تتفق إيران مع الغرب في مسألة مكافحة تهريب وتجارة المخدرات، حيث تبذل جهودا لمنع هذه الظاهرة، إلا أن الدعم المتواضع يقف بوجه التقدم في هذا المجال.


بيروت: على الرغم من الخلافات والاختلافات الكثيرة، تعتبر إيران حليفاً للغرب في إطار مكافحة تهريب وتجارة المخدرات، بسبب جهودها في محاربة هذه الظاهرة ووضع حد لها سواءً لاعتبارات اجتماعية أم دينية. لكن هذه الجهود تقابلها عراقيل كثيرة، منها الدعم الخجول والقدرات المتواضعة.

يجلس رئيس قسم مكافحة المخدرات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بجوار الباب نصف المفتوح من طائرة هليكوبتر من طراز Mi-17 الروسية الصنع، مشيراً في اتجاه الجنوب الشرقي البلاد حيث تجتمع الحدود الإيرانية مع أفغانستان وباكستان.
يقول الجنرال علي مؤيدي: quot;من هنا، عبرت قوافل المخدرات لسنوات إلى بلادنا، ومن دون أي عقابquot;.

لكن هذا الحال تغير اليوم، بعد الجهود التي قام بها الجنرال مؤيدي ورجاله، فتمكنوا من ايقاف واحدة من أغزر طرقات تهريب المخدرات في العالم، حيث يتم نقل طوفان من الهيرويين والأفيون المتجهة إلى الخليجوأوروبا.
وخاضت إيران، التي تعتبر الحلقة الأولى في تلك السلسلة الطويلة من عمليات التهريب المربحة، منذ عقود المعركة ضد المخدرات بوحي ديني، إذ يقول الجنود والمسؤولون انه من واجبهم الإسلامي مكافحة تعاطي المخدرات.

الآن، حققت البلاد تحولاً كبيراً فتمكنت قواتها من الاستيلاء على أكبر كمية من المواد الأفيونية في جميع أنحاء العالم، وفقاً لتقرير صادر من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
في لقاء مع صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; الأميركية تحدث الجنرال مؤيدي عن هذه الجهود، فقال من طائرته المحلقة فوق الأجواء الحدودية: quot;أنظروا إلى الجانب الباكستاني الأفغاني من الحدود، كانت هذه المنطقة الأكثر نشاطاً في تهريب المخدرات. أما الآن، فلا يوجد شيءquot;.

من جهته، يقول انطونيو دي ليو، الممثل الإيطالي لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات في طهران، إن الإيرانيين يستحقون كل التقدير والثناء على جهودهم، ويضيف: quot;أنا بحاجة إليهم وهم بحاجة إلي في هذه المعركة ضد المخدراتquot;.
وعلى الرغم من هذه الجهود في مصادرة كميات من الأفيون والهيرويين أكثر من جميع البلدان الأخرى في العالم مجتمعة، قال دي ليو إن مكتبه هو الأصغر في المنطقة وانه اضطر الى تقليص بعض البرامج، مثل تدريب الكلاب لشم المخدرات، ولا سيما أن الدول الغربية قد خفضت التمويل.

quot;هؤلاء الرجال يكافحون المخدرات في معركة شبيهة بالنسخة الكولومبية. لكن الحرب الكولومبية على المخدرات يتم تمويلها بمليارات الدولاراتquot; يقول دي ليو.
وفي الوقت الذي تتلقى فيه مكاتب مكافحة المخدرات في أفغانستان 40 مليون دولار سنوياً من المساعدات المباشرة، يقول دي ليو إن quot;مكتب أفغانستان قدم علاج إعادة التأهيل لنحو 100 مدمن خلال العام الماضي في حين ان إيران عالجت مئات الآلاف وبميزانية بالكاد تصل إلى 13 مليون دولار تمتد على مدى أربع سنواتquot;.

وأشار إلى أن الحد من التمويل لبرنامج مكافحة المخدرات في إيران هو quot;لعبة سياسيةquot;.
وقف جنود الحرس المسلحون أمام الجنرال مؤيدي، فيما قام باستعراض كميات الأفيون والهرويين المصادرة. وقال: quot;هناك 100 ألف جندي من قوات حلف شمال الاطلسي المتمركزة في أفغانستان. لماذا لا يوقفون تدفق المخدرات إلى بلادنا؟quot;

وأضاف quot;بينما ينام الجنود في غرفهم ومقراتهم في بلدان أخرى، أنا ورجالي ننام في الصحراء بحرارتها الملتهبة نهاراً ولياليها الباردة، في محاولة لاعتراض المخدرات التي يتم تهريبها والتي ستنتهي في نهاية المطاف في الغرب. نحن نبذل الكثير من التضحياتquot;.
وقال دي ليو إن مكتبه يتعرض لضغوط من جماعات ناشطة غربية مثل quot;هيومن رايتس ووتشquot;، التي أعربت عن قلقها إزاء الزيادة الحادة في شنق تجار المخدرات المدانين.

تم إعدام المئات من تجار المخدرات في السنوات الأخيرة، ما يجعل إيران ثاني دولة في العالم من حيث أحكام الإعدام، بعد الصين.
وقال دي ليو انه أيضاً كان منزعجا من ارتفاع معدلات عمليات الإعدام، لكن هذه العقوبات تضعها السلطة القضائية في إيران، وليس الشرطة.

وقال الجنرال مؤيدي إنه لا يعير السياسة أي اهتمام لأن مكافحة المخدرات quot;واجب دينيquot; أولاً وأخيراً.
وأضاف: quot;تخيل لو تركنا كل تلك المخدرات تتدفق بحرية من خلال بلادنا نحو الغرب. ربما عندها سيقدّر العالم الجهود التي نبذلها كل هذه السنواتquot;.