تحدث طيار سوري عن رحلات سرية كان ينفذها والبعض من زملائه الى روسيا وايران لنقل اموال للأسد بهدف مراوغة العقوبات الدولية المفروضة على النظام.


القاهرة: كشف طيار طائرات شحن سابق في الجيش السوري عن حقيقة الرحلات السرية التي كان نفذها لصالح نظام الرئيس بشار الأسد، حيث كان يقوم بنقل أموال وأسلحة إلى داخل سوريا، وذلك في محاولة لمراوغة العقوبات الدولية المفروضة على البلاد.

وتابع هذا الطيار، الذي طلب من صحيفة صنداي تلغراف البريطانية التي أجرت مقابلة معه ألا تعرفه إلا بإسم ناظم، بقوله إنه أو زملائه من الطيارين كانوا يقودون طائرة شحن مرتين أو ثلاثة كل شهر من أجل جلب أموال نقدية من روسيا، من بينها كميات كبيرة من اليوروهات والدولارات كانت ضرورية في سبيل دعم النظام.

أكثر من 20 رحلة إلى طهران
وأشار إلى ما لا يقل عن 20 رحلة تمت إلى طهران، قاد بنفسه اثنين منها، لجلب متفجرات وأسلحة إيرانية كي يستخدمها النظام في سحق التمرد الذي بدأ في البلاد قبل عامين.

وجاءت شهادة ناظم، وهي الأولى التي يتحدث عنها أحد الأشخاص الذين شاركوا في مثل هذه العمليات، في وقت وصل فيه الصراع المشتعل في سوريا ذروة جديدة، وفي وقت يزعم فيه كل طرف أن الطرف الآخر استعان بأسلحة كيميائية في هجوم تم شنه الأسبوع الماضي على قرية خان العسل التي تقع على مقربة من مدينة حلب.

الأسد توعد بالثأر
وفي غضون ذلك، تعهد الأسد بأن يثأر لمقتل رجل الدين البارز، محمد سعيد رمضان البوطي، الذي لاقى مصرعه وما لا يقل عن 49 آخرين، في تفجير انتحاري في أحد مساجد دمشق قبل أيام، مؤكداً أنه سيطهر سوريا من المسلحين المسؤولين عن الهجوم، ومشيراً إلى أن ذلك يعد جزءا من مؤامرة إرهابية ضد حكومته.

وجاءت شهادة ناظم لتؤكد كذلك على ما يبدو اعتقاد مسؤولي الاستخبارات الغربية بأن حكومة الأسد يتم دعمها من جانب روسيا ويتم تزويدها بالأسلحة من جانب إيران.

ولفتت الصحيفة إلى أن ناظم، 50 عاماً، تحدث إليها من مدينة حدودية في الأردن، حيث لاذ هناك بالفرار هو وأسرته خلال شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. حيث قرر أن يغادر سوريا بعدما ألقي القبض عليه مع مجموعة من زملائه الطيارين وتم حبسهم لمدة 60 يوماً على خلفية حادث تحطم طائرة رأى مسؤولو النظام أنه مثير للشبهات.

وهو إذ يعيش الآن رفقة أسرته في منزل صديقه الأردني المتعاطف معه دون أي إيجار، وذلك في بناية تعيش فيها أيضاً 26 أسرة أخرى من اللاجئين السوريين.

وواصل ناظم حديثه مع الصحيفة البريطانية بالقول quot;سبق لي أن ذهبت إلى موسكو وشمال أفريقيا والهند وكذلك إنكلترا. وسبق لي أن حملت أنواعاً متعددةً من البضائع، ومساعدات إنسانية، ومساعدات طبية، وأسلحة في بعض الأحيان. لكن الأمور لم تعد جيدة الآن إذ أن تلك الأسلحة يتم استخدامها ضد المدنيينquot;.

وأشار إلى أنه بدأ أولى رحلاته إلى روسيا من أجل جلب الأموال في نيسان(أبريل) الماضي، موضحاً أنه سلك مساراً من فوق العراق ثم إيران ثم أذربيجان ومن بعدها إلى مطار فنوكوفا في موسكو. وأضاف quot;الحمولة كانت مبالغ نقدية، 30 طناً. وتم إحضار جزء من العملة من مدينة بيرم الروسية، حيث تتطبع العملة المحليةquot;.

وتابع ناظم قائلاً quot; وحين هبطنا في دمشق، وجدنا سيارات مؤمنة تابعة للبنك السوري بانتظارنا في المطار من أجل أخذ الأموال والتوجه لإيداعها بشكل مباشر في البنكquot;.

الرحلات برفقة السفير الايراني

ونوه إلى أن مثل هذه الرحلات الخاصة كانت تتم ثلاث مرات شهرياً، وان الحمولة كانت هي نفسها على الدوام ( ليرات سورية ويوروهات ودولارات أميركية ). وقال ناظم أيضاً إنه قام برحلات ذهاب وعودة إلى طهران خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) عام 2012، وفي كل مرة كان يرافقه السفير الإيراني لدى سوريا. وأنه بمجرد وصول العاصمة الإيرانية، كان يتم توجيه الطائرة إلى حظيرة، ويُطلَب من طاقمها أن يغادر وينتظر بعيداً، وذلك لكي يتم شحن الحمولة على متنها في سرية.

رحلات متفجرة
ومع أن ناظم لم يسبق له أن اطلع على ما كان يتم شحنه، إلا أنه كان يتلقى إرشادات لتجنب مجالات الاضطراب خلال رحلة العودة إلى دمشق لأن الحمولة التي يقدر وزنها بـ 40 طن لن تقوى على تحمل المطبات الوعرة في تلك المسافة، وهنا أوضح ناظم أن تلك كانت طريقة متحفظة لتحذيره بأن هناك متفجرات على متن الطائرة.

وتابع quot; تم تنفيذ ما يقرب من 20 رحلة إلى طهران مشابهة لتلك الرحلة في الفترة بين نيسان (أبريل) عام 2011 وتموز (يوليو) عام 2012. وكنا نحصل على أذون خاصة من وزارة الخارجية العراقية للتحليق فوق العراق ربما دون علم الولايات المتحدةquot;.

وواصل ناظم quot; وقد قررت أن أغادر سوريا حين خرجت من السجن، حيث وجدت منزلي محروقاً لدي عودتي إلى هناك. وسألت جيراني عما حدث، فأخبروني أن 3 مركبات وصلت إلى هناك، وكسروا الباب، وصعدوا إلى أعلى، وأخذوا ملابسي الرسمية الخاصة بي، وحقيبتي السوداء، وهدية تذكارية كنت قد تحصلت عليها من الخارج. ثم نثروا مسحوقاً أبيضاً، فوسفور، على الأرض، وأضرموا النار بعدها في المنزلquot;.

وختم ناظم حديثه مع الصحيفة بالتأكيد أن المشاكل بدأت في سوريا مع وصول حافظ الأسد إلى الحكم قبل 40 عاماً، حيث لم يكن يكترث سوى بعائلته وليس بشعبه، وأن الثورة قد جاءت الآن، وأن الجيل الحالي في سوريا جيل مختلف بسبب شبكة الإنترنت، التي غيرت كل شيء بالنسبة للشعب السوري المثقف المتطلع لطعم الحرية.