون في مختلف الميادين في ظل توفر الامكانات المادية الضخمة التي تؤمن الارضية المناسبة لتعميق اواصر التكامل والتعاون الاقتصادي بين العراق والدول الأفريقية الصديقة والشقيقة من خلال الاستفادة من الايدي الفنية العاملة والخبرة الأفريقية التي نحتاجها.

دعوة لتنسيق عربي أفريقي ضد الإرهاب

ودعا نائب الرئيس العراقي القمة العربية الأفريقية إلى تعزيز التعاون بين الدول العربية والأفريقية من اجل قيام تعاون جنوب جنوب وبما يحقق طموحات تنموية مشروعة لشعوبها.. وتشجيع ودعم المؤسسات المالية الوطنية والمتعددة الاطراف لتقديم المساعدات الفنية والمالية للمشروعات التنموية ومشاريع البنى التحتية في أفريقيا عبر دعم واقراض بنوك التنمية الأفريقية لزيـادة مواردها المالية، وكذلك زيادة موارد المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا.. ودعم الاستثمار والتوظيف للمال العربي في أفريقيا والتنسيق بين الدول العربية في مجال الدعم المالي العربي للشعوب الأفريقية.. إضافة إلى زيادة المعونات الثنائية التي تقدمها مؤسسات التمويل العربية والوطنية للدول الأفريقية وتشجيع التعاون الفني العربي الأفريقي.

وطالب بتسهيل انتقال الايدي الأفريقية الفنية العاملة إلى الدول العربية الغنية واقامة منطقة تجارة تفضيلية أفريقية عربية وتشجيع اقامة معارض تجارية مشتركة لرجال الاعمال والمستثمرين العرب والافارقة.. وكذلك الاهتمام بتوفير الأمن الغذائي العربي الأفريقي وتعزيز التعاون لتلبية الاحتياجات الضرورية في هذا المجال الحيوي وتشجيع التجارة البينية بين الدول العربية والأفريقية ودعم القطاع الخاص للمساهمة فيها.

وشدد على ضرورة السعي الجاد لمعالجة الاسباب الرئيسية للنزاعات واعمال العنف في الدول العربية والأفريقية من خلال تحقيق الازدهار والرفاه للشعوب والتنسيق بين الدول العربية والأفريقية لمكافحة الإرهاب والعنف بكافة اشكاله.

وفي الختام، عبّر نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي عن تطلع بلاده لأن تسهم قمة الكويت هذه في تعزيز اواصر التعاون والتنسيق لفتح آفاق مستقبلية واعدة للعلاقات العربية - الأفريقية لتجاوز ما فاتها في المرحلة السابقة جراء أي قصور أو تقصير في هذا المجال.