لا تأتي الاجتماعات بين الدول الست وإيران بأي حلول لملفها النووي. فطهران ترفض كل العروض طالما أن رفضها هذا يحقق لها المكاسب، في ظل استمرار الغرب في تقديم التنازلات وتخفيف العقوبات بحجة دفع عجلة المفاوضات.
قرر ملالي إيران المشاركة في الجولة الجديدة من المحادثات مع مجموعة الخمسة زائد واحد بشأن البرنامج النووي الإيراني، وهم يدركون أن إدارة الرئيس باراك اوباما اختارت وزير دفاع متساهلًا مع نظامهم، يعارض العقوبات الأحادية، وله مواقف نقدية لا يخفيها تجاه اسرائيل. كما انهم فرحون من دون شك بتنازل الاميركيين لهم عن العراق، وقرار اوباما الرحيل قبل الأوان عن أفغانستان. وسيكونون مغفلين إذا لم يستثمروا هذه البوادر المشجعة، على حد تعبير صحيفة واشنطن بوست.
لذا، ليس مستغربًا أن تنتهي الجولة الجديدة من المحادثات مع القوى الكبرى الست في مدينة المآتا الكازاخية باتفاق على اجتماع آخر، لا أكثر. ونقلت واشنطن بوست عن جوش بلوك، الباحث في معهد السياسة في واشنطن، قوله: quot;ما يدعو إلى الغم هو أن نرى استمرار إيران في التظاهر بالتباحث لتحقيق إنجازات تثير القلق في قدرتها على انتاج أسلحة نووية، خصوصًا بعد أن علمنا أن طهران تستخدم مسار البلوتونيوم وصولًا إلى انتاج وقود نووي، في أعقاب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يؤكد تسريعهم بوتائر عالية ما يمكن أن ينتجوه من يورانيوم مخصب بنسبة كبيرةquot;.
عروض تخفيفية
ينظر مراقبون آخرون بارتياب إلى ما يعده مستشار وزارة الخارجية الاميركية لشؤون حظر الانتشار النووي بوب آينهورن ومساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ويندي شيرمان وراء الكواليس، خصوصًا أن شيرمان سيئة الصيت بعد النتائج الكارثية التي أسفرت عنها جهودها للتواصل مع كوريا الشمالية، بأمل إقناعها بتفكيك برنامجها النووي.
وقال موظف كبير في مجلس الشيوخ الاميركي لصحيفة واشنطن بوست إن آينهورن وشيرمان quot;عادا إلى عادتهما القديمة، وكأن تمكين كوريا الشمالية من تحقيق اختراق نووي لا يكفي لتسويد سجلهماquot;. واضاف أن الاثنين متلهفان لإبقاء الإيرانيين في المحادثات حتى أخذا يخففان من المطالب التي يتعين على الإيرانيين تنفيذها، ويتماديان في عرض تخفيف العقوبات المفروضة على النظام الإيراني.
تنازلات دولية
وقال تقرير أُعد بتوجيه من الكونغرس إن القوى الدولية الست تنازلت عن مطالب سابقة بأن تغلق إيران منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم في فوردو، بعد أن اكتشفتها اجهزة استخبارات غربية في العام 2009، طالما أن أنشطة التخصيب تُعلق في المنشأة.
وقالت الدول الست الكبرى ايضا إن بمقدور إيران أن تحتفظ بكمية صغيرة من اليورانيوم المخصب، الذي تقول إيران إنها تحتاجه للأبحاث النووية. ويتساءل محللون عما يدفع الإيرانيين إلى التوقف عن الرفض، إذا كان هذا الرفض يحقق لهم المكاسب في كل مرة.
هل من مزيد؟
والمقلق حقَا هو السذاجة التي يبديها المفاوض الغربي، على حد تعبير واشنطن بوست، في إشارة إلى تقرير صحيفة نيويورك تايمز عن اعتراف دبلوماسيين غربيين بأن إيران لم ترد في الواقع على مقترح القوى الست، وان المساومة الحقيقية لم تبدأ حتى الآن.
وأبدى دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى شكوكًا حول هذا الأمر، قائلًا إن هدف الاجتماع الذي بحث قضايا تقنية كان يهدف في الأساس إلى شرح المقترح للإيرانيين مرة أخرى، ومن الجائز تمامًا أن تعود إيران في نيسان (ابريل) المقبل بمقترح مضاد غير مقبول، يبتلع جزرات القوى الست ويقول: quot;هل من مزيد؟quot;.
لدفع عجلة المفاوضات
قال مسؤول اميركي إن القوى الست خطت خطوة أولى نحو بناء الثقة وتلطيف الأجواء، فطالبت إيران بأن تحد بدرجة كبيرة من تكديس اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة، التي يمكن عندها تحويله بسهولة إلى مادة تُستخدم في انتاج سلاح نووي، وخفض انتاجها منه إلى مستوى ما تحتاجه لانتاج وقود نووي لمفاعل ابحاث صغير، يصنع النظائر الطبية.
ونفى المسؤول أن يكون هناك أي تراجع، مشيرًا إلى فرض قيود أخرى على إيران، لكنه اعترف بأن القوى الست عرضت على طهران مزيدًا من تخفيف العقوبات، في محاولة لدفع عجلة المفاوضات. في ضوء ما تقدم، يبدو أن ادارة اوباما تهيئ العالم لصفقة زائفة، تضع ورقة التوت على فشلها الذريع في منع إيران من اكتساب قدرة على انتاج اسلحة نووية، بحسب واشنطن بوست.
التعليقات