في خطوة تكريمية تبعث اشارة رفض لاستخدام الأسلحة المحرمة ضد الشعوب، وافق مجلس الوزراء العراقي اليوم على تحويل مدينة حلبجة الكردية، ضحية هذه الأسلحة عام 1988 إلى المحافظة التاسعة عشرة للبلاد، فيما رحّب الأكراد بهذه الخطوة متعهدين تحويلها إلى المحافظة الأجمل في العراق.
لندن: وافق مجلس الوزراء العراقي في جلسته الأسبوعية اليوم quot;على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة في جمهورية العراق وإحالته على مجلس النواب استنادًا إلى أحكام المادتين (61/البند اولا و80/البند ثانيا) من الدستور بعد استلام الحدود الادارية للمحافظةquot; كما قال بيان رسمي عقب الاجتماع تسلمت نصه quot;إيلافquot;.
وستكون حلبجة ايضا المحافظة العراقية التاسعة عشرة والرابعة لاقليم كردستان لتضاف إلى محافظات الاقليم الثلاث الحالية أربيل والسليمانية ودهوك. وكان الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد اطلق على الكويت لدى احتلالها صيف عام 1990 المحافظة العراقية التاسعة عشرة ليأتي قرار اليوم وتحصل حلبجة على هذا الرقم في التسلسل الاداري للمحافظات العراقية.
وجاء القرار بعد اسبوع من تسليم رئيس حكومة اقليم كردستان لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال اجتماعه به في بغداد الاربعاء الماضي رسالة من رئيس الإقليم مسعود بارزاني تطالب الحكومة العراقية إتمام الإجراءات القانونية والإدارية من أجل رفع المستوى الإداري لمدينة حلبجة إلى محافظة وإبلاغ الإقليم بالإجراءات المتبعة في هذا الموضوع. كما سلمه نص مشروع قانون تحويل حلبجة إلى محافظة عراقية جديدة ستحمل الرقم 19 وبعد موافقته تقرر وضع مشروع القرار على جدول أعمال اجتماع مجلس الحكومة اليوم للمصادقة عليه وبالتالي إرساله إلى مجلس النواب العراقي للموافقة عليه وهو امر متوقع .
وقال وزير التجارة العراقي خيرالله حسن quot;إن إجتماع اليوم لمجلس الوزراء العراقي صوت بأغلبية الأصوات في الموافقة على تحويل مدينة حلبجة الشهيدة إلى محافظة. وقال ان الوزراء الاكراد في الحكومة قد عملوا ما بوسعهم من أجل إرضاء الوزراء الآخرين بالتصويت بالموافقة على هذا المشروع.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد أعلن في زيارته الأخيرة إلى أربيل أن حكومته تؤيد رفع المستوى الإداري لقضاء حلبجة إلى محافظة، وأنها تقدر الألم الذي ما زالت تعيشه المدينة بسبب ما تعرضت له من قصف كيميائي في زمن النظام السابق، وأنها ملزمة بتعويض المدينة وتعويض المصابين وذوي الضحايا ماديًا ومعنويًا.
وفور الإعلان عن موافقة الحكومة العراقية اليوم، رحّبت كتلة التحالف الكردستاني بمصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون تحويل حلبجة إلى محافظة وأكدت انها ستعمل على دعم حلجبة لتكون اكثر المحافظات جمالاً وتقدماً. وقال المتحدث باسم الكتلة مؤيد طيب في تصريح صحافي إن هذه المصادقة quot;خطوة مهمة في تثمين تضحيات اهالي حلبجة في النضال من أجل بناء دولة العراق الديمقراطية الاتحادية.quot; واضاف ان quot;اهتمام الحكومة الاتحادية بالوضع الخاص لحلبجة quot;يجسد ارادة وطنية عراقية في تثمين الدور التاريخي لهذه المدينة البطلة في رفد نضال الشعب العراقي من اجل الديمقراطية والحرية وضمان حقوق كل مكونات الشعب العراقي ضمن قيم المواطنةquot;.
ودعا رئاسة مجلس النواب إلى ادراج مشروع القانون سريعا على جدول اعمال مجلس النواب لتشريعه quot;وبما يشكل خطوة مهمة لإنصاف هذه المدينة التي قدمت القرابين من أبنائها في مواجهة سياسات النظام الشمولي المخلوع في قمع العراقيين والعدوان على الجوارquot;.
وقد اشتهرت مدينة حلبجة في العالم اثر فقدانها خمسة آلاف من سكانها سقطوا ضحايا ضرب النظام السابق لها بالأسلحة الكيميائية .
وفي وقت سابق من العام الحالي قررت حكومة كردستانان تتشكل محافظة حلبجة من أقضية حلبجة وشارزور وسيد صادق وبنجوين فيما ستكون حلبجة عاصمة المحافظة الجديدة.
ويتبع قضاء حلبجة حاليا محافظة السليمانية على حدود اقليم كردستان العراقي مع إيران وتعرضت المدينة للقصف بالأسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام السابق ضد سكانها في السادس عشر من آذار (مارس) عام 1988 ما تسبب بمقتل 5 آلاف من سكانها واصابة نحو 20 الفا آخرين حسبما أوردتها احصاءات وتقارير رسمية محلية ودولية.
ويتشكل إقليم كردستان حاليًا من ثلاث محافظات هي اربيل العاصمة ودهوك والسليمانية بينما يتنازع مع بغداد على محافظة كركوك ومناطق أخرى من محافظات نينوى الشمالية وديإلى في الوسط وصلاح الدين في الغرب. وكان نيجيرفان بارزاني قد وعد في مراسم احياء الذكرى الـخامسة والعشرين لقصف مدينة حلبجة في 16 اذار (مارس) الماضي بتحويل قضاء حلبجة إلى محافظة.
وتبعد حلبجة عن الحدود الإيرانية بحوالى 15 كيلومترا وتقع على بعد 240 كيلومترا شمال شرق بغداد وتعرضت في اذار 1988 لمعركة عنيفة بين القوات العراقية والايرانية خلال حربهما بين عامي 1980 و1988 دارت رحاها لعدة أيام واستخدمت فيها الأسلحة الكيميائية.
والهجوم الكيمائي على حلبجة، حدث في الأيام الأخيرة للحرب العراقية ـ الإيرانية، حيث كانت المدينة محتلة من قبل الجيش الإيراني وعندما تقدم إليها الجيش العراقي تراجع الإيرانيون إلى الخلف فقام العراقيون قبل دخولها بقصفها بغاز السيانيد ما أدى إلى سقوط هؤلاء الضحايا من الاكراد العراقيين من أهالي المدينة. وقد ادعت السلطات العراقية أن الهجوم قامت به القوات الإيرانية فيما اتهمت هذه الجيش العراقي بذلك .
وتشير شهادات لسكان المدينة إلى انه في الساعة الحادية عشرة والنصف قبل ظهر يوم 16 اذار من عام 1988 امتلأت اجواء المدينة باسراب من الطائرات القاصفة يحمل بعضها بالونات لمعرفة اتجاه الريح وكان عدد الاسراب يتراوح بين 6 إلى 12 طائرة تتناوب بقصف مكثف على المنازل والمزارع والشوارع والناس، فما كان من السكان الا الفرار العشوائي باتجاه الجبال وهربت مجموعات منهم إلى إيران واخرى إلى السليمانية.
وقد اعتبر هذا الهجوم ابادة جماعية وأكبر هجمة كيميائية وُجّهت ضد سكان مدنيين هم الاكراد وهو امر يتفق مع وصف الإبادة الجماعية في القانون الدولي والتي تكون موجهة ضد جماعة أو عرق بعينه بقصد الانتقام أو العقوبة.
ويبلغ عدد سكان حلبجة حوالى 100 الف نسمة وتقع على ارتفاع 1770 قدما عن سطح البحر في وسط سهل شارزوور على الاراضي الزراعية .
التعليقات