تجمع الأوساط السياسية اللبنانية على أن حزب الله لفّ حبلاً غليظاً حول عنقه، وقد لا تطول المدة قبل أن يضرب عامل سياسي أو أمني، محلي أو اقليمي، الكرسي من تحت رجليّ الحزب ليلقى مصيره.
هيثم الطبش من بيروت: الحزب يتورّط بسرعة، وفي أماكن مختلفة، من بلغاريا إلى قبرص، مروراً بأميركا اللاتينية، ووصولاً إلى انخراطه الدائم في القتال في سوريا، ناهيك عن أصابع الإتهام الموجّهة إليه في أكثر من ملف اغتيال داخلي، وهذا يدفع بقوة إلى الاعتقاد بأن الحزب وقع في فخ الجبهات المتعددة التي إن فتحت مع بعضها، فلن يقوى على حسم أي منها.
تأجيل مؤتمر الحزب السنوي
هذه التطورات المتسارعة دفعت قيادة حزب الله إلى تأجيل موعد المؤتمر السنوي، الذي تعقده مرة كل ثلاث سنوات، وترك تحديد موعده مفتوحاً تبعاً للظروف. ووفق تسريبات من داخل الحزب، فإن تطورات المنطقة والتغيير المرتقب في سوريا وعدم وضوح الصورة حملت الحزب على التأجيل.
فبعد الاتهام الذي وجّهته بلغاريا إلى حزب الله بأنه وراء تفجير حافلة للسيّاح الإسرائيليين في بورغاس، جاءت اللكمة الثانية من قبرص، التي تحاكم حسام طالب يعقوب، واسمه الحركي وائل، ويحمل الجنسية السويدية إلى جانب اللبنانية.
يعقوب اعترف بانتمائه إلى حزب الله، وأن علاقته كانت بشخص اسمه أيمن. المهمات الموكلة إليه تضمنت مراقبة الفنادق التي ينزل فيها السيّاح الإسرائيليون وحركة الرحلات الجوية لشركة quot;أركيا ـ إسرائيلquot; بين تل أبيب ولاماكا في قبرص، كما طلب منه استطلاع أسعار استئجار المستودعات. وتجدر الاشارة هنا إلى أن عدد الإسرائيليين الذين قصدوا الجزيرة عام 2012 بلغ نحو 40 ألف سائح.
مصادر أمنية لبنانية توقفت عند تفصيل quot;طلب استطلاع أسعار استئجار مستودعاتquot;، ورأت في حديث إلى quot;إيلافquot; أن هذا التفصيل ليس بسيطاً، لأنه يتضمن تفكيراً ضمنياً بأمر كبير من قبيل تخزين مواد متفجرة أو تأسيس شركة تجارية تتولى من الباطن نقل أسلحة أو ما شابه.
ذهبت هذه المصادر لتقول quot;حزب الله غرق في ما هو أكبر منه، وما يتكشّف يوماً بعد آخر ليس إلا قمة جبل الجليد، وكلها عناصر مرتبطة بالملف النووي الإيراني وبتطوراتهquot;.
يضيف المصدر quot;الحزب اليوم في موقع متلقي الأوامر على كل الجبهات، حيث يعمل، والذين ينفذون هذه الأوامر هم العناصر المتدينون، والذين تشبّعوا بأيديولوجيته، وهم ينفذون تعليمات إطاعة الولي الفقيه بشكل أوتوماتيكي ومن دون تفكير، وهذا مكمن الخطورةquot;.
إحراج حكومي
في هذا الملف، لا تنفي مصادر وزارية الإحراج الذي تواجهه الحكومة اللبنانية حيال مجموعة التطورات التي تذكر حزب الله في تفجير بورغاس أو في قبرص وفي انخراطه في المواجهات داخل سوريا، وتوافر معطيات عن تورّطه في دول عربية أخرى. الأهم من ذلك، أن كل هذه المعطيات لا تسعف الحكومة في تسويق فكرة quot;النأي بالنفسquot;.
مخاوف من فقدان سند عربي
مصادر في قوى 14 آذار ترى أن الحزب يسهم في تكوين ملفّ قوي ضده، سيستخدم في المرحلة المقبلة، وتتخوف هذه المصادر من أن لبنان لن يجد هذه المرة سنداً عربياً قوياً كما في المرات السابقة، لأن الحزب، وبالتعبير اللبناني، quot;لم يترك لنا صاحباًquot;، بعد مواقفه العلنية مما يجري في البحرين والمواقف في مجالسه الضيقة من السعودية والإمارات، وكذلك لناحية نشوء تنظيمات باسم الحزب في العراق وأماكن أخرى.
تشدد المصادر على أن أوروبا ستكون خارج حسابات الدبلوماسية اللبنانية هذه المرة على خلفية انغماس الحزب في أكثر من ملف أمني تخريبي هناك، لافتة إلى أن الحكومة وحزب الله يسيئان تفسير الحرص الأوروبي والأميركي على الاستقرار في لبنان.
وتنقل مصادر 14 آذار عن أوساط غربية إشارتها إلى أن لا توجّه حالياً لاتخاذ أي إجراء في حق حزب الله لسببين أساسيين الأول: إقتناع الدول الغربية بأن الحزب يمثّل الذراع التنفيذية للسياسات الإيرانية، تحديداً في الملف السوري، وبالتالي فإن أي إجراء لا بد أن ينتظر تبلور الواقع السوري بدايةً. السبب الثاني هو وجود اقتناع لدى بعض الدوائر العربية والغربية بأن الحزب سيدخل بنفسه تعديلات جوهرية على أدائه ووجوده بفعل المتغيّرات السورية الحتمية.
السيناريو الأعنف
في بيروت، تحدثت تقارير ديبلوماسية عن تصاعد المخاوف الخارجية من حدث أمني داخلي، ما قد يرافق احتدام السجال السياسي الانتخابي، وهو ما ألمحت إليه للمرة الأولى، قبل أيام، السفيرة الأميركية مورا كونيللي، التي أبدت قلقها على الأمن اللبناني في هذه المرحلة.
في السياق عينه، ومن القدس، أوضحت مصادر عسكرية أن إسرائيل ستواصل التحرّش بحزب الله، لاستدراجه، للرد على أي من الضربات لتشنّ على لبنان وحزب الله حرباً ستكون بمثابة ضربة قاسمة للحزب.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر، وصفتها بواسعة الإطلاع، إن السلطات الإسرائيلية تعتبر نفسها اليوم في جهوزية كاملة لخوض حرب مع حزب الله، بعدما استكملت كل التحضيرات اللازمة لذلك. وتضيف المصادر أن القيادة العسكرية الإسرائيلية اتخذت قرارها بتكثيف الطلعات العسكرية فوق لبنان وحتى سوريا من أجل مراقبة أي عملية نقل محتملة لأسلحة استراتيجية من سوريا إلى حزب الله.
إسرائيل تزيد طلعاتها الجوية
على هذا الخط، يبدو لافتاً تكثيف الطيران الإسرائيلي لطلعاته فوق لبنان، وهي وإن كانت يومية في الماضي، إلا أن وتيرتها ارتفعت بشكل كبير جداً خلال الأيام العشرة الأخيرة، وهو ما يلاحظه اللبنانيون بشكل واضح، إذ لا يغيب الطيران الإسرائيلي عن الأجواء فوق كل المناطق.
وأشارت مصادر الإذاعة الإسرائيلية إلى أن المرحلة الحالية تشكل فرصة مناسبة لإسرائيل لشنّ حرب على حزب الله المتورّط حتى أذنيه في دعم النظام السوري، وتعتقد أن تشتت قوة الحزب سيسهم في تسهيل مهمة الجيش الإسرائيلي في تدمير البنية التحتية للحزب.
وتضيف أن تكتيك إسرائيل يتضمن عمليات اغتيال لقيادات من حزب الله، أو لقيادات إيرانية على علاقة به، على غرار عملية تصفية العميد الإيراني حسن شاطري. وقالت المصادر إن طائرات من دون طيار قد تنفذ عمليات اغتيال وصولاً إلى استدراج الحزب للرد، لتُفتح أبواب جهنم على لبنان وحزب الله.
التعليقات