تخيم حالة من الاستياء على الحكومة العراقية بسبب تحركات لقوات البشمركة في مناطق انسحبت منها القوات العراقية، في وقتبدأ فيه وفد كردي مباحثات في بغداد تأمل منها واشنطن التوصل إلى مصالحة.

بدأ وفد كردي برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان بارزاني في بغداد اليوم الاثنين مباحثات مع كبار المسؤولين في الحكومة الاتحادية يتقدمهم رئيسها نوري المالكي، اضافة الى قادة الكتل السياسية في محاولة جديدة لحل الازمة بين الحكومتين في اجواء يخيم عليها استياء بغداد من تحركات لقوات البشمركة التي دخلت إلى المناطق التي انسحب منها الجيش العراقي.. لكن واشنطن والامم المتحدة عبرتا عن الامل في أن تفضي المباحثات الى مصالحة.
الوفد الكردي يحدد طبيعة مباحثاته في بغداد
وقبيل وصوله الى بغداد اليوم، بحث نجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان مع الوزراء والنواب الاكراد في مجلسي النواب والحكومة الاتحاديين وعدد من مسؤولي الاقليم والاحزاب الكردستانية الوضع السياسي العام في العراق والعلاقات الثنائية بين الحكومة الاتحادية والاقليم. وقال متحدث باسم بارزاني إن الاجتماع قرر تشكيل الوفد المغادر الى بغداد quot;لاجراء الحوار حول مستقبل العملية السياسية في العراق، والتي تواجه تحديات وتتطلب العمل من قبل جميع الاطراف من اجل تجاوزها وايجاد الحلول التي تخدم جميع مكونات الشعب العراقي وحل المشاكل العالقة بين حكومتي المركز والاقليمquot;.
ومن اجل الوصول الى هذا الهدف طالب الاجتماع وفد الاقليم اجراء حوارات واسعة وصريحة مع رئيس الوزراء نوري المالكي وكتلة التحالف الوطني الشيعي وكذلك مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي وممثلي قائمة quot;متحدونquot; بزعامته، وكذلك مع قادة القائمة العراقية والاطراف السياسية حول المستجدات على الساحة العراقية والعلاقات بين الطرفينquot;. كما قرر الاجتماع الاستمرار في التشاور وعقد جلسات قادمة بعد عودة رئيس وزراء الاقليم والوفد المرافق له من بغداد لإتخاذ الخطوات اللاحقة على ضوء نتائج الاجتماعات مع الاطراف العراقية ورئيس الوزراء الاتحاديquot; كما اوضح المتحدث الكردي.
استياء بغداد من انتشار القوات الكردية بمناطق انسحب منها الجيش العراقي
في غضون ذلك، قالت وزارة البيشمركة في حكومة اقليم كردستان إنها قامت بملء الفراغ الذي خلفه الجيش بعد انسحابه من المناطق المختلف عليها. وقال الامين العام للوزارة جبار ياور إن quot;الجيش العراقي ترك معظم قواعد ومقرات الوحدات العسكرية التابعة للفرق 5 في محافظة ديالى (وسط) و4 في صلاح الدين (غرب) و12 في كركوك ونينوى (شمال) لاسيما في اوقات الليل خشية تعرضها لهجمات المجاميع المسلحةquot;. واكد أن الامر تسبب في حصول فراغ كبير في المناطق المحيطة بالمدن والقصبات التابعة لتلك المحافظات لاسيما محيط مدينة كركوك المتنازع عليها. واشار الى أنه quot;من اجل حماية ارواح المواطنين بكل مكوناتهم القومية والاجتماعية والدينية والطائفية وبعد التشاور مع محافظ كركوك تقرر أن تقوم قوات البيشمركة بملء تلك الفراغات بشكل عام ومحيط كركوك بشكل خاصquot; . واوضح ياور أنه بعد الأحداث الدامية الأخيرة في البلاد quot;تحركت القوات العراقية خوفًا من مهاجمتها من قبل المجموعات المسلحة، وهذا أدى إلى فراغ في هذه المناطق والمدن التابعة للمحافظة وبالأخص في مدينة كركوك وضواحيهاquot;. وجاء انسحاب قوات الجيش العراقي من مواقعها عقب الأحداث الدامية التي تلت اقتحام ساحة الاعتصام بالحويجة الثلاثاء الماضي.
لكن قائد القوات البرية في الجيش العراقي الفريق علي مجيد غيدان حذر من انتشار البشمركة في مدينة كركوك بعد انسحاب الجيش، وقال إن ذلك يمثل محاولة لعزل الفرقة الـ12 من الجيش عن جنوب كركوك ووصف هذه الخطوة بالتطور الخطير. وأشار غيدان إلى أن وزارة الدفاع لديها اتفاق مع وزارة البشمركة على نشر نقاط تفتيش مشتركة في كركوك وديالى والموصل منذ عامين، quot;والذي حصل في كركوك اليوم يمثل خرقًا للاتفاقية بشكل سيولد نتائج وأحداثًا كثيرةquot;.
يشار إلى أن كركوك تضم قوميات مختلفة من الأكراد والعرب والتركمان وهي الجزء الرئيسي من الأراضي الشاسعة التي يطالب إقليم كردستان العراق بضمها في مواجهة اعتراضات شديدة من حكومة بغداد.
ومن جهتها، قالت وزارة الداخلية العراقية إنه quot;في الوقت الذي تنشغل فيه القوات العراقية بتداعيات الأعمال الإرهابية التي جرت مؤخراً في محافظتي كركوك والأنبار، فإن انتشار قوات البشمركة هذا جاء من دون موافقات الحكومة الاتحادية وأثار القلق من أن يؤدي إلى توترات وتصعيد امني خلافاً لما اتفقت عليه اللجنة الأمنية العليا بين وزارتي الدفاع والداخلية في حكومتي المركز والإقليمquot; .
وقالت الداخلية إن تاريخ الإخوة العربية الكردية والنضال المشترك الذي قامت به القوى الديمقراطية العربية والكردية، والتي لها مصلحة واقعية في استقرار العراق الجديد quot;يحتم على الإخوة في كردستان الحذر في اتخاذ إجراءات وسياسات من شأنها أن تضيف عاملاً آخر للتوتر في البلاد وهذا ليس في مصلحة استقرار العراق الاتحادي الديمقراطي وقد يصب في مصلحة القوى الإرهابية الساعية إلى إحداث فتنة طائفيةquot; .
ودعت الداخلية العراقية مسؤولي الملف الأمني والعسكري في إقليم كردستان العراق الىquot;مراجعة المواقف وتغليب المصلحة العليا والرجوع إلى الروابط الكبيرة والكثيرة التي تربط شعبنا بمختلف قومياته وطوائفه من اجل تفويت الفرصة على أعداء العراق والمتصيدين بالماء العكر من قوى الإرهاب الذين يحاولون استغلال الأمور وتوظيفها لخدمة مأربهم الدنيئة في النيل من وحدة بلدناquot;.

واشنطن والامم المتحدة عبرتا عن الامل بتوصل مباحثات نجيرفان لمصالحة
وقد رحبت الادارة الاميركية بزيارة نجيرفان بارزاني الى بغداد ومباحثاته مع المالكي وبقية القادة السياسيين .
وقالت السفارة الاميركية في بغداد في بيان quot;إن المسؤولين الأميركيين دأبوا على فتح قنوات اتصال وثيق مع القادة السياسيين الذين يمثلون جميع الأطياف في العراق من أجل تشجيع الخطوات الإيجابية مثل تلك الخطوة التي ترمي إلى تهدئة الأزمة الحاليةquot;. واهابت السفارة بجميع الأطراف النظر إلى اجتماع اليوم كفرصة لإتخاذ إجراءات إيجابية تجاه تحقيق المصالحة الوطنية التي ستمكن العراق من التغلب على خطر الإرهاب كما ستعمل على تعزيز المؤسسات الديمقراطية في البلاد وتحقيق الإزدهار للعراقيين كافة.
كما رحبت الامم المتحدة ايضًا بمساعي التهدئة والتوصل الى حلول للازمة بين بغداد واربيل خلال زيارة نجيرفان بارزاني واكد رئيس بعثتها في العراق مارتن كوبلر في تصريح صحافي ارتياحه للاجتماع، وقال: quot;آمل حقًا أن يسهم هذا الاجتماع إلى إيجاد حلول طويلة الأمد تستند إلى الدستور للتغلب على الأزمة الراهنة في العراق، وإلى عودة الوزراء الاكراد إلى عملهم في مجلس الوزراء الاتحادي قريبًاquot;. واضاف: quot;في هذه المرحلة الحرجة لابد من الجلوس معًا والتحدث بروح بناءةquot;.. وشدد على أن quot;الحوار هو أفضل وسيلة للتغلب على المشاكلquot;. واشار كوبلر الى أن كلا الطرفين quot;بحاجة إلى معالجة المسائل العالقة وإلى الأبد مثل الشراكة الحقيقية والأمن والميزانية وتقاسم الواردات بطريقة شفافة وصريحةquot;.
وقالت مصادر كردية إن مباحثات بارزاني تهدف الى إعطاء المحادثات دفعة قوية لتسوية الخلافات بين حكومتي بغداد أربيل والأزمة السياسية ككل في البلاد، في ظل الرغبة القائمة في التمسك بالحوار والابتعاد عن العنف.
وكانت القيادة الكردية قررت في وقت سابق إرسال وفد الى بغداد للبحث في الخلافات بين الطرفين فيما يواصل الوزراء والنواب الاكراد مقاطعة اجتماعات مجلسي النواب والحكومة الاتحاديين.
وتبادل التحالفان الوطني والكردستاني خلال الاسبوعين الأخيرين الرسائل والوفود لغرض معالجة القضايا العالقة وأبرزها المادة 140 من الدستور ومستحقات الشركات النفطية الأجنبية ومصير قوات البيشمركة والشراكة الوطنية. وهناك مشاكل قديمة بين بغداد وأربيل بشأن مناطق متنازع عليها وإدارة الثروة النفطية، وكذلك ميزانية حرس الإقليم quot;البيشمركةquot; وغيرها.
وتميزت علاقة كردستان بالتوتر الشديد مع الحكومة الاتحادية خلال الولاية الثانية لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي تتهمه القيادة الكردية بالتفرد في القرارات وقيادة البلاد نحو الدكتاتورية.