يستقبل رئيس الوزراء البريطانيالاربعاء في مقرّه، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، ومن المتوقّع أن تشمل المباحثات بينهما التبادل التجاري وصفقات تزويد الامارات بأسلحة متطورة وزيادة الاستثمارات الاماراتية في بريطانيا.


عادل درويش من لندن: يستقبل رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الاماراتالأربعاء في مقره برقم 10 دواننغ ستريت، وذلك ضمن برنامج زيارة الدولة الرسمية للرئيس الاماراتي، وسط تقارير عن طلب بريطانيا العفو عن ثلاثة من مواطنيها حكم عليهم بالسجن اربع سنوات في دبي لحيازتهم المخدرات، بينما اتهم اقاربهم شرطة دبي بالحصول على اعترافاتهم باستعمال التعذيب.

قضية في طريقها إلى الحلّ

وعقب اثارة الصحافة الأمر افادت مصادر داوننغ ستريت ان ادعاءات المساجين الثلاثة، ادرجت في اليومين الماضيين على جدول اعمال مزدحم يبحثه الوزراء والمسؤولون البريطانيون برئاسة كاميرون مع ضيوفهم الإماراتيين الذين يترأسهم رئيس وزراء اتحاد الامارات الشيخ منصور بين زايد آل نهيان.

جدول أعمال ثريّ

تشمل المباحثات التبادل التجاري وصفقات تزويد الامارات بأسلحة بريطانية متطورة في مجال تسليح الطيران، مركزة قوة بريطانية،وزيادةالاستثمارات الاماراتية في بريطانيا والتي تزيد عن خمسة بلايين جنيه استرليني (ثمانية بلايين دولار).

الملكة: قيادة حكيمة وملهمة

وكان الرئيس الاماراتي حضر الثلاثاء حفل غداء اقامته الملكة اليزابيث الثانية في قلعة ويندسور بعد ان تفقدا حرس الشرف كالمراسم الرسمية لزيارة الدولة، بصحبة الامير فيليب دوق ادنبره.

وفي ترحيبها، قالت الملكة إن البلدين تربطهما علاقات صداقة تاريخية قبل تأسيس الامارات على يد والد الضيف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي وصفت الملكة قيادته لدول الاتحاد quot;بالحكيمة والملهمة بالإرشادquot;.

وكان الشيخ زايد اعتبر بريطانيا اقرب اصدقائه في العالم، مثلما قال لكاتب هذه السطور في مقابلة صحفية عام 1989، عشية زيارة دولة رسمية نزل فيها ضيفًا على الملكة التي أكدت أن العلاقات بين البلدين ساعدت على تقوية التجارة.

المحافظون يرمّمون أخطاء العمّال

وكان مستوى التجارة والتعاون بين بريطانيا والامارات قد تراجع كثيرًا عقب سياسة حكومة العمال بزعامة هارولد ويلسون، خاصة مع سحب البحرية الملكية من الخليج وتقليص تواجد بريطانيا شرق السويس، خلافًا لنصائح الشيخ زايد والساسة العرب، ورغم مساعدة الخبراء البريطانيين في مشروع الشيخ زايد للتحديث بخلافة اخيه الاكبر الشيخ شخبوط ( والذي كان تقليديًا مناهضًا لمشروع التحديث) في زعامة امارة ابوظبي وتأسيس دولة الاتحاد في عام 197، وهو نفس عام سحب الاسطول البريطاني من الخليج، واستغلال شاه ايران للفراغ باحتلال ثلاث جزر اماراتية.

ولا يعتبر المراقبون والمؤرخون ذلك الانسحاب أحد اسباب انخفاض التبادل التجاري في السبعينات ومطلع الثمانينات فحسب، بل حماقة في السياسة الخارجية البريطانية تجاه العرب، وهو ما يحاول المحافظون اليوم بزعامة كاميرون اكمال اصلاحه الذي بدأ على يد الزعيمة البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر التي انتهجت سياسة تشرشلية في التعامل مع الاصدقاء التاريخيين العرب.

دلالات زيارة الدولة

وزيارة الشيخ خليفة، هي زيارة الدولة الاولى منذ زيارة ابيه الراحل، قبل 22 عامًا.

وحسب البروتوكول الملكي البريطاني فإن زيارة الدولة هي تكريم من التاج البريطاني إذ أنّ الملكة هي رأس الدولة، ورأس الكنيسة وحامية الدين.

وتختلف زيارة الدولة عن الزيارة الرسمية، وزيارات العمل، فزيارة الدولة تتم بدعوة من الملكة ndash; باقتراح من مجلس الوزراء يقدم الى مجلس المشورة الملكي الخاص privy council - الى رئيس دولة، مرة واحدة فقط في حياته اثناء فترة حكمه، ولا توجه دعوة أخرى إلا لخليفته اذا ظلت الصداقة حميمة وعلى مستوى مرتفع.

بين الامس واليوم... الصداقة مستمرّة

وكانت زيارة الشيخ زايد أتت عامين بعد توقيع صفقة مقاتلات فرنسية ميراج 2000 للسلاح الجوى الاماراتي ndash; والذي كان يتعرض لضغوط من ايران بسبب الحرب العراقية الايرانية واستهداف الناقلات، في تصعيد بدأه صدام حسين.

ورأى المراقبون الصفقة وقتها على أنها أعلى درجات الانخفاض والتراجع في العلاقات مع بريطانيا التي كانت تاريخياً مصدر سلاح الامارات.

وتم اثناء زيارة الشيخ زايد توقيع اتفاقيات تجارة جديدة. وفي مجال الاستثمارات السياحية حيث يزور الامارات اكثر من مليون بريطاني كل عام. بينما يبلغ حجم التجاور بين بريطانيا والإمارات اكثر من عشرة بلايين جنيه استرليني يتوقع أن ترتفع الى 12 بليوناً في عام 2015 ،حسب تقديرات مصادر غرفة التجارة في دبي.

ويتواجد سرب من سلاح الجو الملكي في قاعدة المنهاد جنوب دبي للمشاركة مع الطيران الاماراتي في حماية سماء البلاد منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وقد انفقت وزارة الدفاع الاماراتية ملايين الجنيهات على تحديث وتطوير القاعدة في السنوات الاخيرة، كمحطة مرحلية لاستضافة القوات البريطانية التي ستنسحب من افغانستان ابتداء من نهاية العام وربما لبقاء بعضها فترة اطول.

بلد التسامح والتعدّد

الإمارات هي اكثر بلدان الخليج تسامحًا واستضافة للثقافات غير الاسلامية والعربية، وذلك لتعدد الجنسيات والاستثمارات فيها، حيث يتمتعغير الاماراتيين فيها بحريات السلوك واللهو اكثر من اي بلد آخر في المنطقة، خاصة بعد الازدهار والثورة الاقتصادية في الامارات التي انتقلت بالبلاد من اقتصاد بدائي يعتمد على صيد السمك والغطس بحثاً عن اللؤلؤ والتجارة البسيطة مع الهند وايران حنى نهاية الخمسينات ومطلع الستينات من القرن الماضي.

ويقيم في الامارات اكثر من مائة الف بريطاني، بينما تسجل غرفة تجارة دبي 2657 مشروعًاوصاحب عمليتلقون الدعم وهم ممثلون بمجلس الاعمال البريطاني في الامارات.

وقد شهد عام 2011 وحده زيادة 17 % بين التجارة بين دبي وبريطانيا في خارج قطاع البترول ومشتقاته، بينما ازدادت على مستوى الاتحاد بنسبة 22 % لتصل اكثر من ثلاثة بليون جنيه في العام.

وتصدر بريطانيا الى الامارات اجهزة الاتصالات والدفاع وتوليد الطاقة ومعدات التصنيع، والنقل العام.

وبسبب التوسع في التجارة وازدياد حاجة الامارات الدفاعية، من المتوقع أن تشمل مباحثات الوفد الوزاري المصاحب للشيخ خليفة، زيادة القدرات الدفاعية الجوية للامارات، بالمقاتلة البريطانية الجديدة تيفون.

وعلمت quot;ايلافquot; أن الجانبين يبحثان مركزة قوة بريطانية quot;ذكيةquot; من القوات المنسحبة من افغانستان، أي قوة سريعة الحركة قادرة على دعم القوات الاماراتية والقوات العربية الصديقة في غضون ساعات عند الحاجة.