تتشارك عائلة مسيحية في دير الزور منزلها مع مقاتلين معارضين مسلمين. ويؤكد رب العائلة أن المقاتلين هبوا لنجدتهم عندما قصفهم النظام السوري. ويقول إنهم يحلمون بسوريا جديدة من دون بشار الأسد ومن دون جبهة النصرة المتشددة.


دير الزور: يصلي أبو ابراهيم وعائلته كل أحد في المنزل الذي يتشاركونه مع مقاتلين معارضين في مدينة دير الزور في شرق سوريا. لكن هذه العائلة المسيحية المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد، تخشى أن تضطر لمغادرة البلاد في حال فرضت quot;جبهة النصرةquot; الاسلامية قوانينها بعد سقوطه.

ويقول ابو ابراهيم: quot;نحن العائلة الاخيرة (المسيحية) المتبقية في دير الزورquot; التي ما زالت تحت سيطرة القوات النظامية، لكنها تشهد معارك منذ نحو عشرة اشهر. ويشير المرصد السوري لحقوق الانسان إلى أنّ غالبية السكان المسيحيين غادروا دير الزور بسبب اعمال العنف، بعدما كان عددهم فيها يقارب اربعة آلاف شخص.

ويضيف ابو ابراهيم أن هؤلاء quot;غادروا مع بداية النزاع، ولجأوا إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام خوفًا من اسلاميي جبهة النصرةquot;. ولم تكن هذه الجبهة معروفة قبل بدء النزاع منتصف آذار (مارس) 2011، لكنها اكتسبت دورًا متناميًا وتبنت العديد من التفجيرات استهدفت غالبيتها مراكز أمنية وعسكرية.

وتحظى الجبهة التي ادرجتها واشنطن على لائحة المنظمات الارهابية، بحضور واسع في شرق سوريا، وشكلت قبل ايام مع مجموعات اسلامية أخرى، quot;الهيئة الشرعية للمنطقة الشرقية في سورياquot; التي ستتولى ادارة شؤون المناطق الخاضعة لسيطرتها.

واشار المرصد السوري إلى أنّ مدينة الميادين في محافظة دير الزور، تشهد منذ الاعلان عن تأسيس الهيئة، تظاهرات معارضة لجبهة النصرة.

ويضيف ابو ابراهيم: quot;لم نواجه مشكلات معهم حتى الآنquot;. ويوضح أنه رغم ذلك quot;نحن خائفون منهم، ولسنا الوحيدين. مقاتلو الجيش السوري الحر (يخافون) ايضًا. في دير الزور، الجميع خائف منهم. هم اقوياء جدًا وافضل تسليحًا من بقية المقاتلين المعارضينquot;.

ويتابع quot;عندما يسقط بشار الأسد، سنرى ما هي نياتهم الحقيقية. اذا قرروا اقامة دولة اسلامية تحكمها الشريعة، لن يكون ثمة خيار لنا، نحن المسيحيين والمجموعات الاخرى، سوى ترك هذه البلاد، وسنرحلquot;.

من جهته، يقول عمر وهو واحد من 15 مقاتلاً معارضًا يقيمون في المنزل نفسه مع عائلة ابو ابراهيم، إن الكثيرين quot;صدقوا اكاذيب النظام التي تحدثت عن مجازر ترتكب بحق المسيحيين في المناطق الاخرى، وهربوا بدافع الخوفquot;.

ويضيف المقاتل وهو يحمل مسبحته، أن النظام السوري quot;قصف كنائسquot; في دير الزور. حتى الوقت الراهن، ما زال ابو ابراهيم وزوجته مريم وأولادهما الثلاثة يرفضون اللجوء إلى تركيا المجاورة رغم أن منزلهم دمر والكنيسة القريبة منه اصيبت بأضرار جراء القصف.

وبعدما خسر عمله في مصافي النفط في محافظة دير الزور، افتتح ابو ابراهيم كراجاً لتصليح السيارات كان زبائنه من مقاتلي المعارضة quot;حتى علم النظام بهذا الامر وقصف المنزلquot;. ويتابع: quot;هب المقاتلون لنجدتنا وخاطروا بحياتهم. اخرجونا من تحت الانقاض وامنوا لنا المأوىquot;.

ويرفض ابو ابراهيم اعتبار النزاع في سوريا طائفيًا، موضحًا أنه quot;لو كان الامر كذلك لكانوا (المقاتلون) تركونا نموت تحت الانقاضquot;. ووقف المسيحيون في غالبيتهم على الحياد بين طرفي النزاع في سوريا ذات التركيبة الطائفية المتنوعة بين غالبية سنية واقليات علوية ومسيحية ودرزية. وتخوفت الامم المتحدة مؤخرًا من أن النزاع بات quot;طائفيًا بشكل واضحquot; ويهدد الاقليات.

وتتشارك عائلة ابو ابراهيم المنزل مع مقاتلين من الجيش السوري الحر. وعنهم تقول مريم: quot;جميعهم مسلمون ونعيش معًا بسلامquot;. وتضيف هذه المرأة التي تطهو للمقاتلين وتغسل ملابسهم العسكرية quot;هم مثل أولاديquot;.

وامتنعت مريم منذ اشهر عن الخروج من المنزل خوفاً من التعرض لمضايقات في الشارع لعدم ارتدائها الحجاب، لكنها تتصرف على راحتها في البيت quot;لأن المقاتلين يحترمون قناعاتي كما احترم معتقداتهمquot;.
ويؤكد عمر أن quot;جبهة النصرة لا تمثل معتقدات السوريين. نقاتل ضد العدو نفسه لكن يجب عليهم أن يرحلوا لحظة سقوط النظامquot;.

وعاود ابو ابراهيم العمل في تصليح السيارات، لكن هذه المرة في ورشة افتتحها في الطبقة السفلية للبناء حيث يقطن حاليًا. ويقول إن الكراج quot;يعود إلى شخص هرب مع بدء المعاركquot;، وهو ما يثير غضبه لشعوره بأنه يحتل ما ليس له quot;لكن ما العمل لأتمكن من العيش؟quot;.