يواصل وزراء التيار الصدري، الذي يتزعمه رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، تعليق حضورهم اجتماعات مجلس الوزراء حتى تنتهج الحكومة سياسة الوضوح والشفافية وتعديل الجوانب الإدارية.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تشهد القائمة العراقية، التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق أياد علاوي، سجالات وخلافات حادة، بسبب تعدد رؤوسها والموقف من العلاقة مع الحكومة العراقية.

فيما يواصل وزراء التيار الصدري مشاوراتهم لتقرير البقاء أو الاستقالة من حكومة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، التي يشاركونه في عضوية التحالف الشيعي كأكبر كتلة برلمانية.

فقد شهدت مدينة النجف صباح اليوم اجتماعات، ضمت وزراء الكتلة الصدرية الستة، مع مدير مكتب الصدر والشيخ صلاح العبيدي الناطق الرسمي باسم زعيم الخط الصدري، لمناقشة موقفهم من الحكومة، التي علقوا حضور جلساتها في الأسبوع الماضي.

وقال المتحدث الرسمي باسم الصدر الشيخ صلاح العبيدي ظهر اليوم السبت خلال مؤتمر صحافي في النجف الأشرف أعقب الاجتماع إن المناقشات جرت بشأن بقاء وزراء كتلة الأحرار التابعة للخط الصدري في الحكومة من عدمه.

الصدريون قد يطعنون بالقرار
وانتقد العبيدي عدم شفافية مجلس الوزراء في اتخاذه قرار تأجيل الانتخابات المحلية في محافظتي نينوى والأنبار، مشيرًا إلى أن الخط الصدري قد يلجأ إلى المحكمة الاتحادية لنقض هذا القرار.

وقال العبيدي إن الصدر أكد لي أن لا عودة لوزراء التيار ألا بعد تغيير سياسة مجلس الوزراء من السياسة الانتقائية إلى سياسة الوضوح والشفافية وتعديل الجوانب الإدارية، التي فيها إشكال واضح في مجلس الوزراءquot;.

من جانبه قال النائب عن كتلة الأحرار حاكم الزاملي في تصريح صحافي إن كتلته التابعة للتيار الصدري على اتصال دائم مع السيد مقتدى الصدر ومكتبه الخاص في النجف الأشرف من أجل تحديد موقف التيار النهائي من الحكومة الاتحادية، مشيرًا إلى أن الموقف سيتضح خلال الاجتماعات التي يجريها أعضاء التيار اليوم أو غد على أكثر تقدير.

وأوضح أن هذا الموقف لم يتضح بعد حتى الآن لكون النقاشات مازالت مستمرة بين أعضاء التيار لتحديده من أجل التوصل إلى الآلية النهائية، التي يمكن بها التعامل مع الحكومة، منوهًا بأنه قد يكون هناك انسحاب من الحكومة والبرلمان معًا، فضلًا عن الاتفاق حول مدة التعليق وكيفيتها.

تفرد بالسلطة
وأشار إلى أن تعليق وزراء كتلة الأحرار جاء على خلفية اتجاه الحكومة للتفرد بالسلطة، واتخاذها العديد من القرارات من دون الرجوع إلى الشركاء الآخرين، وخاصة ما يتعلق منها بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات في الأنبار ونينوى، ما سيؤثر على العملية الانتخابية، فضلًا عن تخوفها من انسحاب ذلك على انتخابات البرلمان المقبلة.

وكان نائب رئيس الوزراء والقيادي في القائمة العراقية صالح المطلك وصل إلى العاصمة اللبنانية أول أمس، يرافقه رئيس الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية quot;الحلquot; جمال الكربولي، والقيادي في جبهة الحوار حيدر الملا، واجتمعوا مع مقتدى الصدر، المقيم في بيروت حاليًا، على أمل ثنيه عن قراره بتعليق عضوية وزراء كتلته في الحكومة العراقية.

ويرى مراقبون أن اجتماع وزراء الصدر اليوم في النجف جاء تتويجًا لجهود المطلك في فتح باب للحوار بين جميع الكتل وعدم جدوى تعليق حضور جلسات مجلس الوزراء، والظهور كمعارضين شكلًا، والبقاء في الحكومة أصلاً.

المطلك ينتقد quot;متحدونquot;
ضمن الصعيد نفسه، كان المطلك وجّه نقدًا حاداً لقيادات تحالف quot;متحدونquot;، الذي تأسس في نهاية العام الماضي، المكون من رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، القيادي في القائمة العراقية، وأحمد أبو ريشة الرئيس السابق لصحوة العراق والحزب الإسلامي وآخرين من معارضي رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، وكان يخطط لدخول الانتخابات في محافظتي الأنبار ونينوى، اللتين أجّلت الحكومة الانتخابات فيهما لستة أشهر لأسباب أمنية.

وقال المطلك في حوار مع موقع quot;المسلةquot; العراقي إن هذه الكتلة quot;متحدونquot; تشكلت بالأساس من مجموعة كيانات تسلقت إلى quot;العراقيةquot; بطريقة خبيثة، مؤكدًا أن تشكيلها غدر بمشروعنا الوطني، وكان انشقاقًا أساسيًا في القائمة.

وأوضح المطلك أن مشروع العراقية العظيم العملاق، الذي تم بناؤه بدماء أبنائنا وبتضحيات كبيرة، فتّت لأسباب تافهة وسخيفة ومطامع لا ترتقي بأية حال من الأحوال إلى أن تشق مثل هذا المشروع الكبير العظيم من أجل تشكيل كتلة quot;متحدونquot;.

وعن رأيه بالزيارات، التي يقوم بها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إلى ساحات التظاهرات في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، قال المطلك quot;لايزال لديّ أمل بأن يخرج النجيفي من الخط الذي دخل فيه، وأن يعود إلى الخط الوطني الذي تعهد بأنه سيسير فيه عندما دخل في القائمة العراقيةquot;.

ليست انشقاقًا عن العراقية
لكن القيادي في القائمة العراقية والحزب الإسلامي سليم الجبوري رد على المطلك في الموقع نفسه اليوم بأن كتلة quot;متحدونquot; ليست انشقاقًا عن العراقية، رافضًا اتهام قياداتها بأنها غدرت بمشروع القائمة الوطني، وفيما غمز الجبوري في رده على رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك قائلًا quot;نحن لسنا انتهازيينquot;، فإنه اعترف بأن القائمة العراقية ستتحول إلى تشكيلات متعددة.

وقال الجبوري، وهو أحد قيادات quot;متحدونquot; إن quot;القائمة العراقية أعطت لكل كتلة منضوية فيها الحق في أن تأتلف بالطريق الذي تراه مناسباً لها في المحافظات، لذلك فإن أياد علاوي زعيم حركة الوفاق ذهب وحده في قائمة، والمطلك وجمال الكربولي رئيس كتلة الحل في قائمة، والقيادات الأخرى في العراقية شكلت (متحدون)quot;، موضحاً أن quot;تشكيل كتلة (متحدون) لا يعني انشقاق العراقية، وأن القائمة لاتزال موجودة، ولكن مقتضيات انتخابات مجالس المحافظات هي التي استلزمت هذا التشكيل، لأن كل محافظة لها طبيعة تختلف عن الأخرىquot;.

تلبية مطالب المتظاهرين
ورفض الجبوري، الحديث عن عودة لوزراء العراقية للحكومة، لكي يتم تعيين قواعد الجماهرية للقائمة، قائلاً quot;هذا معيار سيكون واضحًا في الانتخابات، ونحن لسنا انتهازيين، وإنما هناك مصالح أكبر منها، هي الوقوف بجانب المتظاهرين لغرض تلبية مطالبهمquot;.

وكان وزراء القائمة العراقية علقوا حضورهم جلسات الحكومة في الشهر الماضي، ومنحهم رئيس الوزراء إجازة إجبارية لمدة شهر، وعيّن مكانهم وزارء بالوكالة، لكن الخلافات بين قادة القائمة العراقية كشفت عن مفاوضات لعودة وزيري التربية والصناعة.

لكن تعليق وزراء الصدر فاقم المشكلة على رئيس الوزراء المتهم من قبل خصومة بالتفرد بالقرارات وعدم الإيمان بالشراكة والاتجاه لتشكيل حكومة غالبية سياسية. إلا أن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ينفي تلك الاتهامات، ويصرّ على عدم وجود أي تغيير في شكل الحكومة الحالية، وأن التوجّه هو لتفعيل الحوار وحلحلة الأزمات بدءاً من الأسبوع المقبل.