قال خبراء عقاريون إن الزلزال الذي وقع مؤخرا في إيران، وبلغت شدته 7.8 درجات على مقياس ريختر، وما تبعه من هزة شعرت بها الإمارات قد يغير الخريطة العقارية وظروف العرض والطلب على الوحدات السكنية في سوق العقارات في الإمارات، خاصة إذا تكرر حدوث مثل تلك الزلازل القوية في الدول المجاورة.


أبوظبي: أوضح الخبراء لـquot;إيلافquot; أن الطلب في هذه الحالة سيزيد على الفلل السكنية صغيرة الحجم والمباني الحديثة منخفضة الطوابق (من 5-10 طوابق) والبيوت الشعبية بشكل أكبر من الأبراج شاهقة الارتفاع، كما سيكون هناك عزوفا كبيرا عن المباني القديمة التي لم تتبع المواصفات الحديثة في البناء، والتي قد لا تكون مهيأة لاستقبال الزلازل القوية على عكس المباني والأبراج الحديثة، التي من المتوقع أن تلاقي إقبالا على طوابقها السفلى وانخفاضا في الطلب على طوابقها العليا.

اللجوء إلى التوسع العمراني الأفقي

قال جاسم حمد الخبير العقاري والمسؤول بإحدى شركات العقارات في أبوظبي إنه من المتوقع أن تتأثر معدلات الإقبال والطلب على السكن في الأبراج شاهقة الارتفاع الموجودة داخل مدينة أبوظبي في الفترة المقبلة، في مقابل ازدياد الطلب على الفلل السكنية الصغيرة والبنايات منخفضة الارتفاع الموجودة خارج quot;جزيرة أبوظبيquot;، أي في المناطق العمرانية المحيطة بالجزيرة مثل مناطق أم النار والريف وبين الجسرين ومدن quot;خليفة أquot; وquot;خليفة بquot; ومدينة محمد بن زايد وبني ياس والشهامة والرحبة. مشيرا إلى أن تلك المناطق تتميز بانخفاض الإيجارات السكنية فيها مقارنة بالعقارات الموجودة داخل مدينة ابوظبي. كما أن إيجار الفلل فيها متقارب جدا مع أسعار الشقق الموجودة في الأبراج الحديثة شاهقة الارتفاع في داخل المدينة.

وأوضح حمد أن شركات المقاولات قد تتجه في الفترة المقبلة إلى التوسع الأفقي وليس الرأسي في البناء خارج المدينة في مشاريع فلل جديدة أو بنايات ذات الخمس طوابق فقط، إذا تعرضت الدولة لهزات أرضية عنيفة في الفترة المقبلة. لأنه في تلك الحالة سيعزف كثير من المستأجرين عن طلب الوحدات السكنية الموجودة في الأبراج الضخمة شاهقة الارتفاع، خاصة في جزيرة الريم التي يزيد عدد الطوابق في بعض أبراجها عن 60 طابقا.

أبراج دبي مصممة لمواجهة الزلازل

وعن دبي والإمارات الشمالية أشار الخبير العقاري خالد سيف إلى أن معظم البنايات والأبراج السكنية في إمارة دبي حديثة، وتم تصميمها وفق أفضل معايير الأمن والسلامة العالمية، مضيفا أن معظمها قادر على مواجهة الزلازل العنيفة حتى قوة 8 درجات بمقياس ريختر، إذا كان مركز الزلزال في الإمارات.

وقال إن quot;كثيرا من المستأجرين يشعرون الآن بعدم رغبة في استئجار الطوابق العليا في الأبراج عالية الارتفاع، خوفا من وقوع هزات أرضية عنيفة في حالة تكرار الزلازل في المنطقة. ولكن ذلك شعور وقتي طبيعي سيتبدد مع مرور الوقت، في حالة عدم تكرار مثل تلك الهزات الأرضية، أو في حالة عدم تأثر المباني والأبراج الحديثة التي يقطنوها، إذا تكررت تلك الهزات وتأكدوا من قدرتها ومقاومتها العالية للزلازلquot;.

زيادة الطلب على البنايات منخفضة الطوابق

ورغم ذلك توقع سيف أن يزيد الإقبال في دبي والإمارات الشمالية على الوحدات السكنية الجديدة غير المرتفعة، والمجمعات التي يتراوح عدد طوابقها بين 5-10 طوابق فضلا عن الفلل السكنية الصغيرة والبيوت الشعبية وذلك بشكل أكبر من الأبراج شاهقة الارتفاع. مبينا أن الأبراج الجديدة شاهقة الارتفاع لن ينخفض عليها الطلب بشكل كبير كما يثير البعض، إنما سيقل الطلب على السكن في الأدوار العليا منها وسيزيد على الأدوار الأولى فيها. كما ستكون أسعار الطوابق السفلى أعلى من أسعار الطوابق العليا التي سيلجأ المطورين العقاريين إلى تخفيض أسعارها من أجل جذب المستأجرين والملاك إليها.

وأشار إلى أنه سيكون هناك عزوفا كبيرا عن البنايات القديمة التي لم تتبع المواصفات الحديثة في البناء، والتي قد لا تكون مهيأة لاستقبال الزلازل القوية على عكس البنايات والأبراج الحديثة.

الزلازل التي تعرضت لها الإمارات

في يوم 11 آذار (مارس) من عام 2002 تعرضت المناطق الشمالية في دولة الإمارات لهزة أرضية بقوة 5.0 درجات حسب مقياس ريختر. وفي نفس العام تعرضت منطقة مسافي لزلزال آخر. وفي يناير 2003 تعرضت الإمارات الشمالية لهزة قوتها أربع درجات. وفي يوم 13 أيلول (سبتمبر) 2007 تعرضت المنطقة الواقعة ما بين رأس الخيمة وخورفكان لهزة قوتها 4.7 درجات.

هذا وتعرضت رأس الخيمة لنشاط زلزالي خفيف ومحسوس يومي 3 و4 شباط (فبراير) 2008 وكانت أقوى هزة شعر بها السكان بقوة 3.2 درجات حسب مقياس ريختر.

ثم في التاسع من يونيو العام 2009 سجلت محطات الشبكة الإماراتية لرصد الزلازل التابعة للمركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، هزة أرضية بقوة 3.9 درجة بمقياس ريختر لقياس الزلازل في منطقة مضيق هرمز بالقرب من رأس مسندام، وكانت الهزة محسوسة بشكل خفيف في إمارة الفجيرة وواضحة في إمارة رأس الخيمة.

وفي يوم 18 آذار (مارس) 2010 سجلت محطات الشبكة الإماراتية لرصد الزلازل التابعة للمركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل هزة أرضية بقوة 3.1 درجة على مقياس ريختر في المنطقة الواقعة بين دبي والفجيرة quot;منطقة المدامquot;.

وفي الخامس من يونيو العام 2010 سجلت هزة أرضية بقوة درجتين حسب مقياس ريختر في منطقة quot;دباquot; على بعد نحو 29 كيلومترا عن مدينة رأس الخيمة. كما سجلت هزة أرضية بقوة 3.4 درجة حسب مقياس ريختر على عمق 10 كيلومترات في منطقة دبا الحصن.

وفي 22 ديسمبر 2010 شعر سكان الشارقة والمناطق الشمالية بسلسلة من الهزات الأرضية بقوة 6.5 درجات حسب مقياس ريختر ترجع إلى حدوث زلزال في منطقة كيرمان جنوب إيران، على بعد 420 كيلومترا من رأس الخيمة، وكان على عمق نحو ستة كيلومترات. وشعر بعض سكان الأبراج العالية بالزلزال الرئيسي. وتم تسجيل 10 زلازل تابعة في المنطقة نفسها كان أقواها 5.7 درجات.

في التاسع من شهر أبريل الجاري 2013 تعرضت الدولة لهزة خفيفة جدا نتيجة وقوع زلزال في مدينة كاكي بمنطقة بوشهر بإيران بلغت قوته 6.1 درجة على مقياس ريختر. وفي السادس عشر من نفس الشهر تبعه زلزال آخر، حيث تعرضت الدولة لهزة محسوسة جراء زلزال مركزه على الحدود الباكستانية الإيرانية، بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر وبعمق 30 كيلومترا، وعلى بعد 650 كيلومترا شمال شرقي إمارة رأس الخيمة، ولم يتم تسجيل أية خسائر بشرية أو مادية في الدولة جراء الزلزال الذي رصدته محطات الشبكة الوطنية الإماراتية لرصد الزلازل.

وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات تقع من الناحية التكتونية على الطرف الشمالي الشرقي للصفيحة العربية، وتحدث الزلازل على طول نطاق تصادم الصفيحة العربية والأوروبية الآسيوية، إذ تشكلت سلسلة جبال زاغروس الإيرانية، وهي معروفة كواحدة من أكثر المناطق النشطة زلزاليا في العالم.

والزلازل هي اهتزازات مفاجئة تصيب القشرة الأرضية عندما تنفجر الصخور التي كانت تتعرض لعملية تمدد، وقد تكون هذه الاهتزازات غير كبيرة بل وتكاد تلاحظ بالكاد، وقد تكون مدمرة على نحو شديد. وللزلازل 3 أنواع هي الزلازل التكتونية والزلازل البركانية والزلازل المنتجة صناعيا.

الزلازل التكتونية

تعتبر الزلازل التكتونية أكثر الأنواع تدميرا وهي تمثل صعوبة خاصة للعلماء الذين يحاولون تطوير وسائل للتنبؤ بها. والسبب الأساسي لهذه الزلازل التكتونية هو ضغوط تنتج من حركة الطبقات الكبرى والصغرى التي تشكل القشرة الأرضية والتي يبلغ عددها 12 طبقة. وتحدث معظم هذه الزلازل على حدود هذه الطبقات في مناطق تنزلق فيها بعض الطبقات على البعض الآخر أو تنزلق تحتها. وهذه الزلازل التي يحدث فيها مثل هذا الانزلاق هي السبب في حوالي نصف الحوادث الزلزالية المدمرة التي تحدث في العالم وحوالي 75% من الطاقة الزلزالية للأرض.

كما تمتد المنطقة العرضة للزلازل التكتونية عبر البحر المتوسط وبحر قزوين حتى جبال الهيمالايا وتنتهي عند خليج البنغال. وتمثل في هذه المنطقة حوالي 15 % من طاقة الأرض الزلزالية، حيث تتجمع كتل أرضية بصفة مستمرة من كل من الطبقات الأوربية والأسيوية والأفريقية والأسترالية تنتهي بوجود سلاسل جبلية صغيرة ومرتفعة. وقد أدت الزلازل الناتجة من هذه التحركات إلى تدمير أجزاء من البرتغال والجزائر والمغرب وإيطاليا واليونان ويوغوسلافيا ومقدونيا وتركيا وإيران في حوادث عدة. ومن بين الأنواع الأخرى للزلازل التكتونية تلك الزلازل الضخمة المدمرة التي لا تقع بصورة متكررة، وهذه تحدث في مناطق بعيدة عن تلك التي يوجد بها نشاط تكتوني.