تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن يستنزف قدراته المائية الضعيفة اصلًا، والحلول المعتمدة كحفر الآبار في مخيم الزعتري تحرم الأجيال الأردنية القادمة من المياه الجوفية. وهذا ما قد يسبب موجة من العنف بين الأردنيين والسوريين.


بيروت: بعد انتهاء فصل الشتاء، تنفس نحو 1.2 مليون لاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن الصعداء، على أمل أن تخف معاناتهم في غياب الثلج والرياح والليالي شديدة البرودة. لكن هذا الارتياح لن يطول، لا سيما أن الصيف حلّ سريعًا، وعلى وجه الخصوص في الأردن، حيث توشك معاناة اللاجئين السوريين أن تتضاعف وتزيد سوءًا بسبب ندرة المياه.

فالأردن يعاني الجفاف المستمر الذي دمر آفاق الزراعة في المناطق الشمالية منذ عقد من الزمان تقريبًا. وفي أجزاء من مدينة المفرق، انقطعت المياه أسبوعين في شهر شباط(فبراير) الماضي، إذ تدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين عبر الحدود من الرمثا والمفرق إلى مخيم الزعتري، ما أدى إلى وصول إمدادات المياه إلى نقطة الانهيار.

حرارة تولد العنف

ستؤدي درجات الحرارة المرتفعة في الصيف إلى ارتفاع الطلب على المياه في هذه المنطقة الفقيرة، التي بالكاد يحصل سكانها على ما يسد حاجاتهم منها. والآن، تؤدي موجة من اللاجئين الجدد إلى تفاقم الأزمة، ومن المتوقع أن تزيد أعدادهم في الأشهر المقبلة في ظل استمرار الحرب الطاحنة في سوريا.

عندما تحولت الانتفاضة السورية السلمية إلى صراع دموي منذ عامين تقريبًا، رحّب سكان المفرق في الأردن باللاجئين الفارين من العنف. لكن حسن الضيافة هذا في طريقه إلى الزوال، إذ بدأت المنافسة بين اللاجئين والسكان المحليين على الموارد المحدودة، من الماء إلى الكهرباء والرعاية والغذاء والتعليم والسكن والصحة.

ومن المحتمل أن تسبب الاضطرابات بتهديد واحدة من الدول المستقرة القليلة المتبقية في الشرق الأوسط.

يقول نايجل بونت، المدير الإقليمي لمنظمة ميرسي كوربس في الشرق الأوسط، وهي وكالة إنمائية دولية: quot;مع ارتفاع درجات الحرارة، سترتفع درجة التوتر، فالاستياء واضح بين الأردنيين ويمكن أن يؤدي بسهولة إلى العنف اذا لم تعالج القضايا الأساسيةquot;.

الآبار تجف قريبًا

يعبر نحو 3000 لاجئ سوري الحدود الأردنية كل يوم، وتقول وكالات المعونة العاملة مع اللاجئين في البلاد انها تتوقع أن تصل أعدادهم إلى مليون في الأردن بحلول نهاية العام الجاري.

وشهدت المدن الحدودية كالمفرق أزمات كثيرة منذ بداية الصراع السوري، كارتفاع أسعار الغذاء والإيجار بشكل خيالي. في الوقت نفسه، تدرس الحكومة الأردنية خفض الدعم السخي على الوقود، ما قد يؤدي إلى أزمة معيشية ويرفع منسوب الغضب الشعبي بسبب الضيوف غير المرحب بهم.

تسد المساعدات الدولية في السكن والغذاء والوقود حاجات اللاجئين إلى حد ما. ومع ذلك، الشيء الوحيد الذي لا يمكن المساعدة فيه هو معالجة أزمة الجفاف في الأردن.

فعلى مدى العقود الماضية، اعتمد الأردن على استخراج المياه الجوفية لتأمين حاجات عدد السكان المتزايد، لكن تلك الإمدادات تتضاءل. ووفقًا لمنظمة اوكسفام الخيرية لمكافحة الفقر، يؤدي الصراع السوري أيضًا إلى زيادة استخراج المياه الجوفية ما يقرب من ثلاثة أضعاف معدل التغذية في بعض المناطق، ما يعني أن الآبار ستجف قريبًا.

كما تقدّر أوكسفام أن 50 بالمئة من المياه في المفرق مهدورة بسبب التسريبات في الأنابيب البالية أو بسبب أشخاص يسرقون المياه.

حلول قصيرة الأجل

يقول كريستيان سنواد من أوكسفام، منسق المياه والصرف الصحي والنظافة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين إن السوريين في الأردن يسلطون الضوء على واحدة من المشاكل الأكثر إلحاحًا في الأردن، وهي شح المياه.

أضاف: quot;لا بد من التعامل مع شح المياه في الأردن، وهذا سوف يحتاج إلى تحركات عاجلة، فالبلدات التي كانت تحصل على المياه يومًا واحدًا في الأسبوع، تحصل عليه الآن مرة واحدة كل أسبوعين، ومع وجود عدد كبير من اللاجئين السوريين في مدن مثل المفرق، من السهل جدًا على الأردنيين توجيه اللوم للقادمين الجدد بالتسبب بهذه الأزمةquot;.

وعمدت وكالات المعونة مثل أوكسفام ومنظمة ميرسي كوربس إلى حفر الآبار في مخيم الزعتري لمحاولة التعويض عن النقص في المياه، لكن هذا حل قصير الأجل، وقد يؤدي إلى حرمان الأجيال القادمة من المياه الجوفية.

ولمساعدة السكان واللاجئين خارج المخيم، يتم العمل حاليًا في شراكة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وميرسي كوربس على مشروع بقيمة 20 مليون دولار لتجديد نظام المياه في الأردن. لكن مثل هذه المبادرات تساعد الأردن فقط في حال استقرت أرقام اللاجئين، لكن هذا أمر مستبعد اليوم في ظل تفاقم العنف في سوريا.