لقي شيخ الأزهر أحمد الطيب حفاوة كبيرة حين وصل إلى الإمارات زائرًا، وتم تكريمه بعد إعلانه شخصية العام من قبل جائزة الشيخ زايد للكتاب. أعادت هذه الزيارة الدفء إلى العلاقات بين المصريين والإماراتيين، لكنها لم تكسر الجليد بين الحكومتين.


أحمد قنديل من أبوظبي: أكد مواطنون مصريون مقيمون في الإمارات أن زيارة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، للإمارات أعادت جزءًا كبيرًا من الدفء المفقود إلى العلاقات المصرية الإماراتية، التي تأثرت بشكل ملحوظ بعد وصول جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر.

لكنهم أوضحوا لـquot;إيلافquot; أن هذا الدفء لم يعد على المستوى الرسمي مع حكومة الإخوان، إنما عاد على المستوى الشعبي، لافتين إلى أن حفاوة الاستقبال، التي وجدها شيخ الأزهر في الإمارات، تؤكد أن العلاقة بين الحكومة الإماراتية ومؤسسة الأزهر والشعب المصري على خير ما يرام، وما زالت قوية.

لتجسير الهوة
ذكر المهندس حسام فضل أن زيارة شيخ الأزهر للامارات أكدت متانة الروابط بين مصر والإمارات، بغضّ النظر عن محاولات أي فصيل سياسي، مثل جماعة الاخوان المسلمين، لتشويه تلك العلاقة وإشعال فتيل التوتر.

وأشار إلى أن اختيار الشيخ أحمد الطيب شخصية العام الثقافية، التي أعلنت عنها جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السابعة للعام 2013، كان رسالة مهمة، فالإمارات لا تخلط بين علاقتها المتوترة مع جماعة الإخوان الحاكمة في مصر وعلاقتها الممتازة مع الشعب المصري ومؤسساته المستقلة.

وقالت الموظفة إيمان سعيد إن زيارة الشيخ الطيب إلى الإمارات قربت المسافات كثيرًا بين القاهرة وأبوظبي، وأشعرت الشعبين المصري والإماراتي بأن العلاقات التاريخية بينهما لا يمكن أن تتراجع أو تتأثر سلبًا بسبب أي فصيل أو جماعة.

وأشارت إلى ضرورة وجود مبادرات وزيارات شعبية تعمل على اعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، وأن الأزهر وشيخه عليهما دور كبير ومهم في تجسير الهوة التي بدأت تتسع في الآونة الأخيرة بين القاهرة وأبوظبي.

إشادة بالأزهر
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أمس الأحد في قصر الإمارات، وهنأه باختياره شخصية العام الثقافية. كما أشاد بدور الأزهر الريادي في المجالات الفكرية والثقافية والحضارية ومواقفه الداعمة للقضايا الإسلامية والعربية، مشيرًا إلى أن تلك المواقف نابعة من المكانة العالية التي تبوّأها الأزهر الشريف منذ قرون عديدة، كمنارة علمية ودينية تنشر قيم الإسلام العظيمة في الاعتدال والتسامح والسلام والمحبة، في مواجهة دعاة الغلو والتشدد والتطرف.

وأشاد أيضًا بمواقف الأزهر الواضحة والصريحة في تصديه بكل حزم لكل ما من شأنه أن يمسّ جوهر وعقيدة الإسلام ودوره في المحافظة على النسيج العقائدي للمسلمين بما يحمله من تعدد وتنوع غني بالأفكار والرؤى التي تنسجم مع أصول الشريعة وروح الإسلام.

مساهمات في توحيد الصفوف
أكد الشيخ محمد بن زايد حرص الإمارات على تعزيز تعاونها مع الأزهر الشريف في كل المجالات التي تخدم الإسلام وأهله في المجالات العلمية والدينية والتعليمية وغيرها من المجالات.

وأثنى على مساهمات شيخ الأزهر الفكرية والعلمية في إثراء المكتبة العربية والإسلامية بطيف واسع من البحوث والدراسات والأعمال القيمة التي تعالج القضايا الجديدة والمتجددة، ودور فضيلته في قيادة الأزهر الشريف بكل مسؤولية، ودعوته الدائمة إلى نشر تعاليم ديننا الحنيف السمحة ومساعيه الخيرة إلى توحيد صفوف المسلمين ودرء المخاطر عنهم وانتهاجه أسلوب الحوار والتفاهم والتعاون في معالجة القضايا الخلافية.

من جانبه، أشاد الطيب بالقيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، ودوره في دعم قضايا الإسلام والمسلمين، وهو امتداد للنهج الذي أسسه الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وثمّن المبادرات التي تقوم بها الإمارات لدعم رسالة الأزهر ونهجه في تبني وسطية الدين ويسره وسماحته.

فائزون وجوائز
شهد الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني الإماراتي نائب رئيس المجلس التنفيذي في أبوظبي، مساء أمس، حفل توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السابعة، كما كرّم الفائزين، وعلى رأسهم شيخ الأزهر، الفائز بجائزة الشيخ زايد لشخصية العام الثقافية.

ويعد الطيب من الشخصيات التي تجمع بين البحوث الأكاديمية المتخصصة في الفلسفة، التي درس أصولها في فرنسا، والبحوث العلمية الجادة والمنهج التدريسي الناجح في جامعات عربية عديدة، فضلًا عن كونه من العلماء الذين يمثلون الوسطية الإسلامية.

وكرّم الشيخ هزاع الفائزين بالجائزة، وهم الكاتبة اللبنانية الدكتورة إليزابيث سوزان كساب الفائزة بفرع التنمية وبناء الدولة عن كتابها quot;الفكر العربي المعاصر.. دراسة في النقد الثقافي المقارنquot;، والكاتب المغربي عادل حدجامي الفائز بفرع المؤلف الشاب عن كتابه quot;فلسفة جيل دولوز في الوجود والاختلافquot;، والكاتب التونسي الدكتور فتحي المسكيني الفائز بفرع جائزة الشيخ زايد للترجمة عن ترجمته لكتاب الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر quot;الكينونة والزمانquot;.

كما كرّم الكاتب العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم الفائز بفرع الفنون والدراسات النقدية عن كتابه quot;التخيل التاريخي.. السرد والإمبراطورية والتجربة الاستعماريةquot;، والباحثة البريطانية مارينا وورنر الفائزة بفرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى عن كتابها quot;السحر الأغرب.. وألف ليلة وليلةquot;، وتسلمت الجائزة نيابة عنها ابنتها بياترس.

وحصل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت على جائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الثقافية، لدوره الرائد خليجيًا وعربيًا منذ تأسيسه، وتسلم الجائزة علي اليوحه، الأمين العام للمجلس. وتم حجب جائزة الشيخ زايد لأدب الطفل والناشئة وجائزة الشيخ زايد للآداب.

الطيب مكرّمًا
عقب تكريمه، ألقى شيخ الأزهر كلمة تقدم فيها بالشكر الجزيل للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، القائمين على أمر هذه الجائزة. وقال: quot;أقدم شكري لذكرى الراحل العظيم حكيم العرب وفارسها المغوار وباعث نهضة دولة الإمارات الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هذا البطل العربي الذي لا تزال مآثره الخالدة وأياديه البيضاء ممتدة في ربوع مصر كلها، بل في جميع أنحاء العالم، ناطقة بفضله وشاهدة بنبله وأريحيته وغوثه للفقراء والمعوزين، وحسبه فضلا قول الله تعإلى quot;إنا نحن نكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبينquot;.

أضاف: quot;امتدت آثار الراحل إلى الأزهر الشريف تدعمه وتشجعه، وحسبنا أن نذكر بالفضل مركز الشيخ زايد للغة العربية لغير الناطقين بها في الأزهر، الذي يتعلم فيه خلق كثير، والمشروع الضخم بإنشاء مكتبة حديثة للأزهر لجمع آلاف مخطوطاتهquot;.

وتابع: quot;أعتز بالجائزة وقيمتها الأدبية والعالمية وما ترمز إليه تخصصاتها المتعددة من تكريم للإبداع والشباب الموهوبين، وأعد ذلك من معالم يقظة الإمارات واحتضانها لثمرات العقول، وأحسب أن هذا التقدير يشجعنا جميعًا على المضي على طريق الوسطية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة والتمسك بالسلم والأمن والتعايشquot;.

تثمين وإشادة
ثمّن الطيب دعم الأزهر ورسالته من خلال تشييد المباني والمرافق لخدمة الطلاب ومنتسبي الجامعة والكليات والمعاهد الأزهرية لتلقي العلوم والمعارف النافعة، ورفدها وتجهيزها بجميع مستلزماتها، منوهًا بمركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وما يؤديه من أدوار مهمة في تأهيل الطلاب وتمكينهم من مهارات اللغة العربية لمتابعة الدراسة في كليات جامعة الأزهر الشريف.

وأشاد الطيب بالأعمال الخيرية والإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات إلى الدول والشعوب المحتاجة، والتي كان لها الأثر البالغ، في ما وصلت إليه الدولة من سمعة طيبة على المستوى الدولي، إضافة إلى دعم المؤسسات والهيئات الدينية والعلمية المعنية في نشر تعاليم الإسلام وثقافته.