نحو 17 تنظيمًا إسلاميًا جهاديًا في سيناء، يقدر عدد عناصرها بالآلاف، تنادي كلها بإقامة الامارة الاسلامية في سيناء. ووجودها هناك يهدد الاستقرار الهش على الحدود المصرية الاسرائيلية، خصوصًا بعدما أعلن مجلس شورى المجاهدين مسؤوليته عن قصف إيلات بصاروخين.


القاهرة: جاء إعلان جماعة جهادية تبنيها إطلاق صاروخين على مدينة إيلات الإسرائيلية ليصب الزيت على نيران العلاقات المصرية الإسرائيلية المتوترة، وليضع المزيد من الملح على جروح الإميركيين، لاسيما بعد تفجيري بوسطن.

وفتحت عملية إطلاق الصاروخين ملف الجماعات المسلحة في سيناء من جديد، بعد إستفحال أمرها. فقد أعلنت جماعة مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس الجهادية إطلاق صاروخين من نوع غراد على مدينة quot;أم الرشراشquot; (إيلات).

وقال أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في تغريدة على حسابه في موقع تويتر، إنه في الساعة الأخيرة أُطلق من سيناء صاروخان سقطا في مناطق مفتوحة في إيلات، من دون أن يسببا وقوع إصابات أو أضرار.

تنظيمات وإمارة

تضم شبه جزيرة سيناء ما يزيد على 17 تنظيمًا مسلحًا، تتمركز في الجبال في الجزئين الأوسط والشمالي، وتسعى جميعًا لإقامة إمارة إسلامية هناك، وتستخدم لذلك أسلحة متطورة حصلت عليها من ليبيا بعد سقوط نظام حكم العقيد القذافي ومقتله.

وبات واضحًا أن هذه التنظيمات التي تتخذ من القاعدة أختًا كبرى تسير على نهجها، حصلت على موطىء قدم بالقوة في سيناء، لا سيما بعد الإغارة على نقطة عسكرية، وقتل 16 جنديًا مصريًا وإصابة سبعة آخرين.

شورى المجاهدين

جماعة مجلس شورى المجاهدين من أكبر تلك الجماعات وأشرسها. فهي تنظيم ظهر في العراق أولًا بعد الغزو الأميركي، ويضم عدة تنظيمات مسلحة، ويرتبط التنظيم في العراق بالقاعدة بشكل مباشر، ولديه فرع في قطاع غزة يحمل اسم quot;مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدسquot;، وآخر في سيناء يحمل اسم quot;مجلس شورى المجاهدينquot;، غير أنه لم يعلن مسؤوليته عن أية أعمال عنف وقعت في سيناء، ويؤكد أنه يجاهد من أجل تحرير فلسطين.

ونفى التنظيم مسؤوليته عن أحداث رفح، وقال: quot;إننا نؤكد إننا في مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس ليست لنا أي صلة من قريب أو بعيد بالهجوم الذي استهدف الجيش المصري على الحدود مع فلسطين المحتلةquot;.

وأضاف: quot;نستغرب بشدة قيام بعض وسائل الإعلام بترديد الاتهامات لمجلس شورى المجاهدين أو الجماعات الجهادية العاملة ضد اليهود دون أي دليل سوى ما جاء على لسان أفيخاي أدرعيquot;.

التوحيد والجهاد

ويأتي تنظيم التوحيد والجهاد على رأس التنظيمات المسلحة التي تتبنى فكر القاعدة في سيناء، وتسير على نهجها. وهو في حقيقة الأمر تنظيم التكفير والجهاد، لكنه اضطر إلى تغيير الاسم نظرًا لنفور أهالي سيناء وبعض أتباعه من الإسم الأول، الذي ارتبط بالكثير من العمليات الإرهابية في مصر.

لدى هذا التنظيم سجل حافل بالعمليات الأرهابية، منها تفجيرات طابا في العام 2004، وتفجيرت شرم الشيخ في العام 2005، ثم تفجيرات دهب في العام 2006. وأعيد إحياء التنظيم في العام 2000، وظل خاملًا حتى عام 2004.

القاعدة

يحمل تنظيم quot;القاعدة في أرض الكنانةquot; اسم القاعدة مباشرة ومن دون مواربة، لكنه ليس فرعًا ينتمي مباشرة إلى القاعدة الكبرى في أفغانستان، بل هو تنظيم أنشىء في العام 2006، ويتخذ عدة أسماء أخرى من بينها quot;تنظيم القاعدة في شبه جزيرة سيناءquot;، وquot;قاعدة الجهاد في شبه جزيرة سيناءquot;. ولديه سجل في عمليات قتل واختطاف جنود مصريين، وإعتداءات من أجل المال أو الإفراج عن بعض المعتقلين التابعين للتنظيم.

ويعتبر تنظيم الرايات السوداء الأكثر نشاطًا وعنفًا في سيناء خلال المرحلة التي أعقبت الثورة، ويتبنى الدعوة إلى تحويل سيناء إلى إمارة إسلامية، وقام بالعديد من العمليات الإرهابية أشهرها مهاجمة قسم شرطة ثاني العريش، ومحاولة الإستيلاء عليه، وتفجيرات خطوط الغاز، ويرفع أعلام القاعدة ذات اللواء الأسود، كما يربط المنتمون إليه رؤوسهم بعصابات سوداء.

ولا ينفصل تنظيم جيش الإسلام، الذي يتخذ من غزة مقرًا له، عن الفكر التكفيري الجهادي. ولدى التنظيم فرع في سيناء، ويتبنى عمليات ضد إسرائيل ومصر في الوقت نفسه، واتهمته وزارة الداخلية بالضلوع في تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية في يناير 2011.

عناصر بالآلاف

قال اللواء محمد قدري سعيد، مستشار الشؤون العسكرية والإستراتيجية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، لـquot;إيلافquot; إن هذه التنظيمات تغيّر اسماءها من حين لآخر، من أجل التمويه أو الإيحاء بأن هناك تنظيمات كثيرة، ما يربك الأمن.

وأشار سعيد إلى أن الآلاف ينتمون إلى هذه الجماعات، ولديها تسليح متقدم جدًا، quot;فعملية رفح الأخيرة ضد حرس الحدود اشترك فيها 35 فردًا من الإرهابيين، ينتمون إلى جماعة واحدة، وبذلك لن تقل أعداد المنتمين إليها عن عدة آلاف على الأقل، بما قد يفوق عدد القوات المصرية في سيناءquot;.

ولفت سعيد إلى أن هذه التنظيمات تتلقى الدعم من تنظيمات أخرى أكبر وأكثر خبرة وأكثر تمويلًا، مثل القاعدة الأم في أفغانستان أو حزب الله في لبنان أو إيران، ولديها مخزون كبير من السلاح المتطور، جلبته عبر صفقات مع تجار السلاح من ليبيا.

وأشار سعيد إلى أن هذه التنظيمات المسلحة تهدد العلاقات المصرية الإسرائيلية، وبنسف إتفاقية السلام، ويجب التعامل معها بحزم.

سياسية لا دينية

أكد سعيد أن أهداف هذه التنظيمات سياسية وليست دينية، quot;لأن الإسلام لا يبيح قتل المسلم أو حتى الكافر المسالم، وهي تعمل لحساب دول أخرى بهدف زعزعة الإستقرار في مصر، وإلهائها عن التنمية وأرساء دولة الديمقراطيةquot;.

وأكد سعيد أن لهذه التنظيمات سجلاً حافلاً بالعمليات الإرهابية في مصر، لا يجب إغفاله، وارتكبت جرائم قتل عديدة ضد المصريين، سواء من المسؤولين أو من المواطنين العاديين، quot;فهي قتلت رئيس مجلس الشعب الراحل الدكتور رفعت المحجوب، وهي المسؤولة عن تفجيرات الفنادق في طابا وشرم الشيخ ودهب، وهي من تشن هجمات على الضباط والجنود المصريين في سيناء، وتقوم بتفجيرات خطوط الغاز في سيناء وتسعى الى إقامة إمارة إسلامية هناكquot;.

تواجد قوي

من جانبه، قال علي عبد العال، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، لـquot;إيلافquot;: quot;هناك تواجد قوي لتلك الجماعات، لكن في المقابل هناك مبالغة إعلامية في التعامل مع الأخبار الواردة من شمال سيناءquot;.
أضاف أنها مجموعات صغيرة ليست لديها القدرة على تغيير أي واقع.

ولفت عبد العال إلى أن تلك المجموعات أعلنت أن الأسلحة التي بحوزتها ليست موجهة للداخل المصري، وإنما موجهة إلى إسرائيل، مشيرًا إلى أن هذا الأمر غير مقبول. وأشار إلى أنهم بدأوا في الفترة الأخيرة في الظهور أمام الإعلام من خلال تلك الإستعراضات، وتصوير مشاهد التدريبات والإستعراضات، في محاولة للبعث برسائل إلى الخارج، وليس إلى السلطة في مصر.

تفاهمات مع السلطة

وكشف عبد العال وجود تفاهمات بين السلطة في مصر وبين تلك الجماعات، من خلال قيادات إسلامية، من أجل عدم استخدام السلاح الذي بأيديهم ضد أهداف داخلية أو خارجية، لا سيما بعد إطلاق الصواريخ على إسرائيل أثناء الحرب في غزة نهاية العام الماضي، أو تفجير خطوط الغاز.

ولفت إلى أن هذه الجماعات مقتنعة اليوم بأن حمل السلاح خارج عباءة الدولة يضر بسمعة مصر خارجيًا، ويضر بسمعة الرئيس المصري محمد مرسي.

ونبّه عبد العال إلى العداء القائم بين السلفية الجهادية في سيناء وحركة حماس في قطاع غزة. وأشار إلى أن حماس تشن حملات إعتقالات في صفوف السلفية الجهادية في قطاع غزة، فمن مصلحتها إضعاف الجماعات السلفية الجهادية في سيناء، وليس العمل على تقوية شوكتها وتدريبها، كما يزعم البعض.