يروي جندي أميركي أن حبيبته تركته محطمة قلبه، فقرر الالتحاق بمشاة البحرية، ليصل به المطاف أخيرًا إلى أبوت أباد في باكستان، وإلى قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. لكنّه يلوم اليوم حكومته التي استغنت عن خدماته، ورمته للفقر والمرض.

الرجل الذي قتل العدو رقم (1) للولايات المتحدة، تنساه اليوم واشنطن، فجندي فرقة قوات البحرية (نافي سايلس 6) الذي قتل أسامة بن لادن في شهر مايو لعام 2011 يجد نفسه غارقًا في وحل الفقر و المرض.
وفي حوار نشرته صحيفة الإسكوير الأميركية ، يروي قاتل بن لادن للمرة الاولىقصته، ويتحدث عن الغارة و الطلقات الثلاث ويروي تفاصيل حياته الشخصية وعائلته، ويتطرق إلى إهمال الحكومة الأميركية لمعظم المحاربين الأكثر خبرة ومهارة ، وعدم مساعدتها لهم ليستطيعوا العيش بأمان، متسائلا بحسرة: هل أطعم زوجتي و أطفالي أم أدفع تكاليف رعايتي الطبية؟
في سن التاسعة عشرة حطمت فتاة قلب هذا الجندي الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية فاسمته الصحيفة quot;القناصquot;، ولكي يهرب من آلام فراق الحبيبة، التحق بسلاح البحرية، يقول مازحًا: حطمت قلبي فقتلت زعيم القاعدة!.
وعندما سألوهماذا تنوي القيام به؟ أجاب : أريد أن أكون قناصًا، فقيل له: لدينا قناصة، فأجابهم على محمل الجد: لكن ليس لديكم قناصة في البحرية.
اليوم، ليس لديه الحق في الراتب التقاعدي أو الرعاية الطبية لأنه لم يكمل 20 سنة في الخدمة العسكرية وغادر سلاح البحرية طواعية بعد 16 سنة فقط في صيف عام 2012، و بالتالي لن يستفيد من التأمين الاجتماعي مدى الحياة.
وعرف هذا الجندي ، الذي يبلغ من العمر 35 عامًا، الكثير من ساحات الحروب ، وقتل لوحده 30 رجلاً من المقاتلين الأعداء، و مازال يعيش مع مطلقته في منزل واحد توفيرًا للمال، وهذا أمر شائع بين جنود الفرقة الخاصة لأن زيجاتهم قد تتعرض لمخاطر في أية لحظة، تقول طليقة القناص: quot;أفكر في تغيير اسمي و أسماء أطفالي، وكذلك إزالة اسم طليقي من المنزل لأسباب أمنية، لكنني مازلت أحبهquot;
أطلقت الرصاصة وانتهى الأمر
يسمي القناص الغارة التي قتل فيها بن لادن quot;مهمة حياتيquot;، حياته التي يعتقد أنها بدأت في الأول من شهر نيسان (أبريل) عندما اجتمع بهم القادة الاجتماع الأخير قبل تنفيذ العملية، يقول: quot;لقد كذبوا علينا وكان كلامهم غامضًا، تحدثوا عن كوابل تحت البحر، واهتزازات أرضية في اليابان أو شيء من هذا القبيل، ولم أعرف الهدف من تلك المهمة إلا بعد بضعة أيامquot;، بعد ذلك توجه القناص إلى معسكرات التدريب في ولاية كارولينا الشمالية ومن ثم نيفادا، قبل التوجه إلى جلال آباد في أفغانستان.
يتابع القناص : quot;توالت الأحداث بسرعة كبيرة في الليلة الأولى و الثانية من شهر آيار (مايو) لعام 2011، وكنت أول من دخل غرفة بن لادن في الطابق الثالث من منزله، الواقع في مدينة إبوت أباد الباكستانية، لقد كان غارقًا في الظلام ، لكن الفرقة كانت مزودة بنظارات للرؤية الليلية، لقد رأيته واقفًا وهو يضع يديه على كتفي امرأة ، لقد كانت أصغر زوجاته quot;أملquot; ، لقد دفعها إلى الأمام ، ليس نحوي بالضبط ، لكن باتجاه الضوضاء القادمة من الممرquot;.
ويكمل حديثه: quot;أطلقت رصاصتين باتجاه رأسه ثم ثالثة، كان الأمر أشبه بإصابة الهدف أثناء التدريب، ولقد كان الهدف بلا شك، فبمجرد إطلاق النار، انتهى الامر وهذا هو المطلوب، فلم يستغرق الأمر إلا بضع ثوانٍ، لقد مات ، لم يتحرك و تدلى لسانه من فمه ، لقد رأيته وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وكردة فعل لاإرادية تنفست الصعداءquot;.
رغبة صامتة بالقتل
ويضيف قاتل بن لادن:quot;الجميع أراد موته، لكن لم يجرؤ أحد على القول: مهلاً ، اذهبوا واقتلوا هذا الشخص، كانت رغبة صامتة.
وتسمى العملية التي قتل فيها بن لادن بعملية ( جيرونيمو)، وهو اسم أحد زعماء قبيلة الأباتشي أحد أشهر قبائل الهنود الحمر.
يقول جندي آخر من الفرقة الخاصة في كتابه الذي أثار الجدل وتحدث فيه عن مقتل أسامة بن لادن : ( لم يكن يومًا سهلاً)، بعد القناص ، أطلق بقية الجنود أيضًا الرصاص على جثة بن لادن.
في المقابل نفت البحرية الأميركية تجاهلها للقناص ، وأكدت أنها لا تملك أية معلومات عن حياته! فهي كما تقول تهتم بسلامة جنودها وحياتهم المدنية بعد انتهاء خدمتهم العسكرية.
25 مليون دولار.. مكافأة لم تُدفع
ورغم أن الحكومة الأميركية كانت قد رصدت مبلغ 25 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تساعدها في القبض على بن لادن، إلا أن هذه الجائزة لم تكن من نصيب أحد حتى ولو كان أحد أفراد الفرقة الخاصة التي قتلته أو حتى خبراء الاستخبارات الذين أعانوهم على تنفيذ المهمة.
وتقول مجلة إسكواير quot;ربما سر نجاح المهمة يكمن في التقنية أكثر منه في البشرquot;.
وبحسب المجلة quot;يستطيع القناص نشر تفاصيل الهجوم في كتاب أو عمل فني أو روائي، كما فعل البعض في فيلم quot;30 دقيقة بعد منتصف الليلquot; المرشح للفوز بجائزة أوسكار في حفل توزيع الجوائز التي تمنحها الأكاديمية الأميركية للعلوم و الفنون السينمائية يوم 24 في شهر فبراير الجاري، لكنه يرفض ذلك وفاء منه لحياته العسكرية و خوفًا على حياة عائلتهquot;.
غادر القناص سلاح البحرية وهو مثخن بالأمراض مثل: التهاب المفاصل و الأوتار والأنسجة ، وإصابات في العينين، وانتفاخ في الغضروف، فضلاً عن حرمانه من الراتب التقاعدي و الرعاية الطبية وعدم توفير حماية له و لعائلته.
ومازال القناص يتساءل : هل قتل بن لادن كان أفضل إنجاز قمت به طيلة حياتي ، أم الأسوأ؟