أقام متطوعون مدرسة تحت الأرض في مدينة دير الزور السورية، تستقبل عشرات الأطفال خلال ساعات المساء، يتلقون فيها الدروس والموسيقى، ويبتعدون عن جو الحرب المستمرة في بلدهم.
ديرالزور: عشرات الأدراج تفصل جحيم القصف اليومي عن quot;واحة سلامquot; متمثلة بملجأ تحت الارض انشأ فيه متطوعون مدرسة هي الوحيدة التي تقوم بالتدريس على حد قولهم في مدينة دير الزور شرق سوريا.
وهذه المدينة النفطية في شرق سوريا الواقعة على ضفاف الفرات، في حالة خراب إذ تبدو اثار القصف على المنازل، فيما الشوارع مليئة بالحطام والزجاج، بعد تسعة اشهر من المعارك القوية بين القوات النظامية السورية وقوات المعارضة المسلحة.
وكانت المدينة تعد حوالى 750 الف نسمة قبل الحرب، لكن المعارك والقصف دفعا نصف مليون شخص الى الرحيل.
ويقول ياسر طارق احد مؤسسي هذه المدرسة في حي الأمل والتي تؤمن الدروس ستة ايام في الاسبوع لحوالى 50 طفلا يأتون من كل انحاء المدينة quot;غالبية المعلمين نزحوا، وقلة من الناس تطوعت لمساعدتنا بسبب الخوفquot;.
ويضيف طارق الذي كان يعمل قبل النزاع مسؤولا امنيا في المنشآت النفطية في المنطقة، ان quot;الدروس تعطى في المساء لان الوضع اكثر خطرا بكثير خلال النهارquot;. وفي المساء quot;تخف حدة القصف كثيراquot;.
وتابع انه عند انتهاء الدروس وبعد تناول الاولاد العشاء quot;نجعلهم يغادرون الواحد تلو الاخر لتجنب ان تصيبهم قنبلة كمجموعة او رصاص قناصquot;.
ويقول الناشط هيكل ان القسم الاكبر من محافظة دير الزور تم تحريره لكن قوات النظام لا تزال تسيطر على عدة احياء في المدينة.
وتقول مديرة المدرسة بيدا الحسن quot;حين يبدأ القصف، يصاب الاطفال بالخوفquot;.
واضافت quot;نبدأ حينئذ بالغناء معهم او التصفيق على وقع الانغام. نحرص بالتالي على ان يركزوا على الموسيقى وان ينسوا القنابلquot;.
وتتابع quot;هذه ليست حياة جيدة بالنسبة إلى الاطفال. ليسوا مسؤولين عن أي شيء من كل هذه الامور، لكنهم هم الذين يعانون اكثر من غيرهمquot;.
ويقول طارق ان هدف هذه المدرسة هو quot;مساعدة الاطفال على نسيان ما يحصل للحظات، لكي يروا ان هناك امورا اخرى غير القصف والحربquot;.
ويؤكد التلميذ سلطان موسى (12 عاما) quot;آتي كل يوم الى المدرسة لانني احب الدراسة. يمكنني القيام بشيء ما مختلف هناquot;.
وقبل افتتاح المدرسة في ايلول (سبتمبر) quot;كنت أمضي نهاري في المنزل لان والديّ لا يسمحان لي بالخروج خوفا من القصفquot; كما يضيف.
اما سيدرا (10 اعوام) فتقول انها تحب المجيء الى المدرسة لانه يمكنها اللعب هناك. وتضيف quot;لقد تعرض منزلي للقصف وخسرت كل العابيquot;.
وتقول انها فقدت خمسة اشخاص من اقاربها حين اصيب منزلهم بقذيفة هاون. وتضيف quot;بعد هذا الامر، لم يعد والداي يسمحان لي بالخروج الى ان اكتشفا ان اولادا اخرين من الحي يأتون الى المدرسة. ومنذ ذلك الحين آتي كل يوم مع شقيقتي الاثنتينquot;.
والدروس من رياضيات وانكليزية وعربية ودين مهمة لكن ايضا وقت الاستراحة مهم. ويقول طارق مازحا quot;انها ليست مدرسة فعليا وانما ملعب للاستراحةquot;.
ولاسباب امنية quot;اقيم الملعبquot; تحت الارض في مبنى اخر في الحي حيث يمكنهم ممارسة لعبة كرة الطاولة والشطرنج ووضع جهاز فيديو ايضا لمشاهدة الرسوم المتحركة من سلسلة quot;توم اند جيريquot;.
ويعبر ياسر طارق عن فخره بواحة السلام هذه التي تمكن من اقامتها مع متطوعين اخرين قائلا quot;هذا المكان كان من غير الممكن اقامته قبل بضعة اشهر بسبب حدة القصفquot;.
وفي الوقت الحاضر quot;تمكنا من جعلهم ينسون، على الاقل لفترة قصيرةquot; جحيم الخارج.
التعليقات