يؤكد رجال الأمن في العراق، أنهم يستعملون أجهزة الكشف عن المتفجرات رغم معرفتهم بفشلها، وتسببها بمقتل الكثير من العراقيين، إلا أن السلطات تفرض عليهم استخدامها ولا حل لديهم سوى التنفيذ.


بغداد: يؤكد عناصر في قوات الامن العراقية أن أجهزة كشف المتفجرات التي سجن بسببها رجل اعمال بريطاني بعدما تبين انها مزيفة quot;مفروضةquot; عليهم، رغم انها تسببت ولا تزال تتسبب بمقتل العديد من العراقيين.

مفروضة رغم فشلها
وقال شرطي لوكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه وهو يحمل بيده جهازا مماثلا عند نقطة تفتيش في الكرادة وسط بغداد quot;الجهاز فاشل مئة بالمئة ونحن نعرف ذلك، لكنه مفروض علينا، ولا يمكننا ان نخالف الأوامر الصادرةquot;.
وأضاف ساخرا quot;لو فرضوا علي استخدام ماسحة للارض وقالوا انها تكشف المتفجرات في السيارات، لفعلت ذلك دون تردد، فلا خيار ليquot;.

التزوير تسبب بمقتل الأبرياء
وحكمت محكمة بريطانية الخميس على مدير شركة quot;ايه تي اس سيquot; البريطانية جيمس ماكورميك بالسجن عشر سنوات بعد إدانته ببيع الاجهزة المزيفة الى السلطات العراقية، مشيرة الى أنه جنى أرباحا طائلة من هذه الاجهزة تقدر بنحو 59 مليون يورو.
وقال القاضي ريتشارد هون لماكورميك (54 عاما) الذي اعتقل في بداية عام 2010، خلال جلسة النطق بالحكم ان quot;الخدعةquot; التي مارسها سعيا وراء المال quot;تسببت بقتل وإصابة أبرياءquot;.
من جهته، اكد العميد البريطاني سايمون مارينر الذي خدم في العراق ان quot;تفجيرات وقعت (في اليات) بعد عبورها نقاط التفتيشquot; التي يستخدم عناصر قوات الامن عندها اجهزة الكشف هذه، مضيفا ان quot;مدنيين عراقيين قتلوا نتيجة ذلكquot;.

البديل في الطريق...
وكانت وزارة العمل البريطانية أعلنت في وقت سابق ان quot;الاختبارات كشفت ان التكنولوجيا المستخدمة في الجهاز +اي دي اي 651+ والاجهزة المماثلة غير مناسبة للكشف عن القنابلquot;.
وتعليقا على الحكم، قال الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية العراقية عدنان الاسدي، ارفع مسؤول في الوزارة، في تصريح لوكالة فرانس برس ان quot;وزارتنا قدمت شكوى على الشركات العراقية التي تعاقدت على الجهاز والبديل في الطريقquot;.
ورأى الضابط برتبة نقيب في وزارة الدفاع العراقية صالح محمد انه quot;لا بد من ادانة الحكومة البريطانية وتحميلها مسؤولية جميع التفجيرات التي وقعتquot;.
واضاف ان quot;بريطانيا بلد متقدم ولديها سيطرة نوعية وجمارك. الا يعلم المسؤولون هناك كيف جرى تسويق هذه الاجهزة؟ الا يعلمون انها لا تعمل بحسب فحصهم لها؟ ألم يأخذوا ضرائب لقاء تصديرها؟quot;.
وتابع أن quot;بريطانيا شريكة في الجريمة لانها انتظرت كل هذه الفترة التي على اثرها سقط آلاف القتلى والجرحى نتيجة عدم صلاحية الجهازquot;.
وذكر النقيب ان quot;الجندي نفسه الذي يحمل الجهاز غير مقتنع به لكنه مفروض عليه. قلنا للمسؤولين في السابق ان هذا الجهاز لا ينفع لكنهم أرادوا ان يظهروا للناس انهم يحاولون إنجاز شيءquot;.

الجهاز يباع بالملايين في العراق
من جهته، قال الشرطي حسين جواد quot;نحن نعرف ان الصفقة هي صفقة فاسدة من البداية، ونحن نعرف ان الجهاز ذاته يباع ب25 دولارا في لبنان فيما اشترته الحكومة ب 50 الف دولار. هكذا يكون الفسادquot;.
وأنفقت وزارة الداخلية العراقية اكثر من 143,5 مليار دينار عراقي (حوالى 119,5 مليون دولار) لشراء اجهزة الكشف من هذا النوع عام 2007، عندما quot;كانت البلاد في شبه حرب اهلية وتقع التفجيرات الارهابية على نطاق واسعquot;، بحسب ما قال المفتش العام لوزارة الداخلية عقيل الطريحي لفرانس برس العام الماضي.
ودفع العراق مبالغ كبيرة تتراوح بين 45 و65 مليون دينار عراقي (حوالى 37,5 الى 54,100 الف دولار) لكل جهاز من هذا النوع quot;فيما كان يباع في مناطق اخرى بثلاثة الاف دولارquot;، على حد قول الطريحي ايضا.

التفجيرات تثبت فشل الأجهزة
وتخضع السيارة عند توجه مؤشر الجهاز اليها لفحص يقتصر احيانا على النظر في داخلها والسؤال عما اذا كان هناك اسلحة.
لكن المتمردين الذي يشنون هجمات يومية في العراق منذ غزو البلاد عام 2003 قتل فيها عشرات الآلاف، يتمتعون بخبرة تمتد لسنوات طويلة في إخفاء الاسلحة والمتفجرات في اماكن عميقة ابعد بكثير عن صندوق سيارة.
ويوما بعد يوم، تثبت التفجيرات المتواصلة في العراق فشل جهاز الكشف الذي غالبا ما يتسبب بزحمة سير خانقة.
وقال ياسر الخطاب (35 عاما) وهو صاحب محل لبيع المواد الالكترونية في وسط بغداد ان quot;قضية الاجهزة التي استوردتها الحكومة، مثل قضية شخص كذب وصدق كذبتهquot;.
واضاف quot;هم يعلمون جيدا انها لا تعمل لكنهم يستخدمونها كعامل نفسي فقط وسيستمرون في استخدامها لان حتى اليوم ليس لديهم اي شي اخر يستعرضون به امام الجمهورquot;.