بحث الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مع ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، في سبل التصدي للتحديات التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني، ووضع حد للصراع في سوريا، واعطاء دفع جديد لعملية السلام، بالإضافة إلى موضوع البريطانيين الموقوفين في الإمارات بتهمة حيازة المخدرات.


لندن: عقد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، جلسة مباحثات في quot;‬10 داوننغ ستريتquot; بلندن، أمس، مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في إطار زيارة الشيخ خليفة الرسمية إلى بريطانيا، تلبية لدعوة من الملكة إليزابيث الثانية. وأكد رئيس دولة الإمارات أن بلاده تتطلع إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية الاستراتيجية مع المملكة المتحدة، عبر تحقيق الاستدامة في المشروعات الاستثمارية المشتركة، بما يسهم في رفع معدلات النمو التجاري والاستثماري، بين الجانبين، إلى مستويات أفضل خلال السنوات المقبلة. كما بحث الجانبانفي عدّة قضايا بينها سبل التصدي للنووي الإيراني والأزمة في سوريا وعمليّة السلام بالاضافة الى قضية الموقوفين البريطانيين الثلاثة المسجونين في دبي

تعزيز التعاون

وجرى، خلال المباحثات، استعراض عدد من الموضوعات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وبحث السبل الكفيلة بتعزيز العلاقات بين البلدين، بما يسهم في فتح آفاق أوسع من التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين الصديقين. كما جرى تبادل وجهات النظر، حول التطورات والمستجدات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، والجهود الدولية المبذولة من مختلف الأطراف، بهدف إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة.

وأكدالشيخ خليفة حرص دولة الإمارات على تعزيز التواصل بين البلدين، وتنسيق الجهود المشتركة، لما يحقق المصالح المشتركة، ويعود بالخير والمنفعة على شعبي البلدين الصديقين.

بدوره، أشاد رئيس الوزراء البريطاني بمواقف دولة الإمارات العربية المتحدة، الرامية إلى تحقيق السلام الشامل في المنطقة، والدفع بمبادرات السلام في العديد من مناطق التوتر بما يحقق السلام والأمن والاستقرار للشعوب، ويفسح المجال واسعاً أمام تحقيق تطلعاتها في العودة إلى التنمية والبناء. وقال إن دولة الإمارات من بين الدول، التي تحتذى في تطبيق سياسات متوازنة وحكيمة، على المسارين الداخلي والخارجي، وتبنى على أسس متينة وأهداف استراتيجية نبيلة، تعتمد على إيجاد شراكات عدة، ضمن منظومة دولية واحدة، ما مكنها من إحداث نقلة حضارية غير مسبوقة بين شعوب دول المنطقة.

كما بحث رئيس الدولة، ورئيس وزراء بريطانيا، التعاون الثنائي في العديد من المجالات، لاسيما الاقتصادية والاستثمارية، في ظل ما تشهده العلاقات الاقتصادية الثنائية من تطور ونمو متواصلين في العديد من القطاعات، خصوصًا الصناعة والتجارة والطاقة البديلة والصحة والتعليم والمجال العسكري، وغيرها.

وقال رئيس الدولة إن دولة الإمارات تتطلع إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية الاستراتيجية مع المملكة المتحدة، عبر تحقيق الاستدامة في المشروعات الاستثمارية المشتركة، بما يسهم في رفع معدلات النمو التجاري والاستثماري بين الجانبين، إلى مستويات أفضل خلال السنوات المقبلة. وأبدى رئيس الوزراء البريطاني اهتمام بلاده بتعزيز قنوات التواصل عبر اللجان المشتركة، بهدف إنشاء العديد من المشروعات التنموية والاستثمارية بين البلدين الصديقين.

واتفق الجانبان على تعزيز دور القنوات الحكومية الرسمية للبلدين والقطاع الخاص، في توجيه المزيد من الاستثمارات وتعزيزها، من خلال تفعيل دور القطاع الخاص والمستثمرين في البلدين، عبر توفير المزيد من الحوافز والتسهيلات الممكنة، التي من شأنها أن تحقق تطورًا ملموسًا في حجم الاستثمارات المباشرة، والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين.

وأعرب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في ختام المباحثات عن تقديره، للحفاوة التي قوبل بها سموه والوفد المرافق، من الملكة إليزابيث ودوق أدنبرة والعائلة المالكة والحكومة والشعب البريطاني الصديق. وقال الشيخ خليفة إن quot;هذه الزيارة سيكون لها أعمق الأثر في نفسي ونتائج مهمة في تطور العلاقات، بين بلدينا وشعبينا الصديقينquot;.وبدوره، أكد كاميرون أن زيارة رئيس الدولة الى بريطانيا تشكل خطوة مهمة في مسيرة العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين، وستكون لها نتائج إيجابية مهمة في تطور العلاقات بينهما مستقبلاً، إلى مستويات أكثر تقدمًا تعكس عمق الروابط بين شعبي وقيادتي البلدين.

مخاوف

وقال متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية ان كاميرون بحث مع ضيفه الشيخ خليفة quot;مخاوف المملكة المتحدة المتعلقة بمعاملة البريطانيين الثلاثة الذين أدينوا بحيازة مخدرات في دبيquot;. واضاف أن كاميرون شدد على اهمية اجراء تحقيق مستقل في هذه القضية. وتنفي السلطات الاماراتية بشدة أن يكون البريطانيون الثلاثة، الذين اوقفوا في تموز (يوليو) بتهمة حيازة مخدرات اثناء اجازة في الامارات، قد تعرّضوا لسوء معاملة. وقد صدر بحق كل منهم الاثنين حكم بالسجن اربع سنوات.

كما بحث الرئيس الاماراتي مع رئيس الوزراء البريطاني في سبل quot;التصدي للتحديات التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني، ووضع حد للصراع المروع والخطر في سوريا، واعطاء دفع جديد لعملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيينquot;. واضاف المتحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية أن quot;الزعيمين اتفقا على أن العلاقة (بين البلدين) تطورت بشكل ملفت في السنة الماضية، ولا سيما عبر بناء شراكة في مجال الدفاع اكثر عمقًا وقوة، فضلًا عن علاقة تجارية جديدةquot;.

والتقى الرئيس الاماراتي ايضًا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، وتطرقت المباحثات بينهما الى اوضاع المدنيين في سوريا والنساء في الصومال، كما اعلن هيغ في اعقاب اللقاء. وقال الوزير البريطاني quot;نحن نتشاطر المخاوف العميقة نفسها ازاء الازمة الانسانية المتعاظمة في سورياquot;. واعلن الطرفان أن كلًا من لندن وابوظبي ستساهم بمبلغ مليون جنيه استرليني (1.5 مليون دولار) لمساعدة الصومال على مكافحة العنف الجنسي. وسيتم التطرق الى هذا الموضوع ايضًا في المؤتمر الدولي حول الصومال، الذي تستضيفه لندن الثلاثاء.

وقال الشيخ خليفة رئيس دولة الإمارات إن بلاده quot;يسرّها أن تتمكن عبر هذه المساهمة من دعم الحكومة الصومالية في جهودها لحماية النساء وجعلهن اكثر قوةquot;. وكانت الملكة اليزابيث الثانية استقبلت الرئيس الاماراتي في قصر ويندسور الثلاثاء في اليوم الاول من زيارته.

كما التقى الشيخ خليفة في ختام زيارته الرسمية للمملكة المتحدة أمس بقصر ldquo;كلارينس هاوسrdquo;، الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا أمير وليز. ورحب الأمير بضيفه والوفد المرافق، مشيداً بعمق العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط دولة الإمارات والمملكة المتحدة، وما تحظى به من دعم من قيادتي البلدين، والحرص على تنميتها وتطويرها في مختلف المجالات. وقال إن هذه الزيارة تعتبر محطة تاريخية مهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين.

جرى خلال اللقاء - الذي حضره الأمير أندرو دوق يورك - تبادل الأحاديث الودية حول العلاقات بين البلدين، وسبل تنميتها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين.

بعد ذلك، اصطحب الأمير تشارلز، الشيخ خليفة لزيارة مدرسة الأمير للفنون التقليدية ومركز اكسفورد للدراسات الإسلامية، حيث اطلع الشيخ خليفة على ما يحتويه المركز من دراسات وكتب وإصدارات تتعلق بالإسلام والعالم الإسلامي. وأكد الشيخ خليفة حرص دولة الإمارات على التعريف بمفاهيم الدين الإسلامي الحنيف التي تقوم على الوسطية والاعتدال وتقبل الطرف الآخر والابتعاد عن التشدد والتطرف، مشيراً إلى أن الإسلام دائماً يدعو إلى المحبة والتآخي والسلم ونبذ العداء والكراهية.

بعد ذلك، توجه الشيخ خليفة إلى حديقة القصر مع الأمير تشارلز لتناول الشاي، حيث تبادلا الأحاديث الودية حول العمل على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المشترك بين البلدين في شتى المجالات. وتمنى الأمير تشارلز للشيخ خليفة الصحة والسعادة ولدولة الإمارات المزيد من التقدم والرخاء. وأعرب الجانبان عن ثقتهما بأن هذه الزيارة سيكون لها الأثر الإيجابي على العلاقات المتنامية بين البلدين والشعبين الصديقين.

إكليل على قبر الجندي المحهول

وفي محطة أخرى من محطات زيارة الشيخ خليفة إلى المملكة المتحدة، توجه بعد ظهر أمس إلى كنيسة ويستمنستر آبي، ليضع إكليلًا من الزهور على ضريح الجندي المجهول، هذا النصب الذي زاره 70 رئيسًا من رؤساء العالم، منذ إنشائه في العام 1920.
ورافق الشيخ خليفة أعضاء الوفد الرسمي المرافق، والملازم ثاني موزة النعيمي، أول امرأة إماراتية تتخرج في أكاديمية ساندهرست العسكرية الملكية، والملازم أول حمد العامري.
دوّن الشيخ خليفة كلمة في سجل كبار الزوار، كتب فيها: quot;إننا في دولة الإمارات نثمن عاليًا الأرواح التي ضحت في سبيل الأوطان والذود عنها، وإن حب الأوطان والتضحيات من أجلها هو غاية كل إنسان يحرص على صون تراب وطنه وعزته وشرفهquot;.
ويذكر أن جثمان الجندي المجهول أحضر من فرنسا في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1920، تعظيمًا لذكرى جنود قتلوا في الحرب العالمية الأولى، ولم يتم التعرف إلى هويتهم.والنصب هذا مقام في كنيسة ويستمنستر، المجاورة لقصر بكنغهام، وفيها يتم تتويج ملوك بريطانيا منذ العام 1066. وتم تتويج الملكة إليزابيث الثانية أيضا في هذه الكنيسة في العام 1953.
ورافق رئيس دولة الإمارات في زيارته إلى بريطانياالشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، والشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، والشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، وأحمد جمعة الزعابي نائب وزير شؤون الرئاسة، وعبدالرحمن غانم المطيوعي سفير الدولة لدى المملكة المتحدة، ودومينيك جيرمي سفير المملكة المتحدة لدى الدولة.