أعلنت السلطات في ولايتي واشنطن وكولورادو أنها تسعى إلى البحث عن خبراء ينظمون laquo;صناعةraquo; الماريوانا بعد رفع الحظر القانوني عليها. ورغم أن الراتب مغرٍ حقًا فثمة مشاكل تتعلق بهذا الأمر، ومنها موقف الحكومة الفيدرالية.


لا شك في أن هذه الوظيفة ستبدو لفئة معيّنة من الناس، وكأنها مفتاح الهناء والنعيم. فقد أعلنت السلطات في كل من ولايتي واشنطن وكولورادو أنها بحاجة إلى أحد ملوك الكيف العارفين بخبايا المخدرات، وخاصة الماريوانا، ليدير مشروعًا خاصًا بها، ويتلقى مقابل ذلك راتبًا يبدأ بـ100 ألف دولار في السنة.

تعود خلفيات المسألة إلى نوفمبر / تشرين الثاني الماضي عندما صوّتت الولايتان لإجازة مشروع قانون يرفع الحظر عن ذلك المخدر. وكما كان الوضع في الفترة التي أعقبت رفع الحظر عن الكحول (1920 - 1923)، صارت الولايتان بحاجة إلى laquo;خبراءraquo; في مجال المخدرات، يعملون بمثابة الدليل في دروبها المتشابكة والمعقدة، خاصة وأن القانون يعني أنها ستصبح laquo;صناعةraquo; مثل أية صناعة أخرى.

ولأن هذه الصناعة بحاجة لإقامتها من الأساس إلى quot;سقفquot;، فقد بدأت سلطات كل من الولايتين البحث عن من يقدم إليها laquo;خدمات استشاريةraquo;. وقالت إن الجهة المتقدمة لأداء هذه المهمة يجب أن تكون على دراية بكيفية زراعة الماريوانا وحصادها ومعالجتها لتصبح ذلك المخدر في شكله النهائي.

إضافة الى هذا، فيجب أن تكون أيضًا على دراية بكيفية تطعيم المواد الغذائية والمشروبات بها، وكل الأمور المتصلة بهذا الأمر، مثل معايير السلامة وكيفية اختبارها. مقابل هذا، فإن كلاً من الولايتين يقدم إلى أي شخص يثبت أنه أهل لهذه المهمة راتبًا سنويًا يبدأ عند 100 ألف دولار سنويًا كجزء من عقد يدوم خمس سنوات قابل للتجديد إذا استدعت الظروف ذلك.

نقلت صحف أميركية وبريطانية قول برايان سميث، عضو لجنة الماريوانا في كولورادو: laquo;الغالب أن الجهة المتقدمة لن تكون شخصًا واحدًا، وإنما مجموعة تغطّي خبراتها الجماعية المساحة المطلوبة لديناraquo;. وأقرّ بأن العثور على الشخص الصحيح سيكون مهمة صعبة بحد ذاتها، لأننا بحاجة إلى laquo;سوبرمان ماريوانا. والمشكلة ليست في غياب مميزات السوبرمان، لأنها متوافرة بكثرة في سوق المخدرات تحت الأرضية، وإنما في إقناع أي شخص بالصعود إلى السطح، رغم مغريات الوظيفة الجديدةraquo;، على حد قوله.

تزداد هذه المشكلة تعقيدًا على تعقيد. فبينما تبدي الولايتان استعدادهما لغضّ البصر عن النشاط (الإجرامي) السابق لأي متقدم إلى الوظيفة، بسبب قانون رفع الحظر عن تداول الماريوانا وتعاطيها، فإن الشيء نفسه لا ينطبق على الحكومة الفيدرالية، التي تعتبر ذلك نشاطًا محظورًا بقوة القانون.

لذا، فمن الوارد أن يلقي عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي laquo;إف بي آيraquo; القبض على صاحب الوظيفة في حال أثبتوا نشاطه الإجرامي في السابق. فوق هذا، والأهم منه، أن بوسع الحكومة الفيدرالية مقاضاة السلطات في واشنطن وكولورادو سعيًا إلى إغلاق أي مصانع لإنتاج الماريوانا، وسدّ سائر المنافذ إلى تداول هذا المخدّر، باعتبار ذلك منافيًا لقانون البلاد.

إزاء كل هذا أقرّ سميث بأن السلطات في الولايتين حائرة بشأن ما يمكن وما لا يمكن عمله. ويقول: laquo;الحقيقة التي نعرفها في الوقت الحالي هي أننا لا نعرف ما لا نعرفraquo;!، ويمضي قائلاً إنه يدرس الآن ورقة مقدمة من مارك كلايمان، بروفيسور السياسة العامة في جامعة كاليفورنيا، تتصل بهذا الأمر. ويذكر أن هذا المحاضر تقدم بطلب الحصول على الوظيفة في كولورادو قائلًا إنه سيحضر معه فريقًا من 20 شخصًا يستطيعون مجتمعين إقامة صناعة مزدهرة للماريوانا في الولاية.

على الرغم من هذا، فإن البروفيسور نفسه يقول إنه شخصيًا يفضّل ألا يكون رفع الحظر عن الماريوانا مطلقاً، وأن يخضع إنتاجها لضوابط مدروسة، ترسم حوله حدودًا واضحة. ويشير إلى عدد من الأسئلة التي تبقى معلقة. من هذه، ماذا سيحدث على ضوء المنافسة، التي ستنشأ بين الماريوانا laquo;المشروعةraquo; وتلك التي ستظل السوق السوداء توفرها للساعين إلى laquo;جرعات قويةraquo;؟، وما العمل إزاء تجار سيتدفقون على الولايتين، بغرض الشراء القانوني، ومن ثم المتاجرة بها تحت الأرض في ولايات أخرى تحظر هذا المخدر، مثل نيويورك؟.. وأسئلة أخرى عديدة.

من الواضح أن تقنين واشنطن وكولورادو الماريوانا لا يعني التوصل إلى حل لمشكلة تداولها بأية حال من الأحوال. فالقانون شيء والواقع يمكن أن يكون شيئًا آخر تمامًا... لكن لكل شيء بداية.